السبت 17 مايو / مايو 2025
Close

إخوان الأردن.. توتر مكتوم مع السلطات ودفء متقطّع

إخوان الأردن.. توتر مكتوم مع السلطات ودفء متقطّع محدث 17 نيسان 2025

شارك القصة

العلاقة بين السلطات الاردنية والاخوان تتأرجح بين توتر مكتوم ودفء متقطع-غيتي
العلاقة بين السلطات الاردنية والاخوان تتأرجح بين توتر مكتوم ودفء متقطع-غيتي
الخط
يعود انخراط جماعة إخوان الأردن في السياسة إلى نهاية أربعينيات القرن الماضي، فقد شاركت في حرب فلسطين عام 1948 بسرية عسكرية اسمها "أبو عبيدة عامر بن الجراح".

تأسست "جماعة الإخوان المسلمين" عام 1928 في مدينة الإسماعيلية المصرية على يد الشيخ حسن البنا عام 1928، وانتقلت بنشاطها إلى القاهرة عام 1932، وكانت تسعى في سنوات تأسيسها الأولى إلى الدعوة الدينية ومساعدة الطبقات الفقيرة، قبل أن تنخرط في العمل السياسي في نهاية ثلاثينيات القرن الماضي، من خلال مناهضة الاحتلال الإنكليزي لمصر.

وفي أربعينيات القرن الماضي انتشرت فروع للجماعة في الدول العربية التي استقلت حديثًا، أو التي كانت تحت الاستعمارين البريطاني والفرنسي.

الجماعة والملك عبد الله الأول

عام 1945 زار سعيد رمضان، صهر مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا، الأردن لتأسيس فرع لها هناك، وهو ما حدث في العام نفسه حيث سمحت سلطات إمارة شرق الأردن آنذاك لعدد من الشخصيات الأردنية، وهم إسماعيل البلبيسي وعبد اللطيف أبو قورة وإبراهيم جاموس وراشد دروزة وقاسم الأمعري بتأسيس "جمعية" باسم "جمعية الإخوان المسلمين".

وافتتح الملك عبد الله الأول بن الحسين، مقر الجمعية الكائن في وسط العاصمة عمّان عام 1946.

الملك عبد الله الأول بن الحسين مؤسس المملكة الأردنية-غيتي
الملك عبد الله الأول بن الحسين مؤسس المملكة الأردنية-غيتي

حدث ذلك في عام مفصلي في تاريخ الأردن، ففي عام 1946 انتهى الانتداب البريطاني على إمارة شرق الأردن، وأعلن الأردن استقلاله وتحوّله إلى النظام الملكي، وفي 25 مايو/أيار من ذلك العام أُعلن الأمير عبد الله الأول بن الحسين ملكًا على البلاد. 

الإخوان يشاركون في تتويج الملك

وفي العام نفسه افتتح الملك عبد الله الأول جمعية الإخوان المسلمين في عاصمة بلاده، ما يؤكد امتداد علاقة الجماعة مع الأردن إلى الاستقلال. وكان من مؤشرات دفء العلاقات بين العاهل الأردني والإخوان المسلمين أن وفودًا من الجماعة قادمة من مصر وفلسطين شاركت في حفل تتويجه ملكًا للأردن.

ويشير مؤرخون إلى أن الشيخ عبد المعز عبد الستار، مندوب الجماعة المصرية في الاحتفال، سلّم العاهل الأردني شارة الإخوان، وألقى كلمة في حفل التتويج.

وظلت العلاقة بين الجانبين على دفئها طيلة عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، حيث التقت مصالحهما إزاء صعود التيارات القومية واليسارية في المنطقة والأردن.

وعندما شكّل سليمان النابلسي رئيس الحزب الاشتراكي، الحكومة الأردنية عام 1956، قوبل ذلك بفتور إن لم يكن ريبة ما توصف بالدولة العميقة في الأردن ومن جماعة الإخوان أيضًا، التي وقفت مع العاهل الشاب آنذاك الملك حسين بن طلال بعد محاولة انقلابية فاشلة عليه، وهو ما استمر بعد أحداث الصدام العسكري المسلح بين السلطات الأردنية والتنظيمات الفدائية الفلسطينية عام 1970.

أبو قورة وحرب 48

ويعود انخراط جماعة إخوان الأردن بالسياسة إلى نهاية أربعينيات القرن الماضي، فقد شاركت في حرب فلسطين عام 1948 بسرية عسكرية اسمها "أبو عبيدة عامر بن الجراح"، قوامها 120 رجلًا بقيادة عبد اللطيف أبو قورة، أول مراقب عام للجماعة في الأردن، واستشهد عدد من أعضاء الحركة في تلك الحرب.

تعود العلاقة بين الاردن وجماعة الاخوان الى اربعينيات القرن الماضي-غيتي
تعود العلاقة بين الاردن وجماعة الاخوان الى اربعينيات القرن الماضي-غيتي

ومع صعود المقاومة الفلسطينية في ستينيات القرن الماضي، اشتركت الجماعة تحت عباءة حركة فتح التي كان يترأسها الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، في العمل الفدائي ضد إسرائيل، وكانت لها قواعد تجنيد وتدريب خاصة بها سُمّيت "قواعد الشيوخ"، لكن العلاقة بين الجماعة وحركة فتح أصيبت لاحقًا بتصدّعات لم يكن من السهل ترميمها.

