في أول أيام زيارته الرسمية إلى واشنطن حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء أمس الأربعاء من أنّ برنامج الولايات المتحدة للاستثمارات والإعانات لمساعدة الشركات المحلية يهدّد "بتفتيت الغرب".
ويشير حديث الرئيس الفرنسي إلى برنامج الدعم الهائل للانتقال في مجال الطاقة الذي وضعه الرئيس جو بايدن ويُطلق عليه قانون خفض التضخم.
والقانون الذي سعت إليه إدارة بايدن ودخل حيّز التنفيذ في أغسطس/ آب الماضي، يهدف إلى خفض تكاليف معيشة الأميركيين. ويقوم القانون الأميركي على تعزيز الاستثمارات العملاقة في قطاع الطاقة بهدف مكافحة التغير المناخي، ويقدم إعانات مباشرة لصناعة السيارات الكهربائية والبطاريات في الولايات المتحدة بالإضافة إلى صناعة الصلب والطاقة المتجددة.
ومرد الاعتراض الأوروبي أن الكثير من هذه الإعانات ستخصص حكرًا للمنتجات التي يتم تصنيعها في أميركا، ويرى الأوروبيون أن التشريع الأميركي يضر بقواعد التجارة الحرة التي تمنع تقديم الدعم والحماية، إذ يفضل القانون منتجات تسلا الأميركية على شركات السيارات الأوروبية مثل مرسيدس وريو، ومنح الأفضلية لصناعة الصلب الأميركية بهدف إنشاء مزارع الرياح ومحطات الطاقة الشمسية.
ضحية للتنافس بين بكين وواشنطن
وفي كلمة ألقاها أمام الجالية الفرنسية في سفارة بلاده بواشنطن، حذّر ماكرون أيضًا من "خطر" أن تذهب أوروبا عمومًا وفرنسا تحديدًا ضحية للتنافس التجاري الراهن بين واشنطن وبكين، أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.
وفي اليوم الأول من ثاني زيارة يقوم بها إلى الولايات المتّحدة بعد تلك التي أجراها في 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، أوضح الرئيس الفرنسي أنّه كان "مباشرًا" وسمّى الأمور بأسمائها خلال غداء عمل مع أعضاء في الكونغرس.
وقال: "لقد أبلغتهم بصراحة وصداقة كبيرتين بأنّ ما حدث في الأشهر الأخيرة يمثّل تحدّيًا لنا، الخيارات المتّخذة... ولا سيّما قانون خفض التضخّم هي خيارات ستؤدّي إلى تفتيت الغرب".
"تداعيات كارثية"
وشدّد الرئيس الفرنسي على أنّ "قضايا الطاقة وتكلفة الحرب في أوكرانيا ليست هي نفسها في أوروبا والولايات المتّحدة". وأوضح ماكرون أنّ تداعيات برنامج المعونات الحكومية للشركات في الولايات المتّحدة ستكون كارثية على الاستثمارات في أوروبا.
وقال: إنّ هذا البرنامج "يخلق فروقات بين الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا لدرجة أنّ أولئك الذين يعملون في العديد من الشركات سيقولون لأنفسهم سنتوقف عن القيام باستثمارات على الجانب الآخر من المحيط" الأطلسي.
وأكّد ماكرون أنّه ندّد أمام البرلمانيين الأميركيين بالإجراءات "الشديدة العدوانية" التي اتّخذها الرئيس الديمقراطي جو بايدن لتعزيز الصناعة الأميركية، داعيًا إلى تنسيق اقتصادي أفضل بين ضفّتي المحيط الأطلسي.
وشدّد الرئيس الفرنسي على أنّ "هذه الخيارات لا يمكن أن تنجح إلا إذا كان هناك تنسيق بيننا، إذا اتّخذنا القرارات سويًا، إذا تناغمنا مجددًا".
وذكّر الرئيس الفرنسي في كلمته بمتانة الصداقة التي تجمع بلاده بالولايات المتّحدة. وقال: "فلنحاول معًا أن نرتقي إلى مستوى ما نسجه التاريخ بيننا، إلى تحالف أقوى من كلّ شيء".