تكمن مشكلة الخلايا السرطانية في أنها تتكيّف بسهولة، وتطوّر آليات دفاعية لتجنّب آثار العلاج الذي يُمنح للمريض.
ولذلك لطالما سعى باحثون حول العالم إلى تطوير أدوية مختلفة لعلاج السرطان، تستهدف بعضها العمليات الكيميائية الموجودة في كل نوع من أنواع الخلايا.
وكان آخر هذه الإنجازات الطبية، ما كشف عنه باحثون من معهد "ماكس بلانك" لأبحاث المواد البوليميرية في ألمانيا، من تطوير دواء ينتقل في جسم المريض، وينشط داخل الخلايا السرطانية، ليحفّز تفاعلًا كيميائيّا يؤدي إلى ارتباط جزيئات الدواء ببعضها وتشكيل شعيرات كيميائية تقضي على الخلايا السرطانية خلال 4 ساعات.
ووفقًا للدراسة التي نشرتها مجلة "أميركان كيميكال سوسايتي" العلمية، تمتاز هذه الشعيرات بدقتها، إذ إنها أقلّ سماكة من شعر الإنسان بألف مرة، فضلًا عن كونها مضيئة يستطيع الأطباء رصدها من خارج جسم المريض، بهدف الوصول إلى مرحلة العلاج بسرعة غير مسبوقة.
شعيرات دقيقة
واختبر الباحثون قدرة الشعيرات الدوائية على منع استهلاك الأوكسجين في مختلف أنواع الخلايا السرطانية، ونجحت الشعيرات في منع تحويله إلى طاقة.
كما استطاعت الشعيرات منع انتشار السرطان في الأنواع الصعبة من العلاج والمعروفة بانتشارها الواسع في أنسجة الجسم.
واستغرقت الشعيرات حوالي 4 ساعات لقتل الخلايا السرطانية بالكامل، وهو وقت سريع جدًا مقارنة بباقي أنواع العلاج.
ويمتدّ علاج السرطان لفترات طويلة بسبب تطوّر بقايا الخلايا السرطانية الحية إلى خلايا خبيثة غير قابلة للعلاج، ما يتطلّب خطة علاج تتضمّن جرعات دوائية عديدة، فضلًا عن العلاج الإشعاعي لمنع الخلايا السرطانية من العودة للحياة مجددًا بعد موتها.
وقال قائد الفريق البحثي ديفيد إن جي: "نريد أن نمنع تكيّف الخلايا السرطانية، من خلال تغيير بنية الخلية وقدرتها على أداء العمليات الحيوية واستهلاك الأوكسجين، ما يعيق إنتاج الخلايا السرطانية للطاقة الكيميائية اللازمة لنموها".
بدوره، قال زيكسوان زو، المؤلف الرئيسي للدراسة: "تُشع الشعيرات الدوائية ضوءًا يسمح لنا برؤيتها من خلال المجهر أثناء تشكّلها".
ويأمل الباحثون بتطوير طريقة لعلاج أنواع السرطانات القاتلة، في الأعوام القليلة المقبلة. كما يخططون لمتابعة البحث في كيفية منع استهلاك الأوكسجين وتوليد الطاقة بواسطة الشعيرات الدوائية في الخلايا السرطانية.
وأشار هؤلاء إلى أنه يمكن في المستقبل تعديل عمل الشعيرات لتستطيع التحكم بمختلف العمليات الحيوية في الخلايا الحية، بهدف علاج الأمراض المستعصية.
وفي يوليو/ تموز الماضي، كشف علماء بريطانيون عن طريقة تجريبية لعلاج مرضى السرطان عبر تلقيح ذاتي مستخلص من الخلايا السرطانية ذاتها. وأظهرت النتائج استجابة بعض المرضى المناعية للقاح.