الثلاثاء 26 مارس / مارس 2024

أحمد نجيب الشابي لـ"العربي": سعيّد استغل الأزمة لينقلب على المؤسسات

أحمد نجيب الشابي لـ"العربي": سعيّد استغل الأزمة لينقلب على المؤسسات

Changed

رئيس جبهة "الخلاص الوطني" في تونس ضمن برنامج "حديث خاص" عبر شاشة "العربي أخبار"
أكد رئيس جبهة "الخلاص الوطني" في تونس، في حديث خاص لـ"العربي"، أن الرئيس قيس سعيّد يرفض الحوار، ويبحث عن "بيعة" من خلال الاستفتاء.

أكد رئيس جبهة "الخلاص الوطني" في تونس أحمد نجيب الشابي أنّ الاستفتاء المرتقب في 25 يوليو/ تموز المقبل لن يكون استفتاء بقدر ما سيكون "بحثًا عن بيعة لدى الرأي العام"، على حدّ وصفه.

وأوضح الشابي في مقابلة خاصة مع "العربي"، ضمن برنامج "حديث خاص"، أنّ الاستفتاء في الديمقراطيات يفترض حوارًا تعدديًا ينتهي ببلورة خيارات تعرض على الانتخابات، إلا أنّ الرئيس قيس سعيّد فضّل أن يستعيض عن ذلك باستشارة إلكترونية قاطعتها الأغلبية الساحقة من التونسيين.

وفيما اعتبر أن النخبة التونسية تعيش انقسامًا عميقًا "بين من يطبّع مع الانقلاب ومن يعمل على إخراج البلاد من الأزمة السياسية والاجتماعية"، وفق وصفه، جزم أنّ الرئيس قيس سعيّد "يرفض الحوار مع التونسيين"، مشيرًا إلى أنّه كان "أحد أطراف الأزمة، واستغلّ تفاقمها لينقلب على المؤسسات".

وإذ رأى أنّ مساحة النقد بدأت تتّسع في الأوساط التي كانت مترددة سابقًا، إلا أنّها بدأت تدرك أنّ الخطر الأكبر على مستقبل تونس هو ما وقع يوم 25 يوليو؛ وصف اتحاد الشغل بـ"القوة الصديقة"، معتبرًا أنّ التباين معه أنه يضع نفسه تحت سقف شرعية 25 يوليو، "لكنه يشاطرنا تمامًا في انتقاداتنا لهذا المسار".

وقال رئيس جبهة "الخلاص الوطني" إن تصاعد الحديث عن دور للمؤسسة العسكرية سببه الشعور بالفراغ، معتبرًا أنّ المسؤولية السياسية تفترض عدم دعوة الجيش إلى "التمرّد"، وإن ألمح إلى أنّ هذا الأخير قد يجد نفسه في "موقف حرج" إذا ما تدهورت الأوضاع الاجتماعية.

الاستفتاء على الدستور "مهزلة"

وأوضح الشابي في مستهلّ حديثه لـ"العربي"، أنّه وصف الاستفتاء على الدستور بـ"المهزلة"، لأنّ الاستفتاء في الديمقراطيات يفترض حوارًا تعدديًا ينتهي إلى بلورة خيارات تعرض على الانتخابات، بالقبول أو بالرفض، وتحت إشراف هيئة مستقلة.

وأشار إلى أنّ الرئيس قيس سعيّد، منذ البداية، فضّل أن يستعيض عن الحوار التعددي باستشارة إلكترونية قاطعتها الأغلبية الساحقة من التونسيين، إلا أنّه لم يتوقف عند هذا الحدّ، بل أعلن أنّ هيئة ما ستبلور الخيارات انطلاقًا من نتائج الاستشارة.

وقال: "إلى حدّ الآن، لا نعلم من هي هذه اللجنة وممّن تتكوّن، ولكننا نعلم في المقابل ما هي النتائج التي ستصل إليها، لأنّ الرئيس قال إنّ المسألة واضحة ولا تستدعي أكثر من أيام، ويجب أن يكون القانون الانتخابي على هذه الشاكلة، والنظام السياسي في الاتجاه الذي يريد".

أحمد نجيب الشابي خلال المقابلة مع مراسل "العربي" في تونس
أحمد نجيب الشابي خلال المقابلة مع مراسل "العربي" في تونس

قيس سعيّد يرفض الحوار

وشدّد الشابي على أنّ الرئيس يرفض الحوار مع التونسيين ويقسّمهم إلى من يسانده ومن يعارضه، مشيرًا إلى أنّه يقبل الحوار مع من سانده "نظريًا"، في حين لا يعتبر من يعارضونه مواطنين لهم قول في مصير تونس القريب.

