الإثنين 25 مارس / مارس 2024

إنقسام سياسي وتوترات أمنية.. تعقيدات تحيط بالمشهد في ليبيا

إنقسام سياسي وتوترات أمنية.. تعقيدات تحيط بالمشهد في ليبيا

Changed

حلقة "تقدير موقف" تناقش ملامح الوضع الأمني والسياسي في ليبيا وتبحث في مآلات الوضع بعد انتهاء مهلة خارطة الطريق.
يزداد الوضع السياسي قتامة في ليبيا مع إخفاق اجتماعات القاهرة بين مجلسي النواب والأعلى للدولة في التوصل إلى اتفاق حول القاعدة الدستورية.

تستمر تعقيدات المشهد الليبي على الصعد السياسية والأمنية مع انتهاء المهلة القانونية لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة في 21 يونيو/ حزيران الجاري وفقًا لمخرجات ملتقى الحوار السياسي.

ففيما يترسخ الإنقسام من جديد، تتعمق الهوة بين حكومة في طرابلس ترفض الاستقالة وتربط تجاوز المأزق السياسي بوضع دستور واضح وبانتخابات رئاسية وبرلمانية، وحكومة في سرت برئاسة باشاغا باشرت مهامها ووضعت خارطة طريق أحادية للحل الليبي.

ومع إخفاق اجتماعات القاهرة بين مجلسي النواب والأعلى للدولة في التوصل إلى اتفاق حول القاعدة الدستورية، يزداد الوضع السياسي قتامة.

وبقدر ما تبدو الطريق السياسية غير معبدة في ليبيا، تزداد وعورة التضاريس العسكرية على الأرض، حيث تعزز قوى مسلحة موالية للدبيبة وجودها العسكري في العاصمة طرابلس بينما تتمركز قوى أخرى تابعة لمدينة الزنتان الداعمة لحكومة باشاغا عند مداخل العاصمة.

ويعيد هذا المشهد إلى الذاكرة الأمس القريب حين كانت طرابلس مسرحًا لعمليات عسكرية بين القوى التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر وتلك الداعمة لحكومة فايز السراج قبل نحو عامين.

وأمام هذا الوضع المفتوح على مختلف السيناريوهات وللحيلولة دون العودة إلى نقطة الصفر على الصعيدين السياسي والعسكري، تسعى المبعوثة الأممية ستيفاني ويليامز لإحداث انفراجة من بوابة الدستور في وقت أعلن فيه المجلس الرئاسي الليبي رؤية إستراتيجية لمشروع المصالحة الوطنية قال إنها تعالج جذور الصراع وتحقق سيادة القانون والمساواة في الحقوق.

غير أن هذه التطورات لا تأتي بمعزل عن السياق الإقليمي والدولي إذ تتوافق الرؤى الدولية بشأن استمرار العمل بمقررات الاتفاق السياسي بينما لا يزال لاعبون أساسيون آخرون يضغطون باتجاه تثبيت مواقع شركائهم المحليين في الساحة الليبية.

الصراع على السلطة

في هذا السياق، يرى الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أحمد قاسم حسين أن المرحلة الانتقالية في ليبيا لم تمر في طريق سهل، مشيرًا إلى مرحلتين: الأولى هي مرحلة الصراع على السلطة بين مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام منذ عام 2014، حيث دخلت البلاد في أتون حرب أهلية تم على إثره توقيع اتفاق الصخيرات، وبعدها باتت البلاد في مرحلة ثانية جديدة عنوانها الصراع على السلطة.

ويشرح في حديث إلى "العربي" من الدوحة، أن المرحلة الأولى شهدت تعقيدات ذات طابع دستوري مرتبطة برغبة الأطراف السياسية والعسكرية في السيطرة على السلطة التشريعية لاعتقادها في بداية المرحلة الانتقالية أن من يسيطر على تلك السلطة سيحدد الخارطة السياسية للبلاد مستقبلًا.

ويلفت إلى أن القوى السياسية والعسكرية انتقلت مع اتفاق الصخيرات، من موضوع نقل السلطة إلى الصراع على السلطة في ظل خلافات حول بعض المواد المتعلقة بنص الاتفاق السياسي الذي تمخضت عنه مخرجات جديدة ومؤسسات تحكم في ليبيا على غرار المجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة، في مقابل مجلس النواب في طبرق.

ويشدد على أن عوامل الصراع مرتبطة بالمواجهة بين القوى السياسية والعسكرية داخل ليبيا على السلطة، وفشل الحكومات المتعاقبة في إيجاد خارطة طريق مبنية على حوار داخلي ليبي، فضلًا عن ارتباط تلك القوى مع الخارج الأمر الذي ساهم بتعقيد الأزمة الليبية.

إخفاق دولي في الملف الليبي

من جهته، يعتبر أستاذ العلوم السياسية في أكاديمية العلوم السياسية في مصراتة إسماعيل المحيشي أن الملف الليبي معقد جدًا، لافتًا إلى أن ليبيا تعتبر اليوم تحت البند السابع وبالتالي من يتحكم في المشهد السياسي أو في وضع رؤية وإستراتيجية هي الأطراف الدولية ومجلس الأمن.

ويشير في حديث إلى "العربي" من مصراتة، إلى أن مجلس الأمن وبعثة الأمم المتحدة أخفقت في الملف الليبي منذ عام 2014، معتبرًا في الوقت ذاته أن الأطراف الداخلية تتحمل مسؤولية في هذا المجال أيضًا.

ويقول المحيشي: إن "بعثة الأمم المتحدة والأطراف الدولية والأطراف الموجودة في المشهد السياسي الليبي لا تريد أن تكون هناك قاعدة دستورية متينة، فضلًا عن أن الملف الليبي موضع تجاذب بين الأطراف الدولية".

ويشدد على أن لا إستراتيجية دولية لدعم الاستقرار في ليبيا على أرض الواقع رغم البيانات التي تصدر في هذا الإطار، معتبرًا أن التوافق الدولي يتم على نقطة وحيدة وهي استمرار الفوضى في ليبيا.

ماذا تريد واشنطن والدول الغربية؟

أما الباحث في مركز الدراسات الدولية في جامعة جونز هوبكنز حافظ الغويل فيلفت إلى عدم وجود إستراتيجية دولية واضحة حول الشأن الليبي على مدى السنوات الماضية.

ويشير في حديث إلى "العربي" من واشنطن إلى أن الولايات المتحدة والدول الغربية والأمم المتحدة تسعى لمحاولة تقليل فرص العنف.

ويعتبر الغويل أن الهم الأساسي يتركز حول ضرورة استمرار اللقاءات والمباحثات لتقليل فرص العنف، إلى حين اتضاح الصورة ومعرفة "ماذا يريد الشعب الليبي".

ويخلص إلى أن الإخفاق الحقيقي هو أن الشعب الليبي لم يفرض ما يريده، معتبرًا أنه غائب عن المسألة السياسية.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة