منذ إعلان وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، يسري الحديث بشكل بارز في لبنان عن ضرورة الالتزام باتفاقية الهُدنة الموقعة مع إسرائيل عام 1949، وذلك في ضوء الخروقات الإسرائيلية المستمرّة للاتفاق، فضلاً عن الاغتيالات المتكرّرة لعدد من قادة حزب الله وحركة حماس.
وأكد الرئيس اللبناني جوزيف عون على هذه الاتفاقية خلال زيارته في فرنسا يوم 28 مارس/ آذار الماضي، حين قال إنّ "لبنان يريد استعادة أرضه المحتلة من إسرائيل والعودة لاتفاقية عام 1949"، مُدينًا "أي اعتداء على لبنان وأي محاولة مشبوهة لإعادة البلاد إلى داومة العنف". وأضاف: "إنّنا نحتاج إلى محيط مستقر ومنطقة تنعم بالسلام، وإنهاء الحروب يحتاج إلى نظام عالمي مبني على القيم والمبادئ".
عملياً، فإنَّ الحديث عن اتفاقية العام 1949 بات مطلبًا رسميًا من قبل لبنان في ظل العمليات الإسرائيلية المُتكررة ضد الأراضي اللبنانية، بينما عبارة "العودة" إلى الاتفاقية هي التي تطغى على كلام المسؤولين اللبنانيين.. فما هي اتفاقية الهُدنة عام 1949؟ ما هي أهميتها؟ هل هي قائمة وكيف تعاطت إسرائيل معها؟
ماذا نعرف عن اتفاقية الهدنة بين لبنان وإسرائيل؟
تعتبرُ اتفاقية الهدنة الموقعة عام 1949 بين لبنان وإسرائيل كفريقين أساسيين فيها، مفصلاً أساسيًا في الصراع بين لبنان وإسرائيل، وتحديدًا منذ قيام الأخيرة كدولة على أرض فلسطين عام 1948.
فعليًا، كانت هذه الاتفاقية واحدة من سلسلة اتفاقيات تم توقيعها في عام 1949 بين تل أبيب وجيرانها العرب لإنهاء الحرب العربية الإسرائيلية الأولى، والتي اندلعت في مايو/ أيار 1948 بعد إعلان دولة إسرائيل من قبل الميليشيات الصهيونية في فلسطين.
وفي ذلك الوقت، انضم لبنان إلى القتال إلى جانب سوريا والأردن ومصر، بتحريض من الرئيس آنذاك بشارة الخوري، الذي كان يسعى إلى الحصول على دعم المسلمين في مساعيه لتجديد ولايته، وفق ما ذكر تقرير لصحيفة "لوريان لوجور" الفرنسية.
وفي رسالة إلى الجنود اللبنانيين، قال خوري: "أنتم مدعوون لإنقاذ فلسطين، هذه الأرض المقدسة العزيزة على قلب كل واحد منكم.. لم يعد من الممكن تجنب القتال".
وفعليًا، فإن لبنان انخرط في الحرب رمزيًا إلى حد كبير، إذ لم يخض الجيش اللبناني أي معارك كبرى. فبعد خمس سنوات فقط من نيل الاستقلال عام 1943 من الفرنسيين، كان الجيش لا يزال في مراحله الأولى، ولم يتجاوز عدد أفراده 3000 جندي، فهؤلاء كانت لديهم أيضًا مسؤولية الحفاظ على التماسك الداخلي للبلاد، بحسب ما قال المؤرخ ستيفان مالساني. (1)
وخوفًا من انهيار محتمل للمؤسسة العسكرية، تردد قائد الجيش آنذاك فؤاد شهاب في شنّ عمليات هجومية ضد الإسرائيليين. وبدلًا من ذلك، ركّز على صدّ محاولات الميليشيات الصهيونية القيام بعمليات في لبنان لمنع تدفق المقاتلين المتطوعين.

وبعد كل ذلك، حصل توقيع هذه الاتفاقية يوم 23 مارس عام 1949 في منطقة رأس الناقورة جنوبيّ لبنان، وقد كلف لبنان للمصادقة عليها المقدم في الجيش اللبناني توفيق سلام والرائد جوزيف حرب، بينما تولى توقيعها عن الجانب الإسرائيلي المقدم في الجيش الإسرائيلي مردخاي ماكليف، شبطاي روزين ويهوشوع بلمان.
