Skip to main content

آثار نفسية متراكمة.. كيف نتعامل مع "المتنمرين" وضحاياهم؟

السبت 7 ديسمبر 2024
تفيد الأمم المتحدة أن الأطفال يتعرّضون للعنف والتنمّر في المدرسة في جميع أنحاء العالم

ينطلق العام الدراسي فيعود الأطفال إلى مقاعدهم لتحصيل العلم، مثلما فعل آخرون في الصغر، وبخلاف من يتحيّنون المناسبة للإضاءة على حنينهم إلى الماضي، يسترجع آخرون ذكرياتهم المؤلمة مع "التنمّر".

الآثار النفسية تتراكم، وبموازاتها يزداد عدد من يتعرّضون للتنمر على مرّ السنوات وباختلاف الفصول الدراسية، حيث تفيد الأمم المتحدة في تقرير للعام 2020 أن عددًا كبيرًا من الأطفال يتعرّضون للعنف و"التنمّر" في المدرسة في جميع أنحاء العالم.

وتكشف المنظمة الدولية أن واحدًا من بين كل ثلاثة طلاب يتعرّض لهذه الهجمات مرّة واحدة على الأقل شهريًا، وواحد من كل 10 يكون ضحية لـ"التنمّر" الإلكتروني.

ما هو "التنمر"؟

توضح الاستشارية المشاركة في الطب النفسي للأطفال والمراهقين في مؤسسة حمد الطبية الدكتورة منال عثمان، أن "التنمّر" هو عبارة عن "أي سلوك عدواني أو غير مرغوب فيه ينشأ من شخص تجاه آخر بغرض الإيذاء".

وتشرح في حديثها إلى "العربي" من الدوحة، أنه "غالبًا ما يكون سلوكًا متكرّرًا وينطوي على معنى اختلال القوى، وكأن بأحدهم يقول للآخر: أنا أقوى منك".

وتحذر عثمان، التي أوضحت أن الظاهرة واسعة الانتشار في المدارس والملاعب والنوادي، من أنها تترك آثارًا خطيرة على الطفل والأسرة والعملية التعليمية بشكل عام.

وتنبّه إلى أن للتنمر أنواعًا كثيرة؛ من أبرزها ما يأتي بصورة مباشرة ويُسمى "التنمّر" اللفظي أو الجسدي، وفيه: الشتم، والضرب، والركل، وكذلك إلقاء بعض الألقاب غير المحبّبة على الطفل.

وما يأتي بشكل غير مباشر من أنواع هذه الظاهرة، وفق عثمان، يندرج فيه العزل الاجتماعي، والإقصاء عن المجموعة، وتعمّد عدم الكلام مع الضحية والسخرية منها من بعيد.

وتضيف إلى ما تقدّم "التنمّر" الالكتروني، حيث تُرسل إلى الطفل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي صور أو ألفاظ غير محبّبة وتهديدات.

أثر "التنمّر" في الطفل

برأي عثمان، يعتمد مقدار ما يتركه "التنمّر" في نفس الطفل على معايير عدّة، من بينها: طبيعة شخصيته، ومدى تكرار السلوك الممارس ضده، وكذلك تواجد من يساعده على تخطي المشكلة. 

في هذا الصدد، وحول دور الأهل تحديدًا، تلفت إلى أهمية فتح حوار مع الطفل ومنحه إحساسًا بالأمان والطمأنينة لمصارحتهم بكل شيء.

ومتى عرفوا بشأن تعرّض طفلهم لـ"التنمّر" في المدرسة، تشير إلى وجوب إيلاء الأهل المشكلة الأهمية اللازمة، ومدّ الطفل بإحساس أنهم داعمون له وبإمكانهم حلّ الأمر من خلال اتخاذ خطوات جدية.

فعلى الأهل التواصل مع المدرسة والأخصائي النفسي العامل فيها، ومن ثم متابعة المسألة مع الطفل للتأكد من اتخاذ المدرسة الإجراءات المناسبة. 

وبموازاة ذلك، تشدد عثمان على ضرورة إشراك أولياء الأمر طفلهم في الأنشطة الاجتماعية والعمل على تقوية ثقته بنفسه.

ماذا عن "المتنمّر"؟

على المقلب الآخر، وفيما جرت العادة على إلقاء اللوم مباشرة على المتنمّر، توضح الأخصائية في الطب النفسي والإدمان نسرين الدباس أنه قد يكون ضحية تنمّر، ويتخذ من هذا السلوك طريقة للتعبير عن غضبه واستيائه، أو يحاول من خلاله استعادة ثقته بنفسه.

وتوضح في حديثها إلى "العربي" من عمّان، أن كثيرًا من الضحايا يطالهم الأذى النفسي أو الإهمال أو الضرب ليس فقط في المدرسة بل في البيت أيضًا. 

وبينما تتوقف عند قيام الأهالي بـ"التنمّر" على الآخرين، تشير إلى أن مشاهدة الطفل لهذا السلوك قد تولّد لديهم سلوكيات عدوانية أو مشاكل في التواصل الاجتماعي، فيصبحون بدورهم متنمّرين.

وعن كيفية تعامل الأهل مع طفلهم المتنمر، تدعوهم الدباس إلى البقاء هادئين، مشددة على ضرورة سماع رواية الطفل ووجهة نظره، وعدم تبرير تصرفه في الآن عينه.

وإذ تؤكد أهمية أن تكون للأهل قواعد واضحة بشأن رفض هذا التصرّف والعقاب الذي يستوجبه، تشدد على ضرورة تعزيز السلوكيات الجيدة على غرار مدح الطفل عند التعاطف مع الآخرين.

كما تلفت إلى وجوب أن يكون الأهل قدوة في التصرّف الحسن، مذكرة بأن الأطفال يقلّدون ما يرون.

للمدرسة دور أيضًا

في هذا الصدد، تقول الدباس إن على المدارس ألّا يفوق عدد طلابها قدرة العاملين فيها على الإمساك بزمام الأمور. 

وتشدد على ضرورة توعية الطلاب حول "التنمّر" قبل حدوثه حتى، ووضع قوانين واضحة تنبذ هذا التصرف وتستتبع معاملة صارمة مع المتنمّر.

وعند حدوث مثل هذا السلوك، تلفت إلى ضرورة التواصل مع الأهل متى زاد الأمر عن حده، أو تحويل الطفل المتنمّر إلى الجهات المعنية عند اللزوم.

المصادر:
العربي
شارك القصة