الثلاثاء 26 مارس / مارس 2024

أزمات مستمرة بين الحكومة ومجلس الأمة في الكويت.. هل الحل بتعديل الدستور؟

أزمات مستمرة بين الحكومة ومجلس الأمة في الكويت.. هل الحل بتعديل الدستور؟

Changed

"خليج العرب" يعرض قراءة تحليلية في الأسباب التي تعيق تطور التجربة الديمقراطية في الكويت والحلول والمقترحات للنهوض بها (الصورة: غيتي)
منذ عقود تعاني الكويت من حكومات قصيرة العمر، وقضايا فساد كبيرة، وأداء حكومي خدمي لا يصل إلى المستوى المنشود، بسبب التركيبة الدستورية لبنية النظام السياسي.

تجربة سياسية استثنائية جعلت الكويت تتميز عن بقية دول الخليج العربي، حيث أن نظامها السياسي ليس بديمقراطي كامل ينتج حكومة ذات أغلبية برلمانية قادرة على الإنجاز، ولا هو بسلطوي يتمتع بمركزية في صنع القرار.

وبين هذا وذاك تعقّدت الحياة السياسية والتشريعية وتشابكت. ونشأت صراعات انعكست سلبًا على عمر الحكومات، وعلى الأداء التشريعي. ومنذ عقود تعاني الكويت من حكومات قصيرة العمر، وقضايا فساد كبيرة، وأداء حكومي خدمي لا يصل إلى المستوى المنشود، بسبب التركيبة الدستورية لبنية النظام السياسي.

ويتمتع النظام السياسي في الكويت ببعض القيم الديمقراطية من شراكة الشعب في صنع القرار عبر انتخاب السلطة التشريعية، والفصل بين السلطات نسبيًا، والرقابة على أداء السلطة التنفيذية، وسلطة سحب الثقة من الوزراء، والحق في عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، ما قد يؤدي إلى إعفائه من منصبه من قبل أمير البلاد.

لكن هذه السمات الايجابية تصطدم بواقع دستوري يحول دون تطور التجربة الديمقراطية. فالحكومات لا تنبثق من المجلس مباشرة، فتتجه غالبًا إلى شراء الولاء السياسي، وتلبية مطالب من يطلق عليهم إسم "نواب الخدمات"، ما يكرس ثقافة المحسوبية، ويشرعها، بل يجعلها حالة طبيعية في النظام السياسي.

ونشأ عن هذا الواقع تأزم مستمر بين الحكومة ومجلس الأمة، انعكس سلبًا على الأداء الخدماتي وعلى تطوير التشريعات باتجاه تقوية عمل المؤسسات، وتطوير منظومة المحاسبة، والرقابة للحد من الفساد والمحسوبية المستشرية في الكويت.

ويستدعي هذا الواقع المتعثر إيجاد تسوية للعلاقة بين مجلس الأمة والحكومة، تقوم على فكرة الفصل بين الوزارات الخدمية والسيادية، بحيث تتبع الوزارات السيادية لأمير البلاد، بينما يرأس بقية الوزارات وزراء يمثلون الحزب أو الكتلة ذات الأغلبية في المجلس.

مؤشر الاستقرار الحكومي.

وبين عامي 1962 و2001، بلغ عدد الحكومات في الكويت 19 حكومة، وكان معدل عمر أي حكومة 24 شهرًا.

وبين عامي 2001 و2022، بلغ عدد الحكومات 20 حكومة، وكان معدل عمر أي حكومة 12 شهرًا.

أما في مرحلة الاضطراب الحكومي، بين عامي 1990، و1992، تمّ تشكيل 3 حكومات خلال عامين، مع استقالة 17 حكومة تمهيدًا لانتخابات مجلس الأمة الجديد.

وبين عامي 2001 و2022، أصبح هناك أغلبية معارضة في مجلس الأمة، ما هدّد استمراية عمل الحكومة والوزراء.

وبين عامي 2001 و2022، استقالت 9 حكومات جراء الاستجوابات في مجلس الأمة.

"دستور يحتاج إلى التعديل"

وقال النائب في مجلس الأمة الكويتي مهند الساير إن "التجربة الديمقراطية الكويتية مميزة، لكننا نسعى إلى تطوير هذه التجربة المستمرة منذ 60 عامًا".

وأضاف الساير، في حديث إلى "العربي"، من الكويت، أنه "على الرغم من أن الدستور الكويتي "جامد ولم يتغيّر منذ وضعه"، إلا أن المشكلة هي في تطبيقه حيث لا تنفّذ الحكومة وبعض المحسوبين عليها وعلى التوجّه الآخر، بنوده بالطريقة الصحيحة، ما يؤدي إلى المشكلات التي يعانيها النظام السياسي في البلد".

وأشار إلى أن بعض الحكومات تتعامل مع البرلمان كأنه خصم لها، وأن الشعب هو عدو لها، ما يدخل البلاد في صراع لا متناهٍ.

وأكد أن البلاد تحتاج إلى تطوير الدستور، وتعديل بعض مواده.

وأوضح أن مرحلة الهدوء السياسي النسبي التي عاشتها الكويت بين عامي 2013 و2020،  كان يقابلها استنزاف الميزانية العامّة، وتصفير الاحتياط العام، وانتشار الفساد في كل مؤسسات الدولة، مضيفًا أن من يُريد الإصلاح لا يحتاج كل هذا الوقت لتنفيذه.

وأكد أن الكويت تفتقر إلى الشخص المناسب في المكان المناسب لتنفيذ الإصلاح، وبالتالي، فإن صفحة رئيس الوزراء صباح الخالد الصباح قد طويت.

مشروع الحوار الوطني

من جهته، رأى الكاتب الصحافي عبدالله الفلاح أنه في الفترة الأخيرة كانت هناك فرصة كبيرة للتعاون بين البرلمان والحكومة، من خلال الحوار الوطني الذي دعا إليه أمير البلاد، إضافة إلى ملف العفو عن بعض السياسيين، ما أدى إلى تخفيف غضب الشارع على الحكومة.

وأضاف الفلاح، في حديث إلى "العربي"، من الكويت، أن الأزمة تكمن في رئيسي البرلمان والحكومة، ويبدو أن الصراع بينهما شخصي، ما أدى إلى تفاقم الأزمات وإلى صراع أكبر وإساءات نتمنّى أن لا تتكرّر مرة أخرى.

وأشار إلى أن الخروج من الأزمة في الكويت حاليًا يكون باستكمال مشروع الحوار الوطني.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close