لم يصوت مجلس الأمن الدولي، أمس الخميس، على مشروع قرار يُمدّد آليّة إيصال المساعدات الإنسانيّة عبر الحدود إلى سوريا.
وقرّر المجلس الأممي أن يُواصل يوم الجمعة مفاوضاته المتعلّقة بهذا الموضوع نظرًا إلى عدم وجود اتّفاق بين الغربيّين وروسيا حول مدّة هذه الآليّة.
وتحذّر وكالات الإغاثة من أن استخدام روسيا حق النقض ضد قرار تمديد وصول المساعدات الإنسانية عبر تركيا إلى سوريا سوف ينضب الطعام في إدلب والمناطق المحيطة بحلول سبتمبر/ أيلول المقبل، مما يعرّض حياة أكثر من مليون شخص للخطر، الكثير منهم نزحوا بسبب الصراع ويعيشون في مخيمات.
ووفقًا لدبلوماسيّين، لا تزال موسكو تُصرّ على تمديدٍ محدود لستّة أشهر، قابل للتجديد، بينما يطالب الغربيّون بتمديدٍ يسري لمدّة عام واحد. وتنتهي الأحد صلاحيّة هذه الآليّة المعمول بها منذ 2014.
#سوريا.. أكثر من 9 ملايين طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية 👇 pic.twitter.com/4mb6aTHB6y
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) May 9, 2022
اقتراح نص جديد
واقترحت النروج وإيرلندا، المكلّفتان بهذا الملفّ داخل مجلس الأمن، نصًا جديدًا مساء الخميس، تضمن التمديد لمدّة ستّة أشهر حتّى 10 يناير/ كانون الثاني 2023، "مع تمديد لستّة أشهر أخرى، حتّى 10 يوليو/ تموز 2023، إلّا في حال قرّر المجلس عكس ذلك".
وسيكون التمديد مشروطًا أيضًا بتقرير يُقدّمه الأمين العام للأمم المتحدة، يتعلّق خصوصًا بشفافيّة شحنات المساعدات، والتقدّم المحرز في مجال إيصال المساعدات.
وسادت مساء الخميس حال من عدم اليقين بشأن ما إذا كان هذا الاقتراح الجديد سيكون مناسبًا لروسيا وما إذا كان التصويت عليه ممكنًا الجمعة.
مطالب روسيا
ويستفيد 2,4 مليون سوري شهريًا من مساعدات تُدخلها الأمم المتحدة، وفق بيانات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
وعبرت الحدود خلال العام الحالي وحده أكثر من 4600 شاحنة مساعدات، حملت غالبيّتها مواد غذائية، بحسب المصدر ذاته.
وتهدّد موسكو، داعمة النظام السوري الرئيسية، بعرقلة تجديد التفويض عبر استخدام حق النقض (الفيتو)، وهو ما سبق وفعلته وأدى إلى إغلاق معابر استخدمتها الأمم المتحدة لإيصال المساعدات إلى مناطق خارج سيطرة النظام.
وتصرّ روسيا على أنّه يُمكن الاستمرار بتقديم المساعدات للسكان المحتاجين عبر مناطق يسيطر عليها النظام السوري.
وتعتبر الأمم المتحدة أنّ هذا غير كافٍ لتلبية حاجات ملايين السوريين في منطقة إدلب. وتمّ إيصال خمس شحنات مساعدات فقط عبر خطوط الجبهة بحسب المنظمة الدولية التي تطالب بتمديد آلية إيصال المساعدات عبر الحدود لفترة طويلة.
النازحون السوريون ضحية المساومات الدولية بشأن المساعدات الإنسانية#سوريا #قضية_اليوم #شبابيك تقرير: بهية مارديني pic.twitter.com/9U5cRn2q5m
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) July 7, 2022
وفي محاولة لإقناع موسكو، ضمّن الأوروبيون، على ما أفاد دبلوماسيون، نصهم تعديلات تطالب بها روسيا حول شفافية الشحنات الإنسانية وحول مساهمة ممكنة في إعادة بناء البلاد وضرورة تطوير آلية لإيصال المساعدات عبر دمشق. وكانت الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا تربط حتى الآن أي مساعدة لإعادة البناء بإصلاحات سياسية في سوريا.
لكن خلال اجتماع في مجلس الأمن حول سوريا عقد في يونيو/ حزيران دعمت غالبية من الدول ومن بينها الولايات المتحدة فكرة تمويل مشاريع "إعادة تأهيل سريعة" للبلاد.
وفي هذا الإطار طالب مشروع قرار سابق مقترح من النروج وإيرلندا "بمبادرات دوليّة جديدة فوريّة لتوسيع النشاطات الإنسانية في سوريا بما يشمل مشاريع إعادة تأهيل سريعة على صعيد المياه والصحة والتعليم تقوم بها وكالات إنسانية دولية والأطراف المعنية".
ويطلب أيضًا من الأمين العام للأمم المتحدة رفع تقرير كل شهرين حول تطبيق القرار ولا سيما بشأن مشاريع إعادة التأهيل هذه وتطورات إيصال المساعدة الإنسانية عبر خطوط الجبهة انطلاقًا من دمشق.
تسوية ممكنة
وأكد بعض الدبلوماسيين لوكالة "فرانس برس" أن التوصل إلى تسوية مع روسيا ممكن كما حصل خلال التمديد قبل سنة، لاسيما أن مجلس الأمن تعرض لضغوط كبيرة في الأسابيع الأخيرة من عشرات المنظمات غير الحكومية ومسؤولين كبار عدة في الأمم المتحدة لتمديد التفويض لمدة سنة.
وتعدّ عملية إيصال المساعدات ملحّة مع بلوغ الاحتياجات الإنسانية في سوريا أعلى مستوياتها.
واحتاج قرابة 13,4 مليون شخص في أنحاء سوريا إلى المساعدة خلال العام 2021، مقارنة بـ11,1 مليونًا عام 2020، وفق الأمم المتحدة.
ومعبر باب الهوى هو الوحيد الذي يمكن عبره نقل مساعدات إلى مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة في إدلب (شمال غرب) ومحيطها، من دون المرور في مناطق سيطرة النظام. وتستخدمه الأمم المتحدة منذ العام 2014.
وتؤوي المنطقة 4,4 ملايين شخص، نزح عدد كبير منهم من محافظات أخرى منذ العام 2011.
في حال استخدام روسيا حق النقض، فمن بين البدائل المطروحة إيصال مساعدات عبر مناطق النظام أو تشكيل منظمات الإغاثة الدولية تحالفًا يعمل على مواصلة تقديم مساعدات عبر الحدود.