يعود مجد أنجلينا جولي السينمائي إلى فيلم Girl, Interrupted وهو من أفلامها المبكرة، ويتناول قصة فتاة شابة في مستشفى للأمراض النفسية تنتهي إلى الانتحار.
لم تكن الفتاة أنجلينا جولي بل "وينونا رايدر" التي قامت ببطولة الفيلم وأدت دور سوزانا، بينما أدت أنجلينا دورًا مساعدًا كان تذكرتها إلى أرفع الجوائز السينمائية في العالم، وإلى النجومية دفعة واحدة.
تؤدي أنجلينا دور ليزا رو التي أُدخلت المستشفى عندما كانت في الثانية عشرة من عمرها، وتقوم في الفيلم بدور الملاك الحارس لسوزانا، وتتمتع شخصيتها بجاذبية استثنائية، فهي دائمة التمرد، متلاعبة، متنمرة، ومؤذية، ومحاربة بلا أي حساب للربح أو الخسارة، لكنها أيضًا متضامنة بلا حدود. تصدر أفعالها عن أصالة، ضد المؤسسة ومفهوم المرض النفسي.
يُعدّ الفيلم التعميد الحقيقي لمن ستصبح الأعلى أجرًا في هوليوود، والأكثر شهرة ربما من بين أقرانها وقريناتها لنحو عشرين عامًا متواصلة، فقد حازت جائزتي غولدن غلوب وأوسكار أفضل ممثلة عن دور ثانوي عن ذلك الفيلم، ولم تكن قد تجاوزت الرابعة والعشرين من عمرها آنذاك.
وأصبحت صفات الشخصية التي أدت دورها في الفيلم لصيقة بأنجلينا، ويعود ذلك لتقاطع الصفات الشخصية للممثلة والدور (لأنجلينا والشخصية التي أدتها)، ما سيحكم مستقبل الممثلة في مقبل الأيام، فالشابة التي قامت بدور الملاك الحارس لرفيقتها في مستشفى الأمراض النفسية، سرعان ما تتحوّل إلى أكبر المدافعين والمدافعات عن اللاجئين في العالم، إلى درجة أن اللاجئين السوريين الذين استقبلوها في يونيو/ حزيران عام 2011 بعد شهور قليلة من الثورة الشعبية على الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد رفعوا لافتة ترحب بمن وصفوها بـ"ملاك الخير"حين زارتهم في مخيم ألتن أوزو في محافظة هاتاي التركية الذي كان من أوائل مخيمات اللاجئين السوريين في العالم.
وكما لعبت دورًا في الفيلم ضد الإساءات الجنسية فقد أصبحت في الحياة من أشد محاربي الإساءات الجنسية ضد النساء الضعيفات، ضحايا الحروب التي شهدت استخدام الاغتصاب وسيلة لكسر الأطراف الأخرى.
محاربة عنيدة ضد الإساءات الجنسية
وتُوّجت جهودها في هذا المجال بمنح العاهلة البريطانية الراحلة الملكة إليزابيث الثانية، رتبة "سيدة قائدة" في جوقة الفرسان، لأنجلينا جولي.
والرتبة هي ثاني أرفع وسام بريطاني، ويُمنح لمن يقومون بأعمال استثنائية وعلى قدر عال من الأهمية، وذلك لدورها والتزامها في مجال التصدّي للاغتصاب والعنف الجنسي في مناطق النزاعات.
وكان ذلك عام 2014، حيث افتتحت في العام نفسه بمعية وزير الخارجية البريطاني في حينه وليام هيغ، قمة غير مسبوقة حول العنف الجنسي في أثناء النزاعات واستخدام الاغتصاب سلاحًا للحرب، شارك فيها ممثلون عن نحو مئة دولة ومنظمة غير حكومية.
ويكاد يكون افتتاح أنجلينا للمؤتمر غير مسبوق في تاريخ المؤتمرات الدولية، ما يعكس التأثير الذي تمتّعت به الممثلة التي فاق تأثيرها الإنساني أهميتها في مجالها الأساسي وهو السينما، الأمر الذي سعت السينما إلى أن تكون سبّاقة فيه، بتكريم الممثلة على دورها في الحياة لا السينما وحسب، ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 نالت أنجلينا جولي أول أوسكار على عملها الإنساني، حين مُنحت جائزة جان هيرشلوت الإنسانية التي تمنحها أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة للشخصيات البارزة في الأعمال الإنسانية.
