اتّهمت منظمة العفو الدولية "أمنستي" في تقرير الخميس إسرائيل بارتكاب جريمة "إبادة جماعية" ضدّ الفلسطينيين في قطاع غزّة، معربة عن أملها بأن يكون هذا التقرير "بمثابة صيحة تنبيه للمجتمع الدولي".
فمنذ أكثر من عام، ترتكب إسرائيل، إبادة جماعية بغزة، أسفرت عن أكثر من 150 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورًا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
"إبادة جماعية" في غزة
وقالت أمنستي في بيان باللغة العربية نشرته على موقعها الإلكتروني: إن "بحوثها وجدت أدلّة وافية تثبت أنّ إسرائيل قد ارتكبت، ولا تزال ترتكب، جريمة الإبادة الجماعية ضدّ الفلسطينيين في قطاع غزّة المحتلّ".
وفي تقريرها وعنوانه "بتحسّ إنّك مش بني آدم: الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزّة"، أضافت المنظمة أن الأدلة التي جمعتها توثّق "فتح إسرائيل أبواب الجحيم والدمار على الفلسطينيين في قطاع غزّة، بصورة سافرة ومستمرة، مع الإفلات التام من العقاب، أثناء هجومها العسكري على القطاع في أعقاب الهجمات المميتة التي قادتها حماس في جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023"، حسب قولها.
ونقل البيان عن أنييس كالامار، الأمينة العامة لأمنستي، قولها: إنّ "تقرير منظمة العفو الدولية يظهر بوضوح أنّ إسرائيل ارتكبت أفعالًا تحظرها اتفاقية منع الإبادة الجماعية، بقصد خاص ومحدّد وهو تدمير الفلسطينيين في قطاع غزة".
وأضافت أنّ "هذه الأفعال تشمل قتل الفلسطينيين في قطاع غزة، وإلحاق أذى بدني أو نفسي بهم، وإخضاعهم عمدًا لظروف معيشية يراد بها تدميرهم المادي".
وأعربت كالامار عن أسفها لأن "إسرائيل ظلت على مدى شهور تعامل الفلسطينيين وكأنهم فئة دون البشر لا يستحقون حقوقًا إنسانية ولا كرامة، وأظهرت أن قصدها هو تدميرهم المادي".
وشدّدت الأمينة العامة لأمنستي على أنّ "نتائجنا الدامغة يجب أن تكون بمثابة صيحة تنبيه للمجتمع الدولي: هذه إبادة جماعية، ولا بدّ أن تتوقف الآن".
وحذّرت كالامار من أن "الدول التي تواصل توريد الأسلحة لإسرائيل في هذا الوقت تخل بالتزامها بمنع الإبادة الجماعية"، محذّرة إياها من أنها عرضة بالتالي لأن "تصبح متواطئة في الإبادة الجماعية".
وناشدت المسؤولة في المنظمة الحقوقية "كل الدول التي تمتلك نفوذًا على إسرائيل، وبخاصة أهم الدول التي تزود إسرائيل بالأسلحة مثل الولايات المتحدة وألمانيا، ولكن أيضًا الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، التحرك من أجل إنهاء الفظائع التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين".
وبحسب التقرير الواقع في 300 صفحة فإنّ 15 غارة جوية إسرائيلية نُفّذت بين 7 أكتوبر 2023 و20 أبريل/ نيسان 2024 أسفرت عن "مقتل 334 مدنيًا، من بينهم 141 طفلًا، وأمنستي لم تجد بشأن هذه الغارات أي دليل على أنّها كانت موجهة نحو أهداف عسكرية".
وشدّدت كالامار على أنّ "أبحاثنا أظهرت أنّ إسرائيل استمرت لعدة أشهر في ارتكاب أفعال الإبادة الجماعية، وهي تدرك تمامًا ما تلحقه بالفلسطينيين في قطاع غزة من أضرار لا يمكن جبرها".
وحذرت المسؤولة الحقوقية من أن "إسرائيل ظلت تزعم مرارًا أن أفعالها مشروعة، ويمكن تبريرها بهدفها العسكري المتمثل في القضاء على حماس. لكن قصد الإبادة الجماعية يمكن أن يكون قائمًا إلى جانب الأهداف العسكرية، ولا يتعيّن بالضّرورة أن يكون هو القصد الأوحد لدى إسرائيل"، حسب قولها.
مبعوث ترمب يبدأ مساعي "هدنة غزة"
سياسيًا، أفاد مصدر مطلع لوكالة "رويترز" أمس الأربعاء أن مبعوث الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف زار إسرائيل وقطر لبدء جهود دبلوماسية لترمب للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الأسرى قبل توليه منصبه في 20 يناير/ كانون الثاني.
وأضاف المصدر أن ويتكوف سافر إلى قطر وإسرائيل في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني والتقى برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس وزراء قطر وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وذكر المصدر أن الاجتماعات تشير إلى أن قطر استأنفت دورها كوسيط رئيسي بعد تعليقها لذلك الدور الشهر الماضي.
وأضاف المصدر أن من المرجح أن يعود مفاوضون من حماس إلى العاصمة القطرية الدوحة لتسهيل عقد جولة جديدة من المحادثات "قريبًا".
جهود بايدن
وفي سياق متصل، ذكر مسؤول أميركي أن مساعدي جو بايدن كانوا على علم باتصالات ويتكوف مع مسؤولين إسرائيليين وقطريين وآخرين في الشرق الأوسط، ويرون أن مبعوث ترمب يدعم اتفاق غزة في إطار نفس النهج الذي اتخذته الإدارة.
وتحتفظ إدارة بايدن، وليس ويتكوف، بقيادة الجهود الرامية إلى إحياء مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة. وأجرى قادة من حماس محادثات مع مسؤولين أمنيين مصريين في القاهرة يوم الأحد.
وقال المسؤول الأميركي لرويترز شريطة عدم الكشف عن هويته: إن "فريق الرئيس جو بايدن أطلع معسكر ترمب على المستجدات، لكن الجانبين لم يعملا معًا بشكل مباشر".
والإثنين، قال ترمب: إن "الثمن سيكون باهظًا في الشرق الأوسط إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في قطاع غزة قبل تنصيبه في 20 يناير".
وكتب ترمب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي "إذ لم يطلق سراح الرهائن قبل 20 يناير 2025، وهو التاريخ الذي سأتولى فيه بكل فخر منصب رئيس الولايات المتحدة، فستكون هناك ‘مشكلة خطيرة‘ في الشرق الأوسط وكذلك بالنسبة لمن ارتكبوا هذه الفظائع ضد الإنسانية".
محادثات ويتكوف في المنطقة
ويتكوف مستثمر في قطاع العقارات ومانح لحملة ترمب لكنه لا يملك أي خبرة دبلوماسية سابقة.
وفي حديثه عن تحذير ترمب يوم الإثنين، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لرويترز الأربعاء: إن كلام الرئيس المنتخب كان "انعكاسًا قويًا" للحاجة الملحة بين الجمهوريين والديمقراطيين إلى وقف إطلاق النار وإبرام اتفاق بشأن الرهائن.
وأضاف بلينكن" "سنمضي في كل السبل التي بوسعنا في الوقت المتبقي لنا سعيًا لاستعادة الرهائن والتوصل إلى وقف لإطلاق النار. وأعتقد أن بيان الرئيس المنتخب يعزز ذلك".