وجاءت الاتفاقية المذكورة استجابة من لبنان وإسرائيل لقرار مجلس الأمن الصادر في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 1948 الذي دعاهما، كتدبير إضافي موقت بمقتضى المادة 40 من ميثاق الأمم المتحدة ومن أجل تسهيل الانتقال من المهادنة الحالية إلى سلم دائم في فلسطين، إلى التفاوض لعقد هدنة.
الأساس أيضًا هو أن دخول لبنان وإسرائيل في مفاوضات جاء بإشراف ورئاسة الأمم المتحدة وذلك بصدد تنفيذ القرار الصادر عن مجلس الأمن يوم 16 نوفمبر.
وعندما تم توقيع الهدنة، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية يوم 24 مارس 1949 عن العقيد الإسرائيلي مردخاي ماكليف، الذي مثل إسرائيل في الاتفاق، قوله: "لم تكن لإسرائيل أي نزاعات مع لبنان في الماضي، وليس لديها أي سبب للدخول في أي نزاعات في المستقبل".
وتتألف الإتفاقية من 8 مواد أساسية، وتتفرع من كل واحدة منها عدة نقاط تقدم شرحًا لآلية تطبيق الهدنة المُتفق عليها بين لبنان وإسرائيل.
وتنصّ المادة الثالثة بشكل خاص من الاتفاقية على أنه لا يجوز لأية فئة من القوات البرية أو البحرية أو الجوية، العسكرية أو شبه العسكرية، التابعة لأي من الفريقين، بما في ذلك القوات غير النظامية، أن ترتكب أي عمل حربي أو عدائي ضد قوات الفريق الآخر العسكرية أو شبه العسكرية، أو ضد المدنيين في الأراضي التي يسيطر عليها الفريق الآخر.
كما تشير هذه المادة أيضًا إلى أنه لا يجوز لأي فريق من الاتفاقية، أي يتخطى أو يعبر خط الهدنة الذي يتبع الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين، كما أنه لا يمكن لأي طرف أن يدخل أو يعبر المجال الجوي التابع للفريق الآخر أو المياه الواقعة ضمن ثلاثة أميال من الخط الساحلي التابع للفريق الآخر.
وتقول المادة السابعة من هذه الاتفاقية أيضاً إن من يتولى الإشراف على تنفيذ أحكام الاتفاقية هو لجنة هدنة مشتركة بين لبنان وإسرائيل تتألف من خمسة أعضاء، يعين 2 منهم كل من فريقي هذا الاتفاق. أما رئيس اللجنة فيكون رئيس أركان هيئة مراقبة الهدنة التابعة للأمم المتحدة أو أحد كبار الضباط من هيئة المراقبين في تلك المنظمة، يعينه رئيس الأركان المذكور بعد التشاور مع فريقي هذا الاتفاق. (2)

أين تكمن أهمية إتفاقية الهدنة؟
في دراسة له نشرت خلال شهر يناير/ كانون الثاني 2021، يقول العميد المتقاعد في الجيش اللبناني الدكتور رياض شيا إن هناك أهمية لاتفاقية الهدنة اللبنانية - الإسرائيلية، مشيرًا إلى أنها صُممت لتكون أداة في يد الأمم المتحدة للإمساك بالوضع الأمني بين لبنان وإسرائيل بأكمله ولخدمة الأمن والاستقرار في المنطقة وفي العالم، سيما والأمم المتحدة هي الطرف الثالث الموقّع على الاتفاقية، ولتكون تاليًا مرجعًا يحتكم إليه الطرفان أمنياً في ما بينهما.