وجاءت الجائزة تكريمًا لجهود الممثلة في مساعدة اللاجئين عبر العالم، وألقت أنجلينا كلمة مؤثرة في حفل تسليمها الجائزة، قالت فيها إنها عرفت طبيعة حياة الكثير من الناس على هذه الأرض عندما التقت ناجين من الحروب والمجاعة والاغتصاب، وعرفت معنى الحرمان الذي يعانون منه، وقالت:
في الجانب الآخر من العالم امرأة مثلي، لديها المؤهلات ذاتها والرغبات ذاتها والحب نفسه لعائلتها. امرأة ستنجز بالتأكيد أفلامًا أفضل مني، وتلقي كلمات أفضل مني، إلا أنها في مخيم لاجئين ولا أحد يصغي إليها. همّها تأمين لقمة العيش لأولادها وسلامتهم، وتتساءل إن كانت ستنجح يومًا في العودة الى ديارها.
أنجلينا جولي: غزة مقبرة جماعية
لم يكن مستغربًا على امرأة هذا شأنها أن تُعيد قبل أيام نشر منشور لمنظمة "أطباء بلا حدود" عبر خاصية "ستوري" على حسابها في تطبيق إنستغرام، جاء فيه أن "غزة تحولت إلى مقبرة جماعية للفلسطينيين ولمن جاءوا لمساعدتهم"، مع مشاركتها التقرير الذي أعدّته المنظمة حول غزة.
وكانت أنجلينا نشرت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 عبر منصة إنستغرام تعليقًا على حرب الإبادة الإسرائيلية ضد غزة، قالت فيه:
هذا قصف متعمّد لسكان محاصرين في غزة لا يملكون مكانًا يهربون إليه. لقد كانت غزة سجنًا مفتوحًا منذ نحو 20 عامًا، وهي تتحول بسرعة إلى مقبرة جماعية.
وقالت في منشورها إن "40% من القتلى أطفال أبرياء. عائلات بأكملها تقتل. الملايين من المدنيين الفلسطينيين، من الأطفال والنساء والأسر، يتعرضون للعقاب الجماعي وتجريدهم من إنسانيتهم".
الخلاف بين الابنة والأب
وأثار موقف أنجلينا هذا غضب والدها، الممثل جون فويت، إضافة إلى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ الذي ندّد به، وكتب والدها أن ابنته لا تفهم خلفيات الصراع وطبيعته، وفق وصفه:
أشعر بخيبة أمل من تصريحات ابنتي كالكثيرين منكم، فهي لا تفهم أن الصراع حول تدمير تاريخ أرض الله، أرض اليهود المقدسة، بجانب الوقوف أمام العدالة السماوية. الإرهابيون هاجموا إسرائيل، والأمهات والأبناء الأبرياء، كما أنهم يحاولون إبادة اليهود والمسيحيين، الفلسطينيون حصلوا على الكثير من المال الذي لم يشاركوه مع أحد، وبدلًا من ذلك اشتروا به الأسلحة، وأنتم تعتبرون إسرائيل المشكلة؟!.
ولم تكن أجلينا وحدها في مرمى انتقادات والدها جون فويت، إذ سبق له أن اتهم في أغسطس/ آب 2014 الممثلة الإسبانية بينيلوبي كروز والممثل خافيير بارديم بمعاداة السامية، بعد تنديدهما بالهجمات الإسرائيلية على غزة.
وكان فويت نفسه زار في فبراير/ شباط 2022 المستوطنات بالضفة الغربية المحتلة، ووصفها بـ"قلب إسرائيل" قائلًا: "لا أفهم لماذا تُسمّى "يهودا والسامرة" الضفة الغربية؟".
