الأربعاء 17 أبريل / أبريل 2024

إضراب عام يشل البلاد.. كيف ينعكس موقف "اتحاد الشغل" على الأزمة التونسية؟

إضراب عام يشل البلاد.. كيف ينعكس موقف "اتحاد الشغل" على الأزمة التونسية؟

Changed

ناقش برنامج "للخبر بقية" تأثير الإضراب العام على المشهد السياسي في تونس (الصورة: الأناضول)
رأى البعض في الإضراب تغييرًا كبيرًا بموقف أحد أبرز اللاعبين في المشهد السياسي التونسي، فيما يعتقد آخرون أن الخلاف الذي حاول اتحاد الشغل تدوير زواياه بات أمرًا واقعًا.

شلّ الإضراب العام الذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل، العمل في كل أنحاء البلاد، حيث توقّفت وسائل النقل العامة، وتأجّلت جميع رحلات الخطوط الجوية التونسية.

وأشاد الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي بالاستجابة للدعوة إلى الإضراب، متحدثًا عن "نجاح كبير".

 وأكد الاتحاد أن الهدف من الإضراب اقتصادي، وليس سياسيًا، اعتراضًا على اقتراحات من الحكومة بتجميد الأجور، وخفض الدعم، إذ تريد الحكومة تسهيل التوصل إلى اتفاق قرض من صندوف النقد الدولي بقيمة 4 مليارات دولار.

ويرفع الاتحاد لهجة التحدي أمام الحكومة، وحمّل حكومة نجلاء بودن مسؤولية الإضراب العام، قائلًا إن الإضراب هو دفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بعدما ماطلت الحكومة في الاستجابة إلى المطالب المشروعة.

أما الحكومة فحذّرت من أن الإضراب سيُلحق خسائر كبيرة بتونس، وأن مطالب الاتحاد غير قابلة للتنفيذ، حيث أنها تسعى إلى الحصول على القرض من صندوق النقد الدولي لتجنّب الإفلاس المالي.

وسبق أن حذر محافظ البنك المركزي التونسي من أن "تونس ستواجه سيناريو مثل سيناريو لبنان وفنزويلا، إذا عجزت عن تدبير التمويل".

وتشهد تونس ارتفاعًا في معدلات التضخّم الذي وصل إلى مستوى شبه قياسي عند نحو 8% في شهر مايو/ أيار الماضي. وتضع الحكومة لتخفيف الأزمة المالية الآمال على صندوق النقد الدولي الذي سيلتقي مبعوثه الرئيس التونسي قيس سعيّد ورئيسة الوزراء نجلاء بودن خلال الأسبوع المقبل.

وما قبل الإضراب في تونس، ليس كما بعده. حيث يرى البعض فيه تغييرًا كبيرًا في موقف أحد أبرز اللاعبين في المشهد السياسي التونسي، فيما يعتقد آخرون أن الخلاف الذي طالما حاول اتحاد الشغل تدوير زواياه خلال الأشهر الماضية، بات أمرًا واقعًا.

فكيف سينعكس هذا على الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهد تونس أحد أكثر مراحلها حساسية اليوم؟

"كان بامكان الحكومة تفادي الإضراب"

وأوضح صبري المانسي، الكاتب العام للمساعد في الجامعة العامة للإعلام، أن الإضراب هو دعوة من اتحاد الشغل للحكومة للتفاوض حول الأزمة الاقتصادية والمتطلّبات الاجتماعية.

وقال المانسي، في حديث إلى "العربي" من تونس، إن مسؤولية فشل المفاوضات بين الدولة واتحاد الشغل هي مسؤولية مشتركة بين الرئيس سعيّد والحكومة، مشيرًا إلى أن الحكومة الحالية هي حكومة شكّلها الرئيس، ما يجعل الوصول إلى حلول اقتصادية واجتماعية أمرًا صعبًا.

