الإثنين 15 أبريل / أبريل 2024

إنفلونزا وزكام في الصيف.. لماذا تزداد الأمراض الفيروسية خارج مواسمها؟

إنفلونزا وزكام في الصيف.. لماذا تزداد الأمراض الفيروسية خارج مواسمها؟

Changed

فقرة صحية من أرشيف "العربي" تناقش أسباب ازدياد الأمراض الفيروسية خارج موسمها بعد جائحة كورونا (الصورة: غيتي)
تكثر الإصابات بفيروسات الإنفلونزا خارج موسمها حيث تغيرت استجابة الإنسان المناعية لها وانتشرت سلالات جديدة منها بسبب التغير المناخي.

خلافًا لفيروس كورونا، الذي لم تحسم الدراسات بعد الكثير من الحيثيّات المرتبطة به، ثمّة الكثير من الأمراض والفيروسات التي لطالما صُنّفت بأنّها "موسمية"، بحيث تتركّز في موسم معيّن.

من هذه الأمراض على سبيل المثال لا الحصر، الإنفلونزا والزكام، حيث تنتشر بدرجة أساسية في فصل الشتاء، مع انخفاض درجات الحرارة، والتعرّض للهواء.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإنّ أوبئة الإنفلونزا تحدث كل عام أثناء فصل الشتاء في المناطق المعتدلة المناخ، في حين أنه يمكن أن تحدث في المناطق المدارية طيلة العام مسببة فاشيات أقل انتظامًا.

لكن في الآونة الأخيرة، وخصوصًا بعد ظهور كوفيد-19، يتحدّث البعض عن ازدياد في انتشار هذه الأمراض خارج مواسمها، حتى في المناطق معتدلة المناخ، ما يطرح العديد من علامات الاستفهام حول المسبّبات والدوافع.

ما هي الإنفلونزا الموسمية؟

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإنّ الإنفلونزا الموسمية تتسم بارتفاع حرارة الجسم بشكل مفاجئ والإصابة بسعال (عادة ما يكون جافًا) وصداع وألم في العضلات والمفاصل وغثيان وخيم (توعّك) والتهاب الحلق وسيلان الأنف.

يمكن الإصابة بسعال وخيم قد يدوم أسبوعين أو أكثر. ويُشفى معظم المرضى من الحمى والأعراض الأخرى في غضون أسبوع واحد دون الحاجة إلى عناية طبية. ولكن يمكن للإنفلونزا أن تتسبّب في حدوث حالات مرضية وخيمة أو أن تؤدي إلى الوفاة إذا ما ألمّت بإحدى الفئات الشديدة الاختطار.

يمكن أن تصيب أوبئة الإنفلونزا السنوية جميع الفئات السكانية وتؤثر فيهم تأثيرًا وخيمًا، غير أن الحوامل والأطفال المتراوحة أعمارهم بين 6 أشهر و59 شهرًا والمسنين والأفراد المصابين بأمراض مزمنة معيّنة هم الفئات الأشد تعرضًا لخطر ظهور المضاعفات.

وتنتشر الإنفلونزا الموسمية بسهولة وتنتقل العدوى بسرعة في الأماكن المزدحمة بما فيها المدارس ودور التمريض. وعندما يسعل الشخص المصاب بالعدوى أو يعطس، ينتشر الرذاذ الحاوي للفيروسات (الرذاذ المعدي) في الهواء وفي ما بين الأشخاص شديدي التقارب الذين يستنشقونه. كما يمكن للفيروس الانتشار عن طريق الأيدي الملوّثة به.

"الدَّيْن المناعي" 

مع أنّ هذه الأمراض "موسمية"، إلا أنّها تحدث خارج مواسمها لأسباب عدّة، حيث تشير دراسة حديثة إلى فرضيات عدّة طرحت لشرح "الموسمية" لمختلف الأمراض المنقولة مباشرة، بما في ذلك النشاط البشري، والتباين الموسمي في وظيفة الجهاز المناعي البشري، والتغيرات الموسمية في مستويات فيتامين (د)، والموسمية من الميلاتونين، والعدوى المسببة للأمراض.