أيضاً، يقول شيا في دراسته إنَّ اتفاقية الهدنة اللبنانية - الإسرائيلية هي معاهدة دولية تتمتع بكل المواصفات التي حددها القانون الدولي، موضحاً أنها "تُلزم إسرائيل باحترام حدود لبنان المعترف بها دوليًا". (3)
من ناحيته، يقولُ العميد المتقاعد في الجيش اللبناني هشام جابر، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، إنَّ تطبيق إتفاقية الهدنة يلغي كل الاتفاقيات التي أتت من بعدها خصوصًا تلك التي وُلدت نتيجة الحروب كالقرار 1701 الذي صدر عام 2006 إبان الحرب الإسرائيلية على لبنان. ويضيف: "هذه الاتفاقية تسمو على كل ما جاء بعدها، فهي أساسية وحددت أسس السلم وهي تكتسب أهمية كبرى كونها جاءت برعاية دولية، وبالتالي فإن تمسك لبنان بها هو الطريق السليم نحو وضع حد للنزاع مع إسرائيل، لكن على الأخيرة الالتزام بالمواثيق الدولية التي يحترمها لبنان".
في حديثٍ خاص لموقع "التلفزيون العربي"، يلفت جابر إلى أن "الاتفاقية واضحة المعالم، ولبنان لم يشترك منذ توقيعها بأي عملٍ عسكريّ خصوصًا خلال حرب 1956 حينما شنت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل عدوانًا على مصر وحرب 1967 التي نشبت بين إسرائيل وعدد من الدول العربية خصوصًا مصر، سوريا، والأردن"، موضحاً أن إسرائيل هي من اجتاحت لبنان وشنت ضده عمليات عسكرية.
كذلك، يرى جابر أن "هذه الاتفاقية تلغي البحث في ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل كونها تستند إلى الحدود الدولية لبنان وفلسطين"، وأردف: "لذلك، فإنّ اتفاقية الهدنة تؤكد على الحدود الدولية كما أنها تمنع على أي طرف القيام بعمليات عسكرية منعًا باتًا".
ويؤكد جابر أن "هذه الاتفاقية تؤسس لاحترام كل دولة حقوق الطرف الآخر بالأرض والجغرافيا، كما أنها تساهم في وقف العمليات العسكرية". ويشدّد على أنّ "اتفاقية الهدنة ليست معاهدة سلام ولا يمكن فرضها تحت العدوان والقوة"، مضيفًا: "من الممكن للبنان أن يقيم معاهدة سلام بعدما تُقدم جميع الدول العربية على ذلك، وهذا شرط أساسي".
من جهتهِ، يرى المحلل السياسي اللبناني يوسف دياب أنَّ اتفاقية الهدنة تمثل الإطار الدولي القانوني لوقف الحرب بين لبنان وإسرائيل، ويقول: "بسبب هذه الاتفاقية، فإن لبنان شهد الأمن والاستقرار منذ العام 1949 ولغاية العام 1969 حينما حصل اتفاق القاهرة وأباح بفتح جبهة جنوب لبنان للعمل الفدائي الفلسطيني ضدّ إسرائيل. منذ ذلك التاريخ، بات لبنان يواجه كل المخاطر الأمنية والعسكرية والاجتياحات والحروب".
في الوقت ذاته، فإن هذه الاتفاقية، ورغم مرور زمن على إبرامها، ما زالت تحظى بقوة تنفيذية، كما أن مختلف بنودها ما زالت تُطبق على أرض الواقع لاسيما من خلال قوات الطوارئ الدولية الموجودة في لبنان منذ العام 1978.
ووسط ذلك، يقول العميد شيا في دراسته إنَّ "الأسباب والدواعي التي وفّرت لاتفاقية الهدنة القوة والقدرة على الاستمرار والبقاء كأداةٍ ضابطة للنزاع رغم تقادمها عديدة، وأهمها أنها جاءت مندرجة تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، كما أنها حظيت بتصديق مجلس الأمن، وأسست هيئة دولية لمراقبة الهدنة ما زالت تعمل حتى اليوم.
متى ولماذا خرقت إسرائيل اتفاقية الهدنة؟
تقول دراسة العميد شيا إنَّ التزام إسرائيل بإتفاقية الهدنة منذ توقيعها عام 1949، لم يكن مستقيمًا وثابتًا، موضحًا أنّ تل أبيب لم تُعطِ الإتفاقية الأهمية التي تستحقها كاتفاقية دولية هي طرف فيها.
