اعتبرت غير مشروعة.. كيف يُقرأ حظر نشاط جماعة الإخوان المسلمين بالأردن؟

في خطوة حاسمة، أعلنت الحكومة الأردنية حظرَ جماعة الإخوان المسلمين، واعتبارها "جمعية غير مشروعة"، بعد اتهامها بممارسة نشاطات تهدد الأمن والاستقرار. 

وقد أكد وزير الداخلية مازن الفراية أن القرار يشمل إغلاق المقرات ومصادرة الممتلكات، مع منع الانتساب والترويج لأفكار الجماعة تحت طائلة القانون.

وجاء القرار، بعد أيام من إعلان المخابرات إحباط مخططات لتصنيع صواريخ واستهداف مواقع حساسة، نُسبت لعناصر على صلة بالجماعة.

حظر نشاط جماعة الإخوان المسلمين في الأردن

بدورهم، أكد قادة في حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للإخوان المسلمين في الأردن، أنهم يعملون ضمن القانون والدستور.

وفي تصريحات خاصة للتلفزيون العربي، قال الأمين العام للحزب: إن للحزب أكثر من ثلاثين نائبًا في البرلمان، وهو مستمر في "خدمة الوطن".

وشدد نواب عن الحزب على أن منهجهم سلمي، ولم تَصدر بحقهم أحكام في قضية "الأسلحة"، فالحزب الذي لطالما اعتبر نفسَه جزءًا من النسيج السياسي، يجد نفسه اليوم في موقف حساس، بين محاولات نفي التبعية للجماعة المنحلة، والحفاظ على شرعيته السياسية أمام الشارع والدولة.

وفي سلسلة تصريحات خاصة "للتلفزيون العربي"، تحدث مسؤولون ونواب أردنيون عن زوايا مختلفة للأزمة. مع التشديد على ضرورة الالتزام بالقانون.

بالمقابل، وضعت الدولة عبر هيئة الإعلام ووزارة الداخلية محاذيرَها الكامنة