أما عن سبب ازدياد الحالات خارج موسمها، فيلفت حديث بعض الخبراء عن "دَيْن مناعي"، وهو ما أثاره عدد من الأطباء في مقالات علمية نشرت مؤخرًا، حيث يتحدّث أحدهم عن تأثيرات "مرحلة كوفيد"، قائلاً: "لقد أمضينا سنتين ونحن نرتدي الأقنعة، ونتباعد اجتماعيًا، ونلزم منازلنا. وقد ساعدنا ذلك على عدم الإصابة بكوفيد، ولكن أيضًا عدم التعرض للفيروسات الموسمية الأخرى".

ويضيف الخبير نفسه سببًا آخر يتمثّل في موجة أوميكرون التي انتشرت في يناير/ كانون الثاني، ما "رحّل" موسم الإنفلونزا إلى وقت متأخّر حيث بدأ في مارس/ آذار خلافًا لما كان يحصل في السابق. 

وفي حديث إلى "العربي"، يعتبر أستاذ العلاج الدوائي السريري للأمراض المعدية ضرار البلعاوي أن "الدين المناعي" ليس مصطلحًا طبيًا رصينًا، ولو ورد في مقالات طبية.

لكنّه يشير إلى أنّ هذا المصطلح يجعلنا نفكر في حالة استثنائية خلال الجائحة، حيث إنّ الكثير من الأطفال واليافعين لم يتعرضوا للبكتيريا والفيروسات الموسمية التي نتعرض لها كل موسم مثل فيروسات الإنفلونزا والزكام. 

ويوضح أنّ التدابير الوقائية التي اتخذت في الفترة السابقة للحد من انتشار كوفيد منعت الأشخاص من التقاط العدوى الفيروسية الموسمية العادية، "وبالتالي نَسِي الجسد هذه الفيروسات ولم يفرز لها أجسامًا مضادة".

وأسفر ذلك عن ارتفاع حالات الإصابة بالإنفلونزا والزكام الشديدة التي لم نعتد أن نشهدها في الصيف.

تأثير التغير المناخي

وفيما تتنوّع أسباب ظهور الفيروسات في غير موسمها، ثمّة سبب لافت أشارت إليه مجلة لانسيت الطبية مؤخرًا، حيث لفتت إلى أنّ درجة حرارة الأرض ارتفعت في عام 2000 درجة مئوية واحدة وارتفعت المسطحات المائية 2 مل، وبالتالي انخفضت الكتل الجليدية في العالم 3%. 

وبحسب البلعاوي، فقد أثر ذلك على الأوبئة، حيث أضيفت 9 أنواع من الأمراض التي لم تكن موجودة في الولايات المتحدة الأميركية. كما بدأت بعض الأمراض في الظهور في بلدان لم تكن مستوطنة بها من قبل. 

ويشير إلى أن الزيادة المتوقعة في درجات الحرارة في السنوات القادمة ستجعل الحيوانات الحاضنة لبعض أنواع البكتيريا والفيروسات غير قادرة على العيش في بيئتها الأساسية وستنتقل للعيش في البيئة المدنية، وبالتالي ستزيد فرص انتقال الطاعون بنسبة 50% وفرص انتقال الملاريا بنسة 66%. 

ويقول البلعاوي: "يحدث كل ذلك بسبب التصحر وإزالة الغابات والمساحات الخضراء التي تعيش فيها بعض الحيوانات الحاضنة للفيروسات". 

كما توقعت الدراسة ظهور الجدري في آلاسكا لأن درجة حرارة المياه ارتفعت ما يتيح تكاثر البكتيريا في المحار وحيوانات أخرى في تلك المنطقة الجغرافية. 

مقاومة الباكتيريا للمضادات الحيوية

وتعد مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية عاملًا إضافيًا لظهور سلالات جديدة من الباكتيريا، بحسب البلعاوي. 

ويعود ذلك للاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية، حيث ينصح البلعاوي بضرورة تناول المضادات الحيوية فقط عندما يصفها الطبيب المتخصص. 

وإذ يشدد على أهمية اتخاذ التدابير الصحية لمنع حدوث العدوى الفيروسية التي تضم غسل اليدين وتجنب الأماكن المغلقة دون تهوئة، يؤكد أن الإفراط في اتخاذ التدابير الوقائية أمر سيئ، فاتصال الإنسان بالطبيعة وبعض الميكروبات يمنح جسمه المناعة. 

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close