ولا يقتصر الخلاف بين الأب والابنة على السياسة وحسب بل يشمل حياتهما معًا، فمن هي أنجلينا جولي التي قد تضيء خلافاتها مع والدها جوانب معتمة من شخصيتها ومواقفها التي تحظى بإعجاب كبير في العالم؟
من هي أنجلينا جولي؟
ولدت أنجلينا جولي عام 1975 في لوس أنجلوس للممثل الأميركي جون فويت ولعارضة الأزياء والممثلة السابقة مارشلين برتراند ذات الأصول الفرنسية، اللذين انفصلا بعد عام على ولادتها.
عاشت أنجلينا الطفلة مع والدتها في ولاية نيويورك حتى بلغت الحادية عشرة من عمرها قبل أن تعود إلى لوس أنجلوس، وتلتحق بمعهد "لي ستراسبرغ" المسرحي ولاحقًا بثانوية بيفرلي هيلز.
وانعكست هذه البيئة الأسرية المضطربة، بالإضافة إلى شعورها بتنمر زملائها بسبب نظارتها الطبية ومقوّم أسنانها، على شخصيتها، وعزّزت التمرد في داخلها، ما تسبّب بطردها من المدرسة عندما كانت في الرابعة عشرة من عمرها.
وفي عام 2001 قررت حذف اسم والدها من لقبها، وهو ما أقرته إحدى المحاكم في العام التالي، وكان رد فعل والدها اتهامها بالمعاناة من مشاكل نفسية.
في تلك الفترة كانت أنجيلينا قد ظهرت في عدة أفلام واقترنت بأول أزواجها (الممثل البريطاني جوني لي ميلر)، قبل أن تصبح نجمة تتهافت عليها شركات الإنتاج الكبرى، خاصة بعد بطولتها أول أفلام سلسلة "لارا كرافت: توم رايدر" الذي أطلق شهرتها المدوية.
مسيرة سينمائية باهرة
وبدأت أنجلينا تظهر في الأفلام والأعمال التلفزيونية منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، ونالت أول جائزة غولدن غلوب لها عن دور زوجة الحاكم السابق لولاية ألاباما في الفيلم التلفزيوني "جورج والاس" عام 1997، ونالت ثاني جائزة غولدن غلوب في العام التالي عن دورها في الفيلم التلفزيوني "جيا" Gia، عن حياة العارضة جيا كارانجي وصراعها مع النجاح والمخدرات والإيدز.
ومن أفلامها الأولى "بلاينغ غود" Playing God، و"فوكسفاير" Foxfire و"هاكرز" Hackers، إضافة إلى "ذو بون كولكتور" The Bone Collector مع دينزل واشنطن في فيلم "ذو بون كولكتور" The Bone Collector و"بوشينغ تين" Pushing Tin.
ويعتبر فيلم "غيرل إنتربتد" Girl, Interrupted عام 1999 مفصليًا في مسيرتها السينمائية، حيث نالت على دورها فيه جائزة غولدن غلوب وجائزة أوسكار ونقابة ممثلي التلفزيون والسينما "سكرين أكترز غيلد".
جوائز ونجاح جماهيري متواصل
بعد ذلك أدت دور البطولة في فيلم "لارا كرافت:تومب رايدر" عام 2001 الذي صُوّرت أجزاء منه في كمبوديا.
وبعد النجاح الجماهيري الكبير للفيلم أدت دور البطولة في الجزء الثاني منه، كما شاركت في عدة أفلام كرّست نجوميتها في هوليوود، ومنها "غون إن سيكستي سكندز" Gone in 60 Seconds مع نيكولاس كيج، و"تيكينغ لايفز" Taking Lives مع إيثان هوك، و"السيد والسيدة سميث" Mr. and Mrs. Smith مع براد بيت، و"ذا غود شيبرد" The Good Shepherd مع روبرت دي نيرو، و"وانتد" Wanted و SALT و CHANGELING وهو من إخراج كلينت إيستوود وMALEFICENT.
