تعد ملاحقة المشاهير ومتابعة كل تفاصيل حياتهم وصولًا إلى تقليد أسلوبهم في العيش وطريقة حديثهم ولباسهم وشكلهم أعراض ما يسمى متلازمة الهوس بالمشاهير.
ففي ظل طفرة منصات التواصل الاجتماعي زالت المسافات بين الجمهور والمشاهير في شتى المجالات وأصبح من السهل معرفة أخبار النجوم وقد يتحول الأمر إلى حد الهوس.
ظاهرة فاقمتها التكنولوجيا
وأتاحت التكنولوجبا الحديثة للجمهور فرصة الولوج إلى خصوصيات المشاهير وتتبع أخبارهم ومعرفة أدق تفاصيل حياتهم الخاصة. وقد تتطور هذه السلوكيات لدى البعض لما يعرف بعلم النفس بمتلازمة الهوس بالمشاهير.
وأطلق هذا المصطلح على أولئك المهتمين بالمشاهير بشكل مفرط ويتحول هذا الاهتمام إلى إدمان أو وسواس قهري. وقد يشمل المشاهير الذين يحوزون اهتمامًا كبيرًا من الجمهور لكن الهوس يصيب بشكل أكبر الأشخاص المهتمين بمتابعة نجوم السينما والتلفزيون وعالم الغناء، وحاليًا ظاهرة المؤثرين عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وتعد ظاهرة الهوس بالمشاهير قديمة لكنها تفاقمت بشكل كبير مع ظهور منصات التواصل الاجتماعي. وقد صنف هذا الهوس كمرض نفسي واضطراب سلوكي يتطلب في مراحله المتقدمة تدخلًا علاجيًا.
متى يصبح الإعجاب مرضيًا؟
ويعتبر الإعجاب بشخصية معينة طبيعي لكن يصبح مرضيًا عندما يبدأ بالتأثير على الحياة الشخصية والمهنية والاجتماعية ويصبح الشغل الشاغل معرفة أخباره وتفاصيل حياته والبحث عن أماكن تواجده والغرق بأفكاره ومطاردته على وسائل التواصل الاجتماعي.
أمّا أكثر الناس عرضة لهذا النوع من الاضطرابات النفسية، فهم الأشخاص الذين يعانون مشاكل شخصية، إضافة إلى أولئك الذين يعانون من الوسواس والقلق والاكتئاب وقد يصل الأمر بمن يعاني من خلل في جسمه إلى تغيير مظهره ليبدو مثل نجمه المفضل.
ولكبح تطور الهوس بالمشاهير إلى مرض نفسي ينصح علماء النفس بخلق بيئة نفسية مستقرة للأطفال والمراهقين.
ويشير الاختصاصي في علم النفس محمد العنزي إلى أن الهوس بالمشاهير لا يحدث بشكل فجائي، إلّا بحال وجود نوع من المشكلة النفسية للإنسان.
أسباب الهوس
ويقول في حديث إلى "العربي"، إن الإنسان عندما يمر بحالة من التعلق بشيء ما في حياته يبدأ بخطوة أولى، إذ يرى أن ذلك مقبولًا فينكسر عنده حاجز الرفض أولًا ثم يتعرف بعد ذلك أكثر على هذا الشيء فإما أن يكون عابرًا ويمر وإما أن يأخذ حيزًا أكبر في مشاعره وتفكيره ويتعلق به ويكون التعلق طبيعي لكن إن زاد عن الحد يصبح مرضيًا".
ويلفت إلى أن الشخص الذي يعاني من الهوس بالمشاعر ربما مرّ بظروف احتاج فيها لأشخاص ولم يجدهم.
ويشير إلى أن علم النفس يعتبر أن أول خمس سنوات من عمر الإنسان هي التي تحكم حياته. فعدم إشباع احتياجات الطفل العاطفية قد تصل به عندما يصبح راشدًا إلى المعاناة من الاضطرابات.
ويعتبر أن للإعجاب بالمشاهير جانب إيجابي يعزز طموح الشخص من خلال الاستفادة من تجارب المشاهير الناجحة.
وإذ يؤكد العنزي أن الإعجاب أو الحب نوع من الحرية، يلفت إلى أنه يتحوّل إلى اضطراب. ويوضح أن أول تجاوز سلوكي للمصاب باضطراب الهوس بالمشاهير يتمثل بأن ينسى الإنسان حياته بحيث يعطي الاهتمام للشخص المشهور المتعلق به ويمنعه عن الأقربين أو عن شريك حياته. كما يتابع الشخص المشهور على حساب طموحاته الشخصية.
وحول سبل العلاج، يلفت العنزي إلى ضرورة تحديد الأسباب في تفكير الشخص المصاب بالاضطراب وتعديله، ثم الحديث عن ترتيب الأولويات. ويؤكد على دور المحيط الاجتماعي للشخص في مساعدته.