أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرًا جديدًا طالبت فيه السلطات التونسية بوضع حدّ للاحتجاز التعسفي بحق عدد من المدافعين الحقوقيين العاملين مع اللاجئين والمهاجرين.
ونددت المنظمة باحتجاز العاملين في منظمات غير حكومية، إضافة إلى مسؤولين محليين سابقين، لا يزالون قيد الإيقاف التعسفي منذ عام، بسبب دعمهم المشروع للاجئين والمهاجرين.
واعتبرت المنظمة الحقوقية أن هذه الحملة المتواصلة تُشكّل جزءًا من هجوم أوسع نطاقًا على المجتمع المدني في تونس، وهو ما يُغذي خطاب كراهية الأجانب، ويحدّ من وصول المساعدات الحيوية إلى اللاجئين والمهاجرين.
"خونة وعملاء"
وذكرت المنظمة أن عناصر من الشرطة التونسية ألقت القبض، في الثالث والرابع من مايو/ أيار من العام الماضي، على مصطفى جمالي وعبد الرزاق كريمي، وهما المدير التنفيذي ومدير المشروع على التوالي في المجلس التونسي للاجئين، وهي منظمة غير حكومية تونسية تعمل بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والسلطات التونسية في تسجيل طالبي اللجوء وتقديم الدعم لهم.
وفي الفترة من السابع إلى الثالث عشر من مايو/ أيار من العام ذاته، احتُجزت شريفة الرياحي، المديرة التنفيذية السابقة لجمعية "أرض اللجوء – مكتب تونس"، إلى جانب عياض البوسالمي ومحمد جوعو، وهما المدير التنفيذي الحالي والمدير الإداري والمالي في الجمعية، على التوالي.
وفي الحادي عشر من مايو العام الماضي، اعتقلت الشرطة أيضًا نائبة رئيس بلدية سوسة السابقة إيمان الورداني بالتهم ذاتها. إضافة إلى تهمة إضافية تتعلق بما وصف أنه استخدام لمنصبها كموظفة عمومية للإضرار بالإدارة، لمجرد عملها على التعاون بين البلدية وجمعية تونس أرض اللجوء وفقًا لتقرير العفو الدولية.
وبهذا الخصوص، أكدت سارة حشاش، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية تجريم احتجاز المدافعين عن حقوق الإنسان.
وأكدت أن تقديم الدعم للاجئين والمهاجرين، بغض النظر عن وضعهم القانوني، محمي بموجب القانون الدولي ولا ينبغي أبدًا مساواته بتهريب البشر أو الاتجار بالبشر.
وكان الرئيس قيس سعيّد اتهم في السادس من مايو من العام الماضي، المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال الهجرة في تونس بأنهم "خونة وعملاء أجانب"، يسعون إلى توطين المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى في تونس.
وعلى الفور، أعلن أحد وكلاء الجمهورية عن فتح تحقيق ضد المنظمات غير الحكومية لتقديمها الدعم المالي للمهاجرين غير الشرعيين، وفقًا لما ذكره تقرير العفو الدولية.
"ضوء أخضر"
وفي هذا الإطار، يقول المحامي والحقوقي التونسي إبراهيم بلغيث إن تقرير منظمة العفو الدولية يُمثّل استمرارًا لسلسلة من التقارير المدنية والدولية التي تُعبر عن قلق المجتمع الدولي إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في تونس، وفشل السلطات في معالجة الشأن العام، ولا سيما ملف الهجرة.
ويضيف بلغيث، في حديث للتلفزيون العربي من باريس، أن "السلطات التونسية لا تقدّم تبريرات حول الوضع القائم، وهي تنفيه بشكل دائم، غير أن الأفعال والإجراءات القضائية تُثبت عكس ذلك".
وشرح أن "السلطات التونسية لديها ضوء أخضر من الجهات الغربية المانحة لاتخاذ ما تراه من وسائل لإيقاف زحف المهاجرين غير النظاميين، وفي المقابل تُطلَق يدُها في ارتكاب الانتهاكات، سواء بحقّ أولئك المهاجرين الذين لا تتوفّر لهم أدنى شروط الكرامة الإنسانية ويُمنعون من مغادرة تونس، أو بحقّ الجمعيات التي تُعنى بشؤونهم"، حسب رأيه.