وحول ما إذا كانت الجبهة ستقاطع الحوار الذي دعا إليه الرئيس، قال الشابي: "الصيغة الشكلية ستقرّرها الجبهة في هيئاتها، ولا زال لدينا وقت، ولكننا لا نعتقد أننا سنشهد استفتاء بقدر ما هو بحث عن بيعة لدى الرأي العام".

وإذ أعرب عن اعتقاده بأن "لا شيء" سينتج عن هذا الاستفتاء، أشار إلى أنّه سيبقي على الأزمة السياسية على حالها، فيما تتفاقم الأزمة الاجتماعية، لنصل إلى عنق الزجاجة. وأضاف: "نحن لم نقرر موقفنا بعد بشأن الاستفتاء، لأننا لم نتأسّس بعد".

نواب وشخصيات أحيلوا على المحاكم

وكشف رئيس جبهة الخلاص الوطني في تونس أنّ المعلومات التي تحدّث عنها في مطلع مايو/ أيار الماضي عن اعتزام السلطات التونسية القيام بحملة اعتقالات وبحلّ الأحزاب السياسية، كان مبنيًا على معلومات من مصادر موثوقة، لكنه رفض الإفصاح عنها.

وقال الشابي: "قد يكون للندوة الصحافية تأثير على تأجيل هذا القرار أو إلغائه أو التراجع عنه. نحن لا نعلم، لكن ما وصل إلينا من معلومات كان من مصادر موثوقة ومتقاطعة ومتواترة، وفضّلنا ألا نحتفظ بهذه المعلومات، بل أن نواجه بها الرأي العام".

ونفى أن يكون هذا الأمر من شأنه أن يضرب مصداقية جبهة الخلاص، خصوصًا بعد "تكذيب" الرئيس للمعلومات، موضحًا أنّ "الناس تعلم بأننا لا ننطق في الهواء، ولنا رصيد من الثقة بنيناه على مرّ العقود، وما نقوله له مصداقية".

ولفت إلى ما يجري اليوم، حيث إنّ هناك العديد من النواب والشخصيات أحيلوا على المحاكم العسكرية والمدنية، من بينهم الناطق باسم ائتلاف الكرامة سيف الدين المخلوف الذي كان عرضة لـ11 قضية عدلية خلال تسعة أشهر، معظمها يتعلق بالرأي.

فترة "تردد" في صفوف المعارضة التونسية

وتطرّق الشابي إلى "اللقاء الوطني للإنقاذ" الذي أعلِن بعد أربعة أشهر منه فقط عن "جبهة الخلاص الوطني"، فنفى أن يكون هذا اللقاء قد فشل في رصّ الصفوف، وقال: "كان لبنة، حيث وقع التقاء مع العديد من النواب في البرلمان والعديد من الشخصيات السياسية وأعلنّا عن هذا اللقاء، وبدأنا في الحوار مع مختلف المكوّنات، وفي مرحلة لاحقة، توافقنا مع عدد من الأحزاب والمجموعات السياسية على تأسيس شيء أوسع من اللقاء الوطني للإنقاذ، وهو جبهة الخلاص الوطني".

وعمّا إذا كان إعلان الجبهة متأخرًا نسبيًا بعد أشهر من الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها الرئيس قيس سعيّد، قال: "كانت هناك فترة تردد في صفوف المعارضة التونسية انتهت يوم 14 يناير/ كانون الثاني حينما منعت قوات الأمن التونسيين من إحياء عيد الثورة في شارع الحبيب بورقيبة".

واعتبر أنّ هذا التاريخ شكّل منعطفًا، حيث "اتضح أننا إذا أردنا فعلًا أن نحمي الحريات، فعلينا أن نتجاوز كل خلافاتنا الأيديولوجية والسياسية". وأقرّ بأنّ النخبة التونسية تعيش انقسامًا عميقًا، بين من يطبّع مع "الانقلاب"، وهي فئة تتناقص كثيرًا، ومن يقاوم هذا الانحدار في المقابل ويعمل على إخراج البلاد من الأزمة السياسية والاجتماعية.

"هدفنا العودة إلى الديمقراطية"

وأكد أنّ "جبهة الخلاص" ترمي إلى توحيد هذه القوى والذهاب إلى مؤتمر وطني للحوار، معربًا عن اعتقاده بأنّه "لا مخرج من هذه الأزمة إلا بحكومة إنقاذ تقوم على برنامج إنقاذ ويكون لها سند عريض".

وحول العلاقة مع حركة النهضة، قال رئيس جبهة "الخلاص الوطني" في تونس إنّه لا يشاطر التوجهات الأيديولوجية للحركة، ولم تجمعه معها إلا "محن الديمقراطية"، على حدّ وصفه.

