أقام المتحف القومي في السودان موكبًا ملكيًا غير مسبوق لتمثال الفرعون الكوشي "طهراقا"، خامس ملوك الأسرة الـ25 وأعظم حكّام مملكة كوش، التي تعتبر إحدى أعرق حضارات التاريخ القديم.
وحكم "طهراقا" الملقّب بـ"سيد الأرضين"، في الفترة الممتدة من 664 إلى 690 قبل الميلاد، إمبراطورية ضخمة، امتدت من السودان إلى حدود فلسطين.
وأقام "طهراقا" عددًا من الصروح على طول وادي النيل، من بينها مجموعة أعمدة أُقيمت في الساحة الكبيرة في معبد آمون العظيم في الكرنك المصرية. ولم يبق من الأعمدة سوى عمود واحد فقط.
دُفن "طهراقا" في الهرم الذي بناه في منطقة نوري شمال السودان؛ وهرمه هو الأكبر بين الأهرامات السودانية.
ويعتبر نقل تمثال "طهراقا" تحريكًا للمتحف السوداني لما يمثّله هذا الفرعون وفق المنظمين، من أهمية في تاريخ الحضارة الإنسانية عمومًا والحضارة الكوشية خصوصًا.
وتأتي عملية نقل التمثال ضمن خطة تطوير عامة لمتحف السودان تنفّذها الهيئة العامة للآثار والمتاحف بمشاركة اليونسكو، وعدد من الوكالات الدولية.
"إشارة تاريخية إلى أهمية الوحدة"
وقال وزير الثقافة والإعلام السوداني جراهام عبد القادر، في حديث إلى "العربي"، إن نقل التمثال هو مدخل لافتتاح المتحف القومي في القريب العاجل.
بدوره، أوضح الدكتور محمد المهدي بشرى، أستاذ الفولكلور في جامعة الخرطوم، أن خطوة نقل التمثال هي إشارة تاريخية إلى أهمية الوحدة والتضامن لبناء السودان الذي يتمتّع بواحدة من أرقى الحضارات في العالم.
وقال بشرى، في حديث إلى "العربي"، من الخرطوم، إنّ الحضارة الكوشية بدأت بكرمى قبل قرابة 6 آلاف سنة، ومن أهم آثارها الدفوفة أي المباني الطينية التي استمرت لآلاف السنين، وتعني القلاع والمناطق العالية، إضافة إلى المقابر الملكية التي تحتوي على قرابين وجثث للملوك، ناهيك عن العنقريب أو السرير السوداني الذي كان يُصنع من جلد الأبقار.
وشدّد على أن الحضارة الكوشية هي حضارة سودانية بخصائص سودانية، ما يمكنه من توفير عوائد سياحية مهمة جدًا للبلاد، لكن يجب الاهتمام بإنتاج بنى تحتية تواكب ذلك.