وأصبحت أنجلينا جولي الممثلة الأعلى أجرًا في هوليوود عام 2013 بعائد سنوي وصل إلى 33 مليون دولار، بحسب تصنيف مجلة "فوربز" السنوي، وقالت المجلة في حينه إن أنجلينا التي كانت تبلغ آنذاك 38 عامًا من عمرها، هي "من الممثلات القليلات اللواتي يمكنهن طلب أكثر من 15 مليون دولار في مقابل مشاركتها في فيلم" واحد.
الأنوثة في محنتها الكبرى
الجمال ليس الهشاشة بل القوة أيضًا.
تُختبر أنجلينا جولي في أنوثتها فتقدّم نموذجها الخاص في المقاومة المبكرة، ومقاربتها الفريدة في مفهوم الأنوثة، وتفعل ما تخشاه كثيرات.
عام 2013 تستأصل ثدييها، وبعد ذلك بعامين، في مارس/ آذار 2015، تستأصل مبيضيها وقناتي فالوب خشية الإصابة بالسرطان، وتقول أنجلينا التي توفيت والدتها وجدتها وخالتها جرّاء السرطان إنها أرادت أن تلفت انتباه بقية النساء.
يُظهر تحليل دم احتمال إصابتها بالسرطان فتخضع للعملية بسبب السوابق العائلية، ولأنها تحمل الجينة "بي آر سي ايه1" التي تعرّضها لخطر الاصابة بسرطان المبيض بنسبة 50%. وهي الجينة نفسها التي دفعتها قبل سنتين لاستئصال الثديين لأن احتمال إصابتها بهذا السرطان كان بنسبة 87%.
لعلها تجربة مؤلمة أكثر مما يجب، على خلاف ما جاء في رسالة نشرتها الممثلة الشهيرة في صحيفة نيويورك تايمز، وسردت فيها تجربتها في استئصال المبيضين، فقد جهّزت نفسها للعملية منذ فترة طويلة، واتخذت القرار غير السهل على حد وصفها. وتضيف أنها قابلت طبيبها قبل أسبوعين من العملية فأخبرها أن تحاليل دمها تظهر عددًا من المؤشرات العالية الى وجود التهابات يمكن أن تشكّل مجتمعة مؤشرًا مبكرًا الى السرطان.
كتبت انجلينا تقول إنها اتصلت بزوجها (براد بيت) الذي كان في ذلك الوقت في فرنسا فاستقل الطائرة عائدًا ليكون بجانبها، وتروي أن الأطباء الذين استشارتهم أخبروها أن استئصال المبيضين والقناتين هو الحل الأفضل في حالتها لأن ثلاث نساء من عائلتها توفين جراء السرطان.
وأصيبت والدة أنجلينا بسرطان المبيض وهي في التاسعة والأربعين من عمرها، وتوفيت عن 56 عامًا ، ما دفع أنجلينا لاتخاذ القرار الصعب: "لن أتمكن من إنجاب الاطفال بعد الآن وأتوقع تغييرات جسدية. إلا أنني أشعر بالراحة مهما حصل، ليس لأنني قوية فحسب، بل لأن هذا جزء من حياتي. ولا ينبغي الخوف".
زواج وطلاق
ولم تكن هذه محنة أنجلينا الوحيدة بل علاقاتها العاطفية أيضًا، وتحديدًا الزوجية، فقد تزوجت ثلاث مرات، الأولى من الممثل البريطاني جوني لي ميلر، وبيلي بوب ثورنتون، وأخيرًا براد بيت الذي ارتبطت به عاطفيًا خلال تمثيلهما معًا في فيلم "السيد والسيدة سميث" عام 2004 الذي أديا فيه دور زوجين، وكان بيت في حينه متزوجًا من جنيفر أنيستون، نجمة المسلسل الكوميدي "أصدقاء".
وتزوج بيت وجولي عام 2014 بعد نحو عشر سنوات من العلاقة بينهما، لكنهما انفصلا بعد ذلك بعامين (2016) بناء على طلبها، ودخلا في نزاعات قضائية مريرة قبل أن يتوصلا إلى اتفاق طلاق نهاية 2024 .
ولأنجلينا وبراد بيت ثلاثة أطفال، بالإضافة إلى أربعة آخرين تبنتهم الممثلة الشهيرة كان آخرهم طفل سوري اسمه موسى.
