الثلاثاء 18 تشرين الثاني / نوفمبر 2025

إضاءة صخرة الروشة ليست رمّانة.. بل "قلوب مليانة"

إضاءة صخرة الروشة ليست رمّانة.. بل "قلوب مليانة"

شارك القصة

حادثة إضاءة حزب الله لصخرة الروشة بصورة حسن نصر الله وهاشم صفي الدين تكشف عمق التوتر بين رئيس الوزراء نواف سلام والحزب - غيتي
حادثة إضاءة حزب الله لصخرة الروشة بصورة حسن نصر الله وهاشم صفي الدين تكشف عمق التوتر بين رئيس الوزراء نواف سلام والحزب - غيتي
الخط
كشفت المواقف المتبادلة بين رئيس الحكومة وحزب الله عن جبل جليد من التوتر في العلاقة كان يخفيه الهدوء الظاهري، وجاءت حادثة الصخرة لتزيح الغطاء عنه.

على الرغم من مرور عشرة أيام على حادثة إضاءة حزب الله لصخرة الروشة في بيروت بصورة الأمينين العامين الراحلين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، فإن تداعيات هذه الخطوة لا تزال تتفاعل وتكشف عن مزيد من التعقيد في العلاقة بين رئيس الوزراء نواف سلام وحزب الله.

من الواضح أن سلام لم "يبتلع" كسر الحزب قراره بمنع إضاءة الصخرة، فقرّر إدراج بندين في صدارة جدول أعمال مجلس الوزراء المقبل: الأول، يطلب من وزير العدل عرض ما قامت به الأجهزة القضائية المختصة بشأن ما حصل في منطقة الروشة ومخالفة قرار رئيس الوزراء، والثاني، يطلب من وزير الداخلية سحب ترخيص جمعية "رسالات" التي تقدّم حزب الله عبرها بطلب تنظيم التجمّع في المكان.

ردّ حزب الله لم يتأخر على تصعيد رئيس الحكومة، إذ حذر نائب في الحزب من مغبة سحب ترخيص الجمعية، معتبرًا أن أي قرار يصدر عن رئيس الوزراء في هذا الشأن "يبلّه ويشرب ماءه"، على حدّ تعبيره، مهددًا أنّه "بالتحدي لا أحد يأخذ منّا نتيجة". وفي الاتجاه نفسه، اعتبر نائب آخر من الحزب أن الحكومة إن تجرأت على سحب الترخيص، "سيكون لنا كلام آخر".

مراسلة التلفزيون العربي تتحدث في رسالة سابقة عن كسر حزب الله لقرار رئيس الحكومة بمنع إضاءة صخرة الروشة

"حبل جليد" بين سلام وحزب الله

هذه المواقف المتبادلة بين الطرفين كشفت عن جبل جليد من التوتر في العلاقة كان يخفيه الهدوء الظاهري، وجاءت حادثة الصخرة لتزيح الغطاء عنه. فالعلاقة بين الطرفين تشهد تصعيدًا على مستويين: الأول يتمثّل في تجدد التوتر بين سلام وحزب الله بعد هدنة إعلامية استمرت أشهرًا، والثاني ـ وهو الأحدث والأكثر حساسية ـ بروز خلاف واضح بين السراي الحكومي والقصر الجمهوري في بعبدا.

لم يكتفِ رئيس الجمهورية جوزيف عون بترك رئيس حكومته يواجه حزب الله منفردًا بعدما تعرّضت "هيبة" رئاسة الحكومة للاهتزاز إثر كسر قرار منع الإضاءة، بل ذهب أبعد من ذلك عبر خطوة اعتُبرت إشارة إلى تباعد الموقفين داخل السلطة التنفيذية.

فقد أصدر وزير الدفاع المحسوب على رئيس الجمهورية بيانًا انتقد فيه ـ ضمنًا ـ رئيس الحكومة، ردًّا على ما نُقل عن سلام من اتهامات بتقصير الجيش والقوى الأمنية في تنفيذ قراره. وترددت معلومات عن أن البيان صيغ من قبل فريق رئيس الجمهورية الذي كان موجودًا في نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ تبع رئيس الجمهورية تلك الخطوة بخطوة أخرى أثارت استياء سلام، حين استقبل قائد الجيش رودولف هيكل ومنحه وسامًا، في إشارة وُصفت بأنها ردّ غير مباشر على انتقادات رئيس الوزراء للمؤسسة العسكرية ورئيسها، وتأكيد من الرئيس عون على أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، لا أحد سواه.

عون يقلد هيكل وسام الأرز الوطني من رتبة الوشاح الأكبر تقديراً لعطاءاته - الرئاسة اللبنانية
عون يقلد هيكل وسام الأرز الوطني من رتبة الوشاح الأكبر تقديراً لعطاءاته - الرئاسة اللبنانية
عون يقلد هيكل وسام الأرز الوطني من رتبة الوشاح الأكبر تقديراً لعطاءاته - الرئاسة اللبنانية

حزب الله بين عون وسلام

التمايز في مواقف وأداء رئيسي الجمهورية والحكومة تجاه حزب الله انعكس بدوره على كيفية تعاطي الحزب مع كلٍّ منهما. فقد ركز الحزب انتقاداته على الحكومة ورئيسها تحديدًا، متهمًا إياهما بالتقصير في ملفات عدة، أبرزها ملف إعادة الإعمار، وعدم بذل الجهد المطلوب للضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية التي احتلتها بعد العدوان، فضلًا عن التغاضي عن المطالبة بالأسرى اللبنانيين لديها.

وفي كلمته الأخيرة، وجّه الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم انتقادات حادة إلى الحكومة، داعيًا إياها إلى إدراج هذه الملفات ضمن جدول أعمال مجلس الوزراء بشكل دائم، والتحرك دبلوماسيًا لتحقيقها.

غير أن الملاحظة الأبرز تكمن في أن الحزب لم يوجّه أي انتقاد إلى رئيس الجمهورية، رغم أنه هو من يترأس جلسات مجلس الوزراء ويضع جدول أعمالها بالتشاور مع رئيس الحكومة، وله صلاحية إثارة أي مسألة من خارج الجدول وفق الدستور. ومع ذلك، اقتصر انتقاد الحزب على سلام وحده.

اتفاق مسبق؟

قد يفسّر هذا التمييز في تعاطي حزب الله بين رئيسي الجمهورية والحكومة ما كشفه النائب عن الحزب حسن فضل الله قبل أسبوعين في مقابلة مع منصة "العربي" ضمن برنامج "هامش جاد". إذ أشار إلى اتفاق تمّ التوصل إليه مع رئيس الجمهورية قبل انتخابه، ينصّ على تمثيل "الثنائي الشيعي" في حكومات العهد، وعلى حصر تطبيق قرار تسليم سلاح الحزب جنوب نهر الليطاني فقط.

ورغم أن هذا التصريح أثار ضجة واسعة، فإن رئاسة الجمهورية لم تصدر أي نفي أو تأكيد رسمي بشأنه، ما أبقى الباب مفتوحًا أمام تأويلات متعددة حول طبيعة العلاقة بين الطرفين وحدود التفاهم القائم بين بعبدا وحزب الله، في مقابل تصعيد واضح ومستمر تجاه السراي الحكومي.

حلقة من بودكاست "هامش جاد" استضافت النائب عن حزب الله حسن فضل الله
تابع القراءة

المصادر

خاص موقع التلفزيون العربي