وأضاف أن الاتحاد كان مدفوعًا إلى الإضراب، وليس لمجرد الرغبة فيه، معتبرًا أنه كان بإمكان الحكومة تفادي الإضراب بالتفاوض على متطلّبات الشعب الاقتصادية والاجتماعية.

"إضراب غير هادف"

من جهته، أوضح أحمد ركوكي، المحامي وعضو "تنسيقية 25 جويليه"، أن الإضراب فشل بنسبة 70%، بدليل الإحصائيات الميدانية حول نسب الإقفال والإضراب.

وقال الركوكي، في حديث إلى "العربي" من تونس، إن الاتحاد زعم أن الإضراب اقتصادي بهدف الحفاظ على المصالح النقابية، إلا أنه كبّد الحكومة خسائر اقتصادية كان الأولى بهم أن يدفع ديون الصناديق الاجتماعية.

واعتبر أن اتحاد الشغل التونسي يلعب دورًا سياسيًا، لا نقابيًا، بدليل أن الجهات التي شاركت في الإضراب هي من "جبهة الخلاص"، وبعض القضاة المعزولين.

وأكد أن الإضراب "غير الهادف" كان سياسيًا بامتياز، حيث أن الاتحاد هدّد بالإضراب قبل المفاوضات مع الحكومة، مشيرًا إلى أن تونس خسرت العديد من الاستثمارات نتيجة الإضرابات العشوائية.

"الاقتصاد وصل إلى مرحلة الانهيار"

بدورها، ذكرت جنّات بن عبدالله، الكاتبة الصحافية المتخصصة في الشأن الاقتصادي، أن كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والمالية في تونس تشير إلى أن الاقتصاد التونسي وصل إلى مرحلة الانهيار، مع وصول نسب التضخّم والبطالة إلى مستويات قياسية تبلغ 7.8%.

وقالت بن عبدالله، في حديث إلى "العربي"، من تونس، إن نسب التضخّم مرشّحة للارتفاع مستقبلًا نتيجة عوامل داخلية وخارجية، مشيرة إلى أنه في ظل هذه الأرقام التصاعدية كان الشعب ينتظر من الحكومة الجديدة أن تقيّم ما وصلت إليه الأوضاع في البلاد، إلا أنها انخرطت مباشرة في مسار الحكومات المتعاقبة للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، وبرنامج الإصلاحات الهيكلية.

واعتبرت أن برنامج الإصلاحات الهيكلية هو الذي يحمل مسؤولية هذا التدهور والانهيار الاقتصادي باعتبار أنه يقوم على أمرين أساسيين: المالية العمومية أي مهام الحكومة، والسيادة النقدية أي البنك المركزي. وهذان ما سببا هذا الانهيار، ومن تداعياته تعطّل وتدمير كل القطاعات المنتجة وارتفاع الأسعار، وزيادة تبعية الاقتصاد التونسي للخارج.

وأكدت أن إنقاذ الاقتصاد لا يتوقّف على تمويل صندوق النقد الدولي فقط، بل على تقييم الأسباب التي أدت إلى هذا الانهيار، وإعادة التفاوض مع صندوق النقد، لأن شروط الصندوق تستهدف المالية العمومية وتتجاهل التوازنات المالية الخارجية المتعلقة بالعجز التجاري وعجز ميزان المدفوعات، وكتلة الأجور، ورفع الدعم.

وأكدت أن الإضراب كان رسالة إلى صندوق النقد أولًا، قبل أن تكون للحكومة التونسية، والتي تؤكد رفض أجندة برنامج صندوق النقد، وأنه آن للصندوق أن يعدّل برنامجه، مشددة على ضرورة عودة التواصل بين كل الأطراف رئيسًا وحكومة ومنظمات نقابية ومهنية لإعطاء الأولوية للمصلحة العامّة لأن "الاستثمار الأجنبي يتربّص بأصول الدولة التونسية، ولا يجوز لصندوق النقد أن يتدخّل في سياستنا الداخلية".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close