وجنت أنجلينا نحو 4 ملايين دولار عوائد صور طفلتها الأولى من بيت "شايلوه" تبرعت بها لدار رعاية زهرا التي أنشأتها أنجلينا وأطلقت عليها اسم ابنتها المتبناة الإثيوبية الأصل، كما حصلت على أكثر من 14 مليون دولار على صور طفليها التوأم من بيت، وتبرعت بالمبلغ أيضًا لدار الرعاية نفسها.
أن تعرف الفقراء في العالم
لم تكن الممثلة الشهيرة مثل كثيرين من الشبان الأميركيين الأثرياء يعرفون الكثير عن الأوضاع في بقية العالم، وكانت رحلتها إلى كمبوديا لتصوير فيلم "لارا كرافت: تومب رايدر" بمثابة جرس التنبيه لها، فقد صُدمت الممثلة التي تعتبر أيقونة للجمال في العالم بحجم الفقر وتوحشه في ذلك البلد الآسيوي، ما جعل أولوياتها تتغيّر، مقرّرة بذل كل ما تستطيع للتخفيف من الفقر والمساهمة في تغيير مصائر الناس.
وتلاقت رغبتها هذه مع رغبة مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة التي استعانت بجولي في برامجها عبر العالم للحد من الآثار الكارثية للجوء، حيث عملت أنجلينا لنحو 20 عامًا مع المنظمة الدولية.
وفي عام 2022 أعلنت إنهاء عملها مع المفوضية السامية للاجئين، قائلة: "بعد أكثر من 20 عامًا، أترك اليوم عملي مع مفوضية اللاجئين. المفوضية مليئة بالرائعين وهم يُحدِثون فَرقًا في حياة الناس، سأعمل الآن مع المنظمات التي يقودها الأشخاص المتضررون بشكل مباشر بالنزاعات لمنحهم الصوت الأقوى".
سفيرة النوايا الحسنة
وبدأت أنجلينا العمل مع المفوضية عام 2001، وعينت سفيرة نوايا حسنة لها عام 2012. وقامت بأكثر من 60 مهمة ميدانية للمفوضية كان آخرها في بوركينا فاسو.
وتابعت أنجلينا اللجوء السوري منذ بداياته عام 2011 عندما كان اللاجئون السوريون بعشرات الآلاف، وقبل أن يصبحوا عدة ملايين في العالم، حيث زارت مخيماتهم في تركيا والأردن ولبنان عدة مرات، والتقت زعماء المنطقة من رجب طيب أردغان إلى المسؤولين الأردنيين واللبنانيين والعراقيين من أجلهم، وألقت كلمات تتحدث عنهم وتسرد أحوالهم ومآسيهم في مؤتمرات دولية وإقليمية، إلى درجة يمكن عدّها السفيرة الأبرز للاجئين السوريين في العالم.
وعندما زارت أنجلينا مخيم ألتن أوزو للاجئين في محافظة هاتاي (جنوب تركيا) في يونيو/ حزيران 2011 استقبلها اللاجئون بلافتة على مدخل المخيم تقول: "أهلاً وسهلاً بملاك الخير في العالم".
وكان المخيم يضم آنذاك 1400 لاجئ سوري فقط، في حين كان عدد القتلى الذين سقطوا خلال قمع السلطات للثورة الشعبية التي انطلقت في مارس/ آذار من ذلك العام على الرئيس السابق بشار الأسد لا يزيدون عن 1200 قتيل والمعتقلون نحو 10 آلاف.
تضاعفت الأرقام عشرات المرات على الأقل منذ ذلك الوقت، وتحوّل نصف الشعب السوري إلى لاجئين ونازحين خلال سنوات الثورة الـ14، كما قُتل مئات الآلاف قبل أن يُطاح بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
كانت أنجلينا، المرأة الجميلة بعينيها الواسعتين، خلال هذه السنوات، ترى وتقاوم وتحضن طيلة الوقت، ولم تبحث عن تمثال لها في ساحة إحدى المدن أو البلدات السورية.
لعلّ من مدّت لهم يدًا يفعلونها ذات يوم.
