الأحد 21 أبريل / أبريل 2024

اتفاق المدنيين والعسكر في السودان.. ما هي حظوظ التسوية ورهاناتها؟

اتفاق المدنيين والعسكر في السودان.. ما هي حظوظ التسوية ورهاناتها؟

Changed

برنامج "للخبر بقية" يبحث حظوظ ورهانات التوصل إلى اتفاق بين المدنيين والعسكر في السودان (الصورة: رويترز)
توازيًا مع مساعي التوصل إلى اتفاق بين قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري في السودان، تطرح علامات استفهام بشأن مسار تنفيذه والالتزام به.

بعد انتظار وصبر مغموسين بالدم والنار، يتحصل المدنيون في السودان على اتفاق إطاري يسير نحو تسليم السلطة إليهم بكافة هياكلها، كما يقولون.

فلا شراكة مع الجيش ولا وجود لمجلس عسكري، بل خطوات متتالية من النقاشات والمحادثات يأملون أن تزيل الأتربة فوق الملفات المركونة منذ عام 2021.

"اتفاق إطاري"

وخرجت قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي في مؤتمر صحافي لتعلن اتفاقًا إطاريًا مع الجيش لإنهاء أزمة سياسية، تتبعه مرحلة ثانية من المحادثات تفتح ملفات شائكة كالعدالة الانتقالية، وتفكيك نظام البشير، وإصلاح قطاع الأمن والعمل باتفاق جوبا للسلام.

وتقول قوى الحرية والتغيير، إنّ الجيش قد وافق على هيكلٍ مدنيٍ كاملٍ للسلطة.

في المقابل وعقب المؤتمر الصحافي، نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر عسكرية سودانية، أن الجيش توصّل لما أسماه "تفاهمات" مع قوى الحرية والتغيير، لكن بنودًا لا تزال عالقة من دون الكشف عن فحوى هذه البنود.

"لا تضيعوا البلد"، بهذه العبارة كان قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان قد طالب في دعوة وجهها للقوى السياسية إلى الجلوس والاتفاق على رؤية موحدة، مشدّدًا على أنّ البلاد تريد حكومة مدنية يحرسها الجيش "إذا حادت عن الطريق"، وفق تعبيره. كما لفت البرهان أيضًا إلى أنّ الحكومة المقبلة ستكون من المستقّلين غير المنتمين للأحزاب، وقال: "لا نريد أحزابًا ولن ندخل في محاصصات".

"لا شراكة" مع الجيش

وحول تأثيرات الجيش على أي حكومة سودانية مقبلة، يرى القيادي في قوى الحرية والتغيير - المجلس المركزي الريّح محمد الصادق أنّ وثيقة نقابة المحامين تنص على أن هنالك مستويات للسلطة ليست فيها شراكة بين المكونين العسكري والمدني.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من الخرطوم، إلى أنه جرى الاتفاق على أن يكون هناك مستويات سيادية من المدنيين تمثل رأس الدولة وحكومة مدنية كاملة الصلاحيات، بالإضافة إلى المستويات التشريعية والتنفيذية الأخرى.

ويؤكد الصادق إذًا أنه ليس هناك أيّ "شراكة بالمعنى القديم" مثلما كان في الوثيقة الدستورية المعدة في عام 2019، بل أن هناك سلطة مدنية في كامل هياكل الدولة.

ويبين أن مجلس الأمن والدفاع سيكون برئاسة رئيس الحكومة، وعضوية المؤسسات ذات الصلة على غرار وزارات المالية والخارجية، ومؤسسة الجيش وقوات الدعم السريع، والأمن والشرطة وغيرها من المكونات التي ستتبع للسلطة المدنية ورئاسة الحكومة.

فيما يتعلّق بتعيين وزيري الدفاع والداخلية في الحكومة، يوضح الصادق أنها ستنبثق من ترشيحات قوى الثورة الموقعة على الإعلان السياسي، مشدّدًا على أن "لا دور للجيش في هذه الترشيحات كما كان الأمر في الوثيقة السابقة".

ويضيف القيادي في قوى الحرية والتغيير: "إذا تم التوصل إلى اتفاق نهائي وجرى توقيع الوثيقة الدستورية المقترحة، فلن يكون للعسكر أي سطوة على صلاحيات المكونات السياسية التي يحق لها وحدها ترشيح الحكومة المؤقتة، التي ستكون حكومة كفاءات ذات مهام وطنية".

