سلمت موسكو رسالة لواشنطن تتضمن ردها على المقترحات الأميركية بخصوص الضمانات الأمنية. وأكدت أن وحدات عسكرية تعود لقواعدها، بعد أن شاركت في تدريبات بالقرب من أوكرانيا.
من ناحيتها، لا تنفي واشنطن الخبر، لكنها تزيد أن قوات روسية إضافية ترسَل تباعًا للحدود مع الجارة السوفياتية السابقة.
لا يقتنع الأميركيون بنفي الروس لنية الغزو. ولا تكفي موسكو أيضًا ضمانات واشنطن للتراجع.
وبأكثر من طريقة ورسالة يقرر الروس الرد. فقد ردّدت الخارجية الروسية علنًا وبنص مكتوب شرطها الأهم على أوكرانيا: أن تبقى خارج مجال نفوذ الناتو.
وبغتة أُعلن طرد نائب السفير الأميركي في موسكو، وكان ذاك ربما الوجه الأعنف للرد الروسي.
بايدن مصرّ: الحرب واقعة
في واشنطن حيث يصر بايدن على أن الحرب واقعة، يُنتظر أيضًا رد رسمي على خطوة طرد نائب السفير الأميركي.
أما في مجلس الأمن، فلا يفضل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن يترك للروس أي مساحة فارغة، فالطرفان لا يتدافعان على مجال النفوذ فقط، بل أيضًا حول سردياته.
وفي ما يشبه التحالف الدولي، ألمح أكثر من طرف غربي إلى أن الروس باحثون لا غير عن شرارة للحرب، بينما يصر الروس بدورهم على أنهم يحمون مجالهم الحيوي فقط.
"المطالب الروسية غير مقبولة"
تعليقًا على التطورات، يذكر أستاذ الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الوطنية للدفاع ديفيد ديروش، بقيام روسيا بغزو أوكرانيا من قبل، وقيامها بضم شبه جزيرة القرم، والسيطرة بشكل ما على منطقة دونباس.
ويلفت في حديثه إلى "العربي" من واشنطن، إلى أن موسكو قامت بحشد قواتها على الحدود الأوكرانية، وبمناورات عسكرية في بحر قزوين وأماكن أخرى، وهذا يعني أنهم ينوون غزو أوكرانيا.
ويؤكد أن "المطالب الروسية غير مقبولة"، مردفًا: "لا أعتقد أن الرئيس الأميركي يمكنه الموافقة عليها، فلا يمكنه أن يطلب من دول البلطيق الانسحاب من الناتو. لذا فنحن مازلنا في مأزق".
ويشدد على أن المطالب الروسية لا تتعلق بأوكرانيا بأي شكل من الأشكال، وهي فقط تعيد التأكيد على سيطرة روسيا على دول الجوار.
"أوكرانيا ليست أكثر من ساحة مواجهة"
بدوره، يشير أستاذ النزاعات الدولية في معهد الدوحة ابراهيم فريحات إلى أن المعادلة التي تحكم هذا الصراع صعبة نوعًا ما وغريبة أيضًا.
ويشرح في حديثه إلى "العربي" من الدوحة، هذه المعادلة بالقول إن كلا الطرفين الأميركي والروسي لا يريدان لمثل هذه الحرب أن تحدث، ولا يخشيانها في الآن نفسه.
ويؤكد أن أوكرانيا ليست أكثر من ساحة مواجهة وأرض معركة، موضحًا أن المعركة تدور على شيء أكبر منها، متمثل بطبيعة النظام الدولي.
وفيما يلفت إلى أن ما تريده روسيا أبعد بكثير من أوكرانيا، يقول إنها "تريد للولايات المتحدة أن تعترف بأن النظام الدولي أحادي القطبية قد انتهى، وأننا بصدد نظام متعدد الاقطاب تأخذ روسيا دورًا مهمًا فيه، لا سيما بفعل تحالفها الوثيق الذي رأيناه يتجسد بشكل أكبر أخيرًا مع الصين".
"موسكو ستحاول تجنب أي حرب"
من جهتها، تؤكد الباحثة السياسية أكسينيا غوريانوفا، أن الاستفزازات كانت من جانب الولايات المتحدة والناتو وليس روسيا.
وتقول في حديث إلى "العربي" من موسكو: إن للولايات المتحدة حلفاء، ولروسيا أيضًا، مشيرة إلى تأييد الصين لروسيا.
وفيما تذكر بأن بكين "من أكبر الاقتصادات في العالم، وتؤثر على السياسة الخارجية لكل دول العالم"، تشدد على أن العلاقة الاسترتيجية معها طويلة الأمد، فهي ستقف على الأقل سياسيًا واقتصاديًا إلى جانب روسيا لأنها هي أيضًا مستهدفة.
وتتوقف عند تلويح الغرب بعقوبات اقتصادية على روسيا، معربة عن اعتقادها بأن موسكو ستحاول أن تتجنب أي حرب، لأن الحرب مرعبة للجميع.
وتصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه "رجل استراتيجي يعلم إلى أين يذهب بالمحادثات وكيف يفاوض"، مشددة على أنه يحاول التوصل إلى اتفاق معيّن لتجنب الحرب.