وفيما لفت إلى أنه "تباعد تمامًا" مع الحركة منذ الثورة، حيث تموضع في المعارضة طيلة عشر سنوات، مشيرًا إلى أنّ نظرته للحكم ليست "نفعية"، أشار إلى أن "هدفنا واضح وهو العودة إلى الديمقراطية"، مميّزًا في هذا السياق بين "الانتهازية والبراغماتية".

أحمد نجيب الشابي خلال إطلالته ضمن برنامج "حديث خاص"
أحمد نجيب الشابي خلال إطلالته ضمن برنامج "حديث خاص"

مساحة النقد "تتسع"

واعتبر الشابي أنّه يُحسَب لأحزاب جبهة الخلاص انها استنكرت "الانقلاب" منذ اليوم الأول، في إشارة إلى الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد، موضحًا أنّ هذا الأخير "كان أحد أطراف الأزمة واستغل تفاقم الأزمة لينقلب على المؤسسات".

ورأى أنّ "مساحة النقد تتسع الآن في الأوساط التي ترددت، وباتت تدرك أن الخطر الأكبر على مستقبل تونس هو ما وقع يوم 25 يوليو". وكشف أنّ أربعة مكونات من الأحزاب الديمقراطية والاجتماعية "تعتزم جمع قوتها معنا في أفق نهاية هذا الشهر".

وأوضح أنّ "هذه الأحزاب كوّنت قناعة بأنّ إصلاح الوضع الحالي لا يكون إلا بتكتل كل القوى"، وأضاف أنّ البرلمان لم يعقد خلال الأشهر الأخيرة سوى اجتماع وحيد افتراضي قرّر فيه رفع الشرعية عن كل الإجراءات الاستثنائيّة الّتي أقرها الرئيس، كما وضع نفسه على ذمّة مخرجات الحوار الوطني".

حركة النهضة "الرقم الأكبر في المعادلة"

وفي سياق آخر، لفت رئيس جبهة "الخلاص الوطني" إلى أنّ حركة النهضة هي التي تشكّل "الرقم الأكبر في المعادلة الحالية لمواجهة النظام باعتباره انقلابيًا"، وهي تسهم في العملية بقدر محترم. ولكنه اعتبر أنه "لو ظلّت حركة النهضة لوحدها لما كان لها أن تنال الوقع الذي نالته ليس كحركة، وإنما كمبادرة في الوقت الراهن".

واعتبر أنّ "الكفاح السياسي يقوم فقط على الشارع وتعبئة المواطنين من خلال الاجتماعات العامة والمظاهرات والتواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام لبناء قوة سياسية تضاهي القوة المضادة وتفتح طريقًا للخروج من الأزمة".

وتحدّث عن تباين في وجهات النظر مع اتحاد الشغل، الذي "يضع نفسه تحت سقف شرعية 25 يوليو"، لكنه لفت إلى أنّ الاتحاد "يشاطرنا تمامًا في انتقاداتنا للمسار الجاري حاليًا". وأضاف: "رغم التباين، نعتبر اتحاد الشغل قوة صديقة لها ثقل اجتماعي كبير ورصيد تاريخي كبير، ولعبت أدوارًا حاسمة في منعطفات الحياة الوطنية التونسية، ونراهن على أن يلعب الاتحاد هذا الدور مستقبلاً". وشدّد على أنّ "الخلافات والاختلافات في الاجتهاد لا تفسد للصداقة قضية".

أي دور للمؤسسة العسكرية؟

وفي سياق آخر، قال الشابي إن تصاعد الحديث عن دور للمؤسسة العسكرية سببه الشعور بالفراغ، معتبرًا أنّه "ليس من دور الجيش تعويض القوى السياسية".

وأكد أنّ المسؤولية السياسية تقتضي عدم دعوة الجيش إلى التمرد، إلا أنّ الجيش قد يجد نفسه في موقف حرج إن تدهورت الأوضاع الاجتماعية.

واستبعد أن يستلم الجيش الحكم، معتبرًا ذلك "غير مقبول لا داخليًا ولا دوليًا"، لكنه ألمح إلى أنّ المؤسسة العسكرية "يمكن أن تساعد في انعقاد الحوار الوطني".

وخلص إلى أنّه "لا بد من حل من خارج المؤسسات الدستوريّة، كمؤسسة الحوار الوطني"، لافتًا إلى أنّ الحوار الوطني يمكن أن يخلق توافقًا، "لكن ليس له قوة شرعية". وأضاف: "سنلتجئ إلى البرلمان لإكساب مخرجات الحوار الوطني الشرعية".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close