البنود الخلافية

بدوره، يتحدث خبير إدارة الأزمات في مركز الدراسات القومية إسماعيل مجذوب عن "البنود العالقة" التي تحدّث عنها الجيش السوداني، فباعتقاده ما تم هو تحقيق الوساطة الأميركية – السعودية، المؤلفة من 3 مراحل.

فالمرحلة الأولى وفق مجذوب، كانت خروج القوات المسلحة من الحوار وهذا ما تحقق يوم 4 يوليو/ تموز الفائت، بينما المرحلة الثانية كانت إجراء التعديلات الدستورية وهو ما يتم التفاهم بشأنها الآن.

ويردف في حديثه لـ"العربي" من الخرطوم: "هذه التفاهمات تعني أن هناك ملاحظات رفعت وسلّمت إلى الآلية الثلاثية، حيث تجري دراستها قبل إدراجها في ورقة واحدة يتم الاتفاق عليها".

في السياق، يلحظ خبير إدارة الأزمات في مركز الدراسات القومية أن قوى الحرية والتغيير "استعجلت" في مؤتمرها الصحافي الأخير، مرجّحًا من جهة ثانية أن تكون النقاط العالقة تتعلق أولًا بتوسيع المشاركة.

ويستعرض مجذوب بهذا الإطار أن هناك "تعبيرًا مطروحًا في المشهد السياسي وهو الثورة الحيّة، فهناك قوى منتظرة مشكلة من 4 تحالفات سياسية.. ويجب أن يحصل توافق بينها وبين قوى الحرية والتغيير، الأمر الذي دفع بالجيش إلى رفع ملاحظة بهذا الشأن".

والنقطة الخلافية الثانية وفق مجذوب هي الهياكل ومن سيشارك فيها: مفوضية الانتخابات، أو العدالة الانتقالية، أو الخدمة المدنية، أو قانون الانتخابات، أو المجلس التشريعي ونسبه.

في حين يقدّر خبير إدارة الأزمات في حديث مع "العربي" أن تكون النقطة الخلافية الثالثة آلية خروج الجيش، متسائلًا: "هل سيخرج الجيش نهائيًا من المشهد أم سيكون هناك تدرج لحين مرحلة الانتخابات؟".

لكن الحديث الآن يتمحور حول عدم وجود شراكة واللا عودة إلى ما قبل 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، إلا أن هذه النقاط الثلاثة تحتاج إلى تفاهم وتنازلات من قبل جميع الأطراف "خاصة الطرف الذي يرفع الملاحظات الثلاث"، على حدّ قول مجذوب.

"اتفاق الإطار" بين قوى الحرية والتغيير والجيش ينص على أن لا شراكة مع العسكر - غيتي
"اتفاق الإطار" بين قوى الحرية والتغيير والجيش ينص على أن لا شراكة مع العسكر - غيتي

خطوة للأمام

أما الكاتب الصحافي شوقي عبد العظيم، فيصف التطورات الأخيرة على أنها خطوة للأمام نحو إنهاء الانقلاب، رغم وجود عدد من الملاحظات المهمة حولها حتى تكتمل وتصبح اتفاقًا حقيقيًا ينهي الأزمة السياسية فعليًا، ويعيد المسار الدمقراطي للسودان.

فمن بين هذه الخطوات التي يجب تكتمل لتحقيق الحكم المدني الكامل، حسم الملفات العالقة والتي ترتبط بالعدالة الانتقالية، واتفاق السلام، ومسألة المجلس التشريعي، وإصلاح الأجهزة الأمنية والجيش.

وعن الشكوك حول التزام العسكر بالانسحاب من المشهد السياسي، يقول عبد العظيم: "من الواضح أن جنرالات الجيش فشلوا في إدارة البلاد، فقد حاولوا لمدة عام كامل ولم يحققوا أي نجاح لا في الحكم ولا في الإدارة، ولا حتى تجاه الشارع الذي لم يقبل بهم بتاتًا.. وأيضًا فشلوا في تحقيق الأمن وأكبر دليل على ذلك الاقتتال القبلي في النيل الأزرق..".

وعليه، لا يتصور الصحافي السوداني أن هناك أي موجب يدفع بالمكون العسكري للاستمرار في السلطة، ولا سيما وأن معسكر الانقلاب نفسه "بدأ يتصدّع"، ما يترجم على أن إنهاء هذا الانقلاب هو خطوة إجبارية، على حدّ قوله.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close