الأربعاء 27 مارس / مارس 2024

أسر جلعاد شاليط.. عملية وهبت أكثر من ألف أسير فلسطيني الحرية

أسر جلعاد شاليط.. عملية وهبت أكثر من ألف أسير فلسطيني الحرية

Changed

حلقة من برنامج "كنت هناك" تعرض أحداث عملية أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في 25 يونيو 2006 من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية (الصورة: تويتر)
أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في يونيو 2006 خلال عملية نفذتها ثلاثة فصائل فسطينية على حدود رفح واحتفظت به حيّا لـ5 سنوات وبادلته بأكثر من ألف أسير فلسطيني.

تعرّض موقع للجيش الإسرائيلي على حدود مدينة رفح جنوبي قطاع غزة لهجوم مسلّح في 25 يونيو/ حزيران 2006. وأسفر الهجوم عن مقتل جنديين إسرائيليين وإصابة خمسة آخرين وأسر الجندي جلعاد شاليط.

وأعلنت ثلاثة فصائل فلسطينية بينها كتائب القسّام، الجناح المسلح لحركة حماس، مسؤوليتها عن الهجوم. 

وشنّت إسرائيل أكثر من عملية عسكرية على قطاع غزة بهدف استعادة الجندي الأسير، وتمكّنت الفصائل حينها من الاحتفاظ بشاليط حيّا مدة خمس سنوات، ومبادلته بأكثر من ألف أسير فلسطيني.

في هذا السياق، أشار الكاتب والمحلل السياسي مخيمر أبو سعدة إلى أن هذه العملية كانت الأولى بعد انسحاب إسرائيل من القطاع، حيث باتت غزة خالية من جيش الاحتلال ومن المستوطنين.

من جهته، لفت الخبير في الشأن الفلسطيني مصطفى الصواف إلى أنه في بداية عام 2006، كانت هناك انتخابات للمجلس التشريعي، وفازت حركة حماس بالأغلبية وكُلفت بتشكيل الحكومة. 

وبحسب أبو سعدة، كانت حماس تشعر بأن هناك محاولات من قبل إسرائيل والمجتمع الدولي لحشرها في الزاوية وابتزازها للحصول على تنازلات سياسية.

وفي 9 يونيو/ حزيران 2006، وقعت جريمة إسرائيلية على شاطئ بحر غزة لتصب مزيدًا من الزيت على نار المشهد الفلسطيني.

عملية "الوهم المتبدد"

وفي الشهر ذاته، نفذّت حركة حماس التي تواجه حكومتها حصارًا سياسيًا واقتصاديًا، عملية "الوهم المتبدد"، وفق التسمية الفلسطينية لأسر جلعاد شليط، التي شكّلت نقطة تحول مهمة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وبعد أكثر من 15 عامًا على العملية، توجهت كاميرا "العربي" إلى موقع تنفيذ العملية برفقة أحد منفذيها. 

ووقع الاختيار حينها على سبعة مقاتلين لتنفيذ العملية، ينتمون لثلاثة فصائل فلسطينية أبرزها القسام، الجناح المسلح لحركة حماس.

ويروي أحد منفذي عملية الأسر، ويدعى أبو زكريا، لـ "العربي" كيف بدأ التدريب الشاق للعملية، الذي استمر نحو عشرة أيام كاملة.

وبحسب أبو زكريا، فقد انتقل المقاتلون السبعة إلى مكان تنفيذ العملية قبل يوم واحد منها، وعُرضت الخطط والخرائط وصور الأهداف. 

وكانت العملية تستهدف موقعًا للإسناد والحماية تابعا للجيش الإسرائيلي على الحدود الشرقية لمدينة رفح. ووفق مخطط العملية، فإن المقاتلين سيصلون إلى موقع العملية عبر نفق معد خصيصًا لتنفيذ العملية.

وأظهرت لقطات تعرض لأول مرة، أحد مقاتلي القسّام خلال حفر النفق عام 2004، أي قبل الانسحاب الإسرائيلي من غزة. واستغرق النفق قرابة عام من الحفر وبقي جاهزًا حتى لحظة التنفيذ.

نزل المقاتلون إلى النفق وكان عليهم قطع مسافة 450 مترًا زحفًا للوصول إلى الموقع العسكري. وهو ما استغرق نحو 30 دقيقة للوصول إلى أسفل الموقع العسكري، بحسب أبو زكريا. 

يروي أحد منفذي عملية الأسر لـ "العربي" تفاصيل وأسرار المهمة "الشاقة"
يروي أحد منفذي عملية أسر جلعاد شاليط لـ "العربي" تفاصيل وأسرار المهمة "الشاقة"

اعتقال شاليط

خرج المقاتلون من النفق واحدًا تلو الآخر وتوجهت مجموعة منهم إلى مكان الدبابة التي كانت أول أهداف العملية وأبعدها عن النفق. وكمنت مجموعة ثانية قرب برج المراقبة، وتوجهت مجموعة ثالثة صوب ناقلة جند مدرعة.

وكانت طلقة البداية انفجار عبوة بمحاذاة الدبابة. فتسلل أبو زكريا ومقاتل آخر نحو الدبابة ورمى عبوة مضادة للدروع وفتح مفتاح التفجير. فخرج أحد الجنود من فتحة الدبابة فقام زكريا بإطلاق النار عليه فألقي أرضًا. ثم تقدّم أبو زكريا نحو الدبابة واعتلاها وبدأ بإطلاق النار والقنابل داخلها فخرج جندي آخر من الدبابة وكانت معالم الخوف ترتسم بوضوح على وجهه. 