يوضح شيا أن إسرائيل التزمت بالاتفاقية بشكلٍ مقبول منذ تاريخ توقيعها ولغاية العام 1967، معتبرًا أنَّ إتفاقية الهدنة كانت فعليًا هي التي تحكُم الأوضاع عند الحدود بين لبنان وإسرائيل، ويقول: "لجنة الهدنة اللبنانية - الإسرائيلية المشتركة المنبثقة عنها كانت ممسكة بالوضع هناك بصورةٍ تامة، وتعقد الاجتماعات وتتلقى الشكاوى وتراقب خط الهدنة من دون صعوبات".

وفق شيا، فإن الخرق الإسرائيلي لاتفاقية الهدنة تجلى بشكل واضح وأساسي بعد حرب يونيو/ حزيران عام 1967 بينها وبين مصر وسوريا والأردن، لافتاً إلى أن إسرائيل أعلنت حينها سقوط الهدنة مع لبنان، معتبرة إياها بمثابة "الملغية"، ويضيف: "إبان ذلك، بدأت إسرائيل تمتنع عن حضور اجتماعات لجنة الهدنة المشتركة متذرعة بحججٍ واهية ومغايرة للواقع، كقولها إن لبنان قد أعلن الحرب عليها كما الدول العربية التي شاركت في الحرب".
هنا، ينفي شيا أي مشاركة للبنان في الحرب ضد إسرائيل، وهو الأمر الذي يؤكده العميد المتقاعد هشام جابر لموقع "التلفزيون العربي" قائلاً: "لبنان لم يُطلق أي رصاصة تجاه إسرائيل خلال حرب 1967.. كان لبنان ملتزمًا بالحياد وحينها اتخذ قائد الجيش اللبناني إميل البستاني موقفًا بطوليًا بعدم الانغماس في تلك الحرب.. لقد كنتُ شاهدًا بشكل مباشر على تلك الحقبة بصفتي ضابطًا برتبة ملازم آنذاك، ولبنان لم ينخرط في أي نزاعٍ مسلح مع إسرائيل في تلك الحرب".
بدوره، يشير شيا إلى أنَّ إسرائيل وجدت ذريعة أخرى لتبرر تخليها عن اتفاقية الهدنة وهي أن لبنان وقع على اتفاقي القاهرة عام 1969 وملكارت عام 1973 مع القاومة الفلسطينية. وفعليًا، فإن هذين الاتفاقين أتاحا للفصائل الفلسطينية إمكانية العمل ضد إسرائيل انطلاقًا من جنوب لبنان، وقد كان هذا الأمر حجة بيد إسرائيل لقصف لبنان.
من ناحيته، يقول جابر إنَّ "إسرائيل استقبت العام 1969 بهجوم طال مطار بيروت عام 1968". وللإشارة، فإنه خلال يوم 28 كانون الأول/ديسمبر من العام المذكور، دمّرت إسرائيل عشرات طائرات الركاب في مطار بيروت، ردًا على هجوم مسلّح على الرحلة 253 التابعة لشركة العال الإسرائيلية.
وحينها، نفّذت فرقة كوماندوز إسرائيلية واحدة إنزالًا في مطار بيروت لأربعين دقيقة، وحطمت 13 طائرة من الطائرات المدنية لشركة طيران الشرق الأوسط بالكامل ثم غادرت دون أية مواجهة. (4)
وفق جابر، فإن "ما حصل عام 1968 كان قبل اتفاق القاهرة كما أنه استبق الوجود الفلسطيني المسلح داخل جنوب لبنان والذي بدأ يظهر بعد العام 1969"، ويضيف: "خلال العام 1968، كان لبنان يُمسك بزمام الأمور في المخيمات الفلسطينية عبر ما يُعرف بالمكتب الثاني التابع للجيش اللبناني".
ويتابع: "خلال حرب عام 1973، فإنّ لبنان لم يُشارك بتاتًا أيضًا، لكن إسرائيل دمرت رادارًا مُتطورًا جدًا في منطقة جبل الباروك اللبناني يحمل اسم الخفاش. حينها، لم يكن للفلسطينيين علاقة بهذا الرادار ولم يكن هناك أي وجود لحزب الله الذي تأسس في ثمانينيات القرن الماضي. وفي العام 1978، اجتاحت إسرائيل لبنان ضدّ القوى الفلسطينية ثم نفذت اجتياحات أوسع في العام 1982 تحت شعار سلامة الجليل بهدف إبعاد الفصائل الفلسطينية عن الحدود بين لبنان وإسرائيل".
