الإثنين 25 مارس / مارس 2024

أهداها أيقونة تاريخية.. بوتين يعزز الروابط مع الكنيسة وسط حرب أوكرانيا

أهداها أيقونة تاريخية.. بوتين يعزز الروابط مع الكنيسة وسط حرب أوكرانيا

Changed

تقرير سابق حول زيارة بوتين المفاجئة لجزيرة القرم وماريوبول (الصورة: غيتي- أرشيف)
تُعد أيقونة "الثالوث" التي رُسمت قبل 600 عامًا من أشهر الأيقونات في روسيا، وقد انتقلت من متحف تريتياكوف إلى الكنيسة الأرثوذكسية ما أثار الانتقادات.

في مؤشر على تعزيز الروابط بين الكرملين والقادة الدينيين، قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشهر الماضي، تسليم، أيقونة "الثالوث" الأشهر في بلاده، للكنيسة الأرثوذكسية الروسية بعدما كانت في متحف تريتياكوف.

وتعد هذه اللوحة التي- رسمها أندري روبليف في العصور الوسطى قبل 600 عام تقريبًا- وتصوّر ثلاثة ملائكة، أحد أشهر الروائع الفنية الروسية في العالم.

وأثارت خطوة بوتين انتقادات من خبراء الترميم والمؤرخين الفنيين، الذين حذروا من أن هذه الأيقونة السريعة العطب قد لا تنجو خارج جدران متحف تريتياكوف.

وجاء تسليم الأيقونة مع دخول الهجوم الروسي على أوكرانيا عامه الثاني، ودعم البطريرك كيريل للهجوم وقوله إن: الموت في أوكرانيا "يمحي كل الخطايا".

تعد لوحة أيقونة "الثالوث" أشهر الأيقونات الروسية (الصورة: غيتي)
تعد لوحة أيقونة "الثالوث" أشهر الأيقونات الروسية (الصورة: غيتي)

وحذر ليف ليفشيتس، أحد كبار المؤرخين الفنيين من أن أيقونة الثالوث، يمكن أن تُدمر، قائلاً إنه يعتقد أن قرار تقديمها للكنيسة سياسي.

وقارن ذلك بحالة شخص مريض، وأوضح: "إذا أُخرج مريض في حالة حرجة من وحدة العناية المشددة فجأة، ماذا سيحصل برأيكم؟".

ومع تأخر حسم الحرب على أوكرانيا، تتزايد رغبة السلطات الروسية في وضع الهجوم في سياق ديني.

ورُسمت الأيقونة لما يعرف الآن بدير "الثالوث لافرا للقديس سيرغيوس" في بلدة سيرغييف بوساد قرب موسكو.

وبعد الثورة البلشفية عام 1917، نقلت السلطات السوفياتية العمل الفني إلى متحف تريتياكوف عام 1929.

وقالت الكنيسة: إن الأيقونة ستُعرض أولًا في "كاتدرائية المسيح المخلص" في موسكو قبل إعادتها إلى الدير التاريخي في سيرغييف بوساد. ويؤكد المسؤولون الدينيون أن لديهم كافة السبل للحفاظ على الأيقونة الثمينة.

وهذه ثاني مرة يُقدم فيها كنز وطني للكنيسة في الأسابيع الأخيرة. وأعلن متحف هيرميتاج في سان بطرسبورغ أن ديرًا روسيًا سيتسلم التابوت الفضي لألكسندر نفيكسي، الأمير والبطل القومي من القرون الوسطى.

سيتسلّم دير روسي التابوت الفضي لألكسندر نفيكسي
سيتسلّم دير روسي التابوت الفضي لألكسندر نفيكسي (الصورة: غيتي)

وقال مدير المتحف ميخائيل بيوتروفسكي الذي أشاد بالهجوم على أوكرانيا: إن القرار خطوة صحيحة "في هذا الوقت الجيوسياسي". وأضاف أمام الصحافيين: "الأهمية المقدسة للقطعة أكبر من قيمتها الفنية".

ماذا تقول الأسطورة؟

وفي مؤشر على أن الكنيسة لن تتسامح مع المعارضة، أقال البطريرك كيريل رجل دين يرأس مجلس خبراء بطريركية موسكو لشؤون الفنون الكنسية، وحظره من الكهنوت بعد أن قال إن سلامة الأيقونة هي الأهم.

وفي تصريح لـ "فرانس برس"، قال رئيس الكهنة ليونيد كالينين قبيل إقالته: إن "المكان الصحيح لها هو الموقع الذي رُسمت من أجله".

وقال الكرملين إنه خلال زيارة نادرة إلى جنوب أوكرانيا في أبريل/ نيسان، قدمّ بوتين للجنود نسخة من أيقونة تاريخية.

كما زار بوتين في مارس/ آذار الماضي بشكل مفاجئ جزيرة القرم بواسطة سيارته الخاصة، لافتتاح مدرسة فنون للأطفال وذلك في الذكرى التاسعة لضم شبه الجزيرة إلى روسيا، كما أجرى زيارة مفاجئة أخرى لماريوبول الأوكرانية التي تسيطر عليها قواته.

ويرى مؤرخ الفن ليفشيتس أن أيقونة الثالوث ساعدت حكامًا روسًا في أوقات عصيبة. وقال إن "التأمل في (أيقونة) الثالوث للرسام روبليف ساعد أمراء روسًا في تجاوز عداوات".

وتقول الأسطورة الشعبية: إن جوزيف ستالين، الدكتاتور خلال فترة الاتحاد السوفياتي، سعى أيضًا لمساعدة إلهية في المعركة ضد ألمانيا النازية.

وتضيف الحكاية الشعبية أنه في محاولة لإنقاذ موسكو من القوات الألمانية الزاحفة عام 1941، حلّقت طائرة تحمل أيقونة فوق العاصمة الروسية. بعد عامين التقى ستالين بقادة دينيين وبارك التعاون بين الكنيسة والحكومة السوفياتية.

تصاعد الغضب الشعبي

وبالنسبة لليليا يفسييفا، مؤرخة الفنون في متحف الأيقونات الروسية في موسكو، فإذا غادرت متحف تريتياكوف نهائيًا "لن تراها أجيال المستقبل في حالتها الحالية".

بعد تصاعد الغضب الشعبي، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن الأيقونة ستُعرض في كاتدرائية المسيح المخلص، حيث سيتخذ الخبراء القرار بشأن ترميمها المستقبلي.

ويصر خبراء الفنون على ألا تغادر الأيقونة المتحف. بل أن أعضاء الأكاديمية الروسية للعلوم خرجوا عن صمتهم وقالوا إن الأيقونة لا يجب أن تنقل "حتى ولو لفترة زمنية محدودة".

وفي رسالة مفتوحة لوزراء الثقافة، قالوا إن متحفًا فقط يمكنه ضمان الحفاظ على أيقونة الثالوث لروبليف. وأضافوا أن "التحف الفنية من لوحات أيقونات روسية وكنوز وطنية لا ينبغي أن تكون عرضة لمخاطر غير مبررة".

المصادر:
أ ف ب

شارك القصة

تابع القراءة
Close