قام أبو زكريا وزميله بتثبيت الجندي الإسرائيلي والاحتفاظ به، وتواصلا مع محمد أبو شمال المشرف على العملية الذي أوعز لهما باصطحاب الجندي والانسحاب نحو غزة، وهو ما حصل فعلًا، كما يروي أبو زكريا.

استغرق تنفيذ العملية 8 دقائق، استشهد خلالها اثنان من المنفذين وقُتل جنديان إسرائيليان، وأصيب 5 آخرون واختفى أحد الجنود، ليظهر اسم جلعاد شاليط على وسائل الإعلام للمرة الأولى.

من هنا، أشار المحلل السياسي أبو سعدة إلى أنه من الواضح أن إسرائيل تفاجأت بالعملية النوعية، فيما أكد الصواف أن الحادثة وقعت كالصاعقة على الاحتلال.

أمل في الحرية

وقالت الأسيرة المحررة وفاء البس لـ"العربي": "كنا فاقدين للأمل، ونادتني أسيرة فوقفت على باب زنزانتي فقالت لي خطفوا في غزة جندي اسمه شاليط وهناك احتمال أن يفرجوا عنا". 

من جهته، قال الأسير المحرر طارق عز الدين: "إن السجن انقلب من مأتم إلى فرح في اللحظات التي أعلنت فيها المقاومة خطف الجندي".

وقال الأسير المحرر توفيق نعيم: "أصبحنا نعد الساعات. وأصبح الأمر يشكل أملًا". 

استغرق تنفيذ العملية 8 دقائق، استشهد خلالها اثنان من المنفذين وقُتل جنديان إسرائيليان
استغرق تنفيذ العملية 8 دقائق، استشهد خلالها اثنان من المنفذين وقُتل جنديان إسرائيليان

حملة "أمطار الصيف"

طالبت الفصائل الآسرة للجندي بالإفراج عن الأسيرات والأطفال دون سن الـ18 عامًا، إضافة لألف أسير في مقدمتهم ذوي المحكوميات العالية مقابل إعادة شاليط، بينما ردّت إسرائيل بحملة عسكرية أطلقت عليها اسم "أمطار الصيف"، وشرعت بتدمير البنية التحتية في قطاع غزة عبر قصف محطة الكهرباء ومصادر المياه والجسور.

كما فرضت إغلاقًا شاملًا على معابر القطاع ونفذّت سلسلة اجتياحات واغتيالات استشهد على إثرها أكثر من 200 فلسطيني وأصيب 800 آخرون.

كما عملت إسرائيل على إسقاط الحكومة التي تترأسها حركة حماس عبر اعتقال ثلث الوزراء وأكثر من 42 من نواب المجلس التشريعي.

لكن انحسرت "أمطار الصيف" ولم يظهر شاليط، فوسّعت إسرائيل جهودها الاستخبارية والأمنية وشملت عمليات داخل قطاع غزة بموازاة ضغوط سياسية واقتصادية دولية بهدف استعادة جنديها الأسير.

محاولة القبض على تيسير أبو سنيمة

وفي الأول من يوليو/ تموز من عام 2006، نفذّ الجيش الإسرائيلي عملية إنزال شرق مدينة رفح في محاولة للقبض على القائد في كتائب القسّام تيسير أبو سنيمة، أحد المشاركين في عملية أسر شاليط، والتي تعتقد إسرائيل أن له دورًا في إخفائه. 

ويشرح والد تيسير سعيد أبو سنيمة ما حدث يومها، حيث كان الجنود يبحثون عن شاليط، وتمكن تيسير من الفرار.

لكن في شتاء عام 2008، شُنت عملية عسكرية واسعة على قطاع غزة كان أحد أهم أهدافها إعادة شاليط بالقوة. ولفت الصواف إلى استهداف القطاع بنحو 100 غارة في اللحظة نفسها في أماكن متعددة.

ورغم إمكانيات الاحتلال التكنولوجية والاستخباراتية والعسكرية، لم يتمكن من الحصول على أي معلومة حول شاليط تمكنه من البناء عليها. وبحسب الصواف، فقد كانت المقاومة تعلم أنه لو حصل الاحتلال على أي معلومة حول مكان شاليط لدمّر المنطقة كلها ولو أسفر ذلك عن مقتل شاليط. 

النفق المستخدم لتنفيذ عملية أسر جلعاد شاليط
النفق المستخدم لتنفيذ عملية أسر جلعاد شاليط

فتح باب التفاوض

فشل العدوان باستعادة شاليط، فبدأت إسرائيل جولات استكشافية لفتح باب التفاوض من جديد.

لم تنجح المفاوضات بسرعة، ولكن مع قدوم حكومة بنيامين نتنياهو، أخذت المفاوضات منحى أكثر جدية، وزاد تمسّك حماس بمطلب الإفراج عن ألف أسير فلسطيني مقابل شاليط، ومارست حملات دعائية داخل إسرائيل للضغط على الحكومة للقبول بالصفقة.

وفي 18 أكتوبر/ تشرين الأول 2011، أعلن عن إتمام إسرائيل وحماس برعاية مصرية صفقة للإفراج عن 1027 فلسطينيًا على مرحليتن.

وتناقلت الإذاعات المحلية أسماء الأسرى الذين سيفرج عنهم ضمن الصفقة. وشرح الأسير المحرر عز الدين مشاعر حالة الفرح التي عاشوها في تلك الفترة في انتظار الحرية.

ولا يزال أكثر من 5000 فلسطيني في السجون الإسرائيلية، بينما تحتفظ حماس بـ4 جنود إسرائيليين منذ عام 2014 وسط أنباء عن مفاوضات جارية لعقد صفقة تبادل جديدة.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close