وخلال الصدام العسكري بين الجيش الأردني والفصائل الفلسطينية نأت الجماعة بنفسها عن "الفتنة"، ما فتح الطريق أمامها لتصبح رقمًا صعبًا في علاقات السلطات الأردنية مع التيارات السياسية المعارضة، إما لإحداث التوازن في المشهد السياسي والمجتمع الأردني، أو مساندة السلطات في معاركها التكتيكية مقابل مكاسب سياسية تمثّلت بحرية العمل السياسي بهامش كبير، أخذ يتسع شيئًا فشيئًا حتى وصل في منتصف الثمانينيات إلى بسط الجماعة سيطرة شبه مطلقة على الفضاء السياسي العام، وخاصة في النقابات المهنية التي عرفت صعودًا كبيرًا في دورها آنذاك.

توتر مكتوم ودفء متقطع

وتراوحت العلاقة بين الجانبين في تلك الحقبة ما بين توتر مكتوم ودفء متقطع، حرص الطرفان خلالها على إبقاء حبل الود بينهما، لكنّ هذا الحبل كاد ينقطع بعد أحداث جامعة اليرموك عام 1986 واعتقال عدد من قيادات الجماعة وعناصرها، على خلفية مشاركة طلاب الجماعة في الجامعة في الإضراب الطلّابي احتجاجًا على رفع الرسوم الجامعية الذي انتهى باقتحام الجيش حرم الجامعة وفض الإضراب بالقوة.

لكن العلاقة ظلت محكومة رغم ذلك بمعادلة التحالف لإحداث التوازن في المعادلة السياسية الداخلية، فالجماعة كانت "حاجة" لدى السلطات في كثير من الأحداث المفصلية، والنظام كان "ضرورة" للجماعة فيما يتعلق بالشرعية وحرية العمل. 

صورة تعود الى عام 1999 للعاهل الاردني يؤدي الصلاة وبجواره عبد المجيد الذنيبات- غيتي
صورة تعود لعام 1999 للعاهل الاردني يؤدي الصلاة وبجواره القيادي في الإخوان عبد المجيد الذنيبات- غيتي 

وبعودة الدفء حققت جماعة الإخوان فوزًا كبيرًا بمعايير تلك الحقبة في الانتخابات النيابية التي أجريت عام 1989، بعد إلغاء العاهل الأردني الراحل الملك حسين العمل بالأحكام العُرفية في البلاد، إذ فازوا بـ22 مقعدًا من أصل 80 مقعدًا في مجلس النواب، كما شاركوا في الحكومة، وترأس أحد أعضائها (عبد اللطيف عربيات) البرلمان الأردني لثلاث دورات نيابية.

وجاءت حرب الخليج 1990 ومؤتمر مدريد للسلام 1991 ليُباعدا المسافات بين الجانبين، ما جعل حبل العلاقات مشدودًا على آخره، فإكراهات الدولة لم تعد تنسجم وأيديولوجيا الجماعة.

تغيّر المعادلات القديمة

ومنذ ذلك الوقت بدأ المنحنى البياني للعلاقات بالهبوط، والتوتر في ازدياد، فقد حلّ رئيس الوزراء عبد السلام المجالي البرلمان، وأصدرت حكومته عام 1992 قانونًا جديدًا للانتخابات، عُرف بقانون الصوت الواحد بديلًا عن القائمة الشاملة، لتحجيم الجماعة وتقليص نفوذها في الشارع ومؤسسات المجتمع المدني والبرلمان، لكن الجماعة سرعان ما تأقلمت مع الواقع السياسي الجديد فشكّلت حزب "جبهة العمل الإسلامي" الذي أصبح واجهة الجماعة سياسيًا.

وخاض الحزب انتخابات عام 1993 ففاز بـ17 مقعدًا، في تراجع واضح لقوتهم ونفوذهم السابقين، ما دفعهم بالإضافة إلى أسباب أخرى لمقاطعة انتخابات عام 1997، وجاء قرار حكومة عبد الرؤوف الروابدة إبعاد قادة حماس خارج البلاد عام 1999 ليضع معادلة العلاقة بين الجماعة وبين السلطات على المحك فعليًا، وفي الفترة التي تلت التوتر بين الجانبين لم يفز حزب جبهة العمل الإسلامي إلا بـ6 مقاعد فقط في انتخابات عام 2007 النيابية.

العاهل الاردني الملك عبد الله مستقبلا القيادي في حماس خالد مشعل عام 213-غيتي
العاهل الاردني الملك عبد الله مستقبلا القيادي في حماس خالد مشعل عام 213-غيتي

أضيفت إلى ذلك ملفات جمعية المركز الإسلامي، الذراع الاقتصادية للجماعة، التي حلّت الحكومة هيئتها الإدارية عام 2010 وجمّدت أموالها، والانشقاقات الداخلية واحتدام الصراع بين تياري الصقور والحمائم داخل الجماعة نفسها، لتعجّل من احتمال نهاية معادلة التعايش القديمة بين السلطات والجماعة.

عودة قوية ومخاوف رسمية

بعد ثورات الربيع العربي وحلّ الأحزاب التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في دول عربية عدة، حافظت السلطات والجماعة في الأردن على ما تبقى من حبل ود بينهما، لكن العلاقات بينهما ظلت فاترة في ظل ما وصف بتراجع نفوذ الجماعة في الشارع الأردني بعد انتصار الثورات المضادة في دول الربيع العربي.

وجاء فوز حزب جبهة العمل الإسلامي في انتخابات 2024 بـ31 مقعدًا في البرلمان من أصل 138، أي بنسبة 22% من أعضاء المجلس النيابي، مفاجئًا للسلطات والجماعة نفسها وفق بعض التعليقات.

وتتهم أطراف مقربة من الحكومة الأردنية الجماعة بالاستقواء على السلطات بالعدد الكبير لنوابها في البرلمان، ومحاولة نقله إلى الشارع أيضًا، مستثمرة حرب الإبادة في قطاع غزة، لكن الجماعة تنفي. 

تابع القراءة

المصادر

خاص موقع التلفزيون العربي