أعلن مصدر دبلوماسي سوري، اليوم السبت، أن اللقاء الذي جمع في باريس وفدين سوريًا وإسرائيليًا بوساطة أميركية تطرّق إلى إمكانية تفعيل اتفاقية فضّ الاشتباك و"احتواء التصعيد"، بدون أن يسفر عن "اتفاقات نهائية"، مشيرًا إلى لقاءات أخرى ستعقد مستقبلًا، وفق ما نقل التلفزيون السوري الرسمي.
ونقلت قناة "الإخبارية السورية" الرسمية عن مصدر دبلوماسي سوري، اليوم السبت، بأن دمشق حملت تل أبيب خلال اجتماع بالعاصمة الفرنسية باريس، مسؤولية التصعيد الحاصل في محافظة السويداء جنوبي البلاد.
ولم تكشف القناة هوية المصدر، كما لم تحدّد أسماء المسؤولين الذين حضروا اللقاء، الذي يعد الأول من نوعه منذ ربع قرن.
اجتماع سوري إسرائيلي
فيما ادعت القناة "13" العبرية الخاصة أن اللقاء جرى أمس الجمعة بمشاركة وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني وحضور المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك.
ومنذ يومين يزور وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني باريس، حيث عقد لقاء مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو بحضور باراك.
وكان آخر اجتماع رفيع المستوى بين سوريا وإسرائيل عام 2000، عندما استضاف الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود باراك ووزير الخارجية السوري آنذاك فاروق الشرع، كجزء من جهود للتوصل إلى اتفاق سلام بين البلدين.
وقال المصدر الدبلوماسي السوري لقناة "الإخبارية السورية": "الحوار الذي جمع وفدا من وزارة الخارجية وجهاز الاستخبارات العامة بسوريا مع الجانب الإسرائيلي، جرى بوساطة أميركية، وتمحور حول التطورات الأمنية الأخيرة، ومحاولات احتواء التصعيد في الجنوب السوري".
وبحسب المصدر فإن "الوفد السوري حمّل الجانب الإسرائيلي مسؤولية التصعيد الأخير (خلال أحداث السويداء)"، مشددًا على أن "استمرار هذه السياسات العدوانية يهدد أمن المنطقة بالكامل، وسوريا لن تقبل بفرض وقائع جديدة على الأرض".
لا اتفاقات نهائية
وأوضح المصدر أن "اللقاء لم يسفر عن أي اتفاقات نهائية، بل كان عبارة عن مشاورات أولية تهدف إلى خفض التوتر وإعادة فتح قنوات التواصل في ظل التصعيد (الإسرائيلي ضد سوريا) المستمر منذ أوائل ديسمبر/ كانون الأول (2024)".
ومنذ 13 من الشهر الجاري شهدت السويداء اشتباكات مسلحة دامت أسبوعًا بين مجموعات مسلحة محلية وعشائر بدوية، خلفت 426 قتيلًا، وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، قبل أن يتم الاتفاق على وقف لإطلاق النار ما يزال هشًا.
وبعد ثلاثة أيام من الاشتباكات شن الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية على قوى الأمن الداخلي السورية بريف السويداء ما أدى لمقتل العشرات، علاوة على استهداف هيئة الأركان العامة ومحيط القصر الرئاسي بالعاصمة دمشق.
وشدّد الوفد السوري "على أن وحدة وسلامة وسيادة الأراضي السورية مبدأ غير قابل للتفاوض، وأن السويداء وأهلها جزء أصيل من الدولة السورية، لا يمكن المساس بمكانتهم أو عزلهم تحت أي ذريعة".
كما "تم التأكيد على أن الشعب السوري، ومعه مؤسسات الدولة، يسعون جديًا إلى إعادة إعمار ما دمرته الحرب، وأن السوريين بعد سنوات من الصراع، يتطلعون إلى الأمن ورفض الانجرار نحو مشاريع مشبوهة تهدد وحدة البلاد".
المصدر أفاد بأن الوفد السوري رفض "بشكل قاطع أي وجود أجنبي غير شرعي على الأراضي السورية، وأي محاولة لاستغلال فئات من المجتمع السوري في مشاريع التقسيم، أو خلق كيانات موازية تفتت الدولة وتغذي الفتنة الطائفية".
تحذير من ضرب النسيج السوري
وشدّد المصدر السوري على أن "أي محاولات لجرّ البلاد نحو الفوضى أو العنف الداخلي مرفوضة بالكامل"، محذرًا "من مخططات تستهدف النسيج الوطني السوري"، وداعيًا "المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في منع الانزلاق نحو مزيد من التصعيد".
المصدر الدبلوماسي أوضح أن "اللقاء تطرق إلى إمكانية إعادة تفعيل اتفاق فضّ الاشتباك (الموقع عام 1974) بضمانات دولية، مع المطالبة بانسحاب فوري للقوات الإسرائيلية من النقاط التي تقدمت إليها مؤخرًا".
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن إلغاء اتفاقية فض الاشتباك التي وقعها الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد عام 1974 مع إسرائيل.
وفي ختام اللقاء، "تم الاتفاق على عقد لقاءات جديدة خلال الفترة المقبلة، بهدف مواصلة النقاشات وتقييم الخطوات التي من شأنها تثبيت الاستقرار واحتواء التوتر في الجنوب، ضمن إطار يحترم سيادة سوريا ووحدتها واستقلال قرارها السياسي".
ووصف المصدر الحوار، بأنه "كان صريحًا ومسؤولًا، ويأتي في إطار الجهود الرامية لتفادي التصعيد، دون أن يحمل أي طابع اتفاقي حتى اللحظة".
كما أكد أن "الدولة السورية ملتزمة بالدفاع عن وحدة أراضيها وشعبها، وترفض أي مشاريع للتقسيم، أو جر البلاد إلى صراع داخلي جديد".