لماذا لا تريد إسرائيل الالتزام باتفاقية الهدنة؟
تاريخيًا، فإن لبنان بقي يطالب باحترام الاتفاقيات وتطبيقها لاسيما اتفاقية الهدنة عام 1949، بينما إسرائيل هي التي مارست انتهاك القرارات الدولية، وفق ما يقول جابر الذي يضيف: "هناك قرارات دولية عديدة صدرت بشأن لبنان لكن إسرائيل لم تلتزم بها مثل القرار 425 عام 1978 الذي ألزم إسرائيل بالانسحاب من جنوب لبنان لكن ذلك لم يحصل".
يرى جابر أنَّ إسرائيل هي دولة توسعية كما أن لها سلسلة أطماع داخل لبنان وخصوصًا بنهر الليطاني، ويضيف: "التاريخ يؤكد ذلك كما أن الإسرائيليين كانوا يتحدثون صراحة عن هذا الأمر. وعليه، فإن إسرائيل كانت هي دائمًا المعتدي على لبنان بينما الأخير كان في موقع الدفاع عن النفس ضد الاجتياحات التي طالته".

ما قاله جابر يتوافق مع ما ذكرته دراسة العميد شيا الذي رأى أنّ هناك أطماعًا إقليمية إسرائيلية تمثل إتفاقية الهدنة حائلاً دون تحقيقها، وأضاف: "أيضًا، ترى إسرائيل أنه لا مصلحة لها باستمرار الاتفاقية مع لبنان كونها كرّست الحدود بينهما ومنعت اجتيازها، ما يُشكل عائقاً لطموحات تل أبيب الإقليمية".
إلى ذلك، اعتبر المحلل دياب أنَّ "العودة إلى اتفاقية الهدنة يضمن الأمن والاستقرار"، وقال: "هذه الاتفاقية هي مُعاهدة سياسية وبالتالي فإنها تضمن عدم تدخل لبنان في الشأن الإسرائيلي والعكس صحيح، وفي حال تطبيقها فإن جزءًا كبيرًا من المشاكل القائمة سيُحل".
هل تُجنب إتفاقية الهدنة لبنان مسار التطبيع مع إسرائيل؟
وخلال الآونة الأخيرة، وتحديدًا بعد إعلان وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، بدأ الحديث عن التمهيد نحو التطبيع بين لبنان وإسرائيل.
المسألة هذه لم يتحدث عنها الجانب اللبناني الرسمي الذي نفى مرارًا وجود أي موافقة لدى بيروت على هذا الأمر. في المقابل، قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إنَّ النقاش حول التطبيع لا يزال بعيدًا عن التحقيق، فيما يقولُ معلقون في لبنان إن إسرائيل تنوي تجديد قصفها وعملياتها العسكرية ضدّه كي تطبع علاقاتها معه، بحسب الصحيفة. (5)
بالنسبة للمحلل دياب، فإن الالتزام باتفاقية الهدنة يمثل سبيلاً أساسيًا لتجنب لبنان مسألة التطبيع مع إسرائيل، ويقول: "الاتفاقية هي المخرج الوحيد والعودة إليها يجنب لبنان الاعتداءات الإسرائيلية، لكن الشرط الأساسي هو أن تحظى هذه الاتفاقية برعاية دولية تضمنها بشكل كامل".
على صعيده، يتوافق جابر مع ما قاله دياب، مشيرًا إلى أنَّ اتفاقية الهدنة لا تمثل أي تطبيع مع إسرائيل، موضحًا أنَّ "وجود هذه الاتفاقية يضمن أمن لبنان كما أنه يثبت حدوده ويجعله بمنأى عن الاعتداءات الإسرائيلية، وبالتالي لا حاجة إلى أي خطوة نحو التطبيع".
ويرى جابر أيضًا أن "الإتفاقية لم تكن تظهر أي اعتراف لبناني أو تطبيع تجاه إسرائيل، بل كانت بشكل واضح أساساً لوقف الأعمال الحربية بين الطرفين"، ويضيف: "لهذا السبب، فإنه يجب الركون فوراً إلى هذه الاتفاقية والموقف اللبناني في هذا الإطار يُبعد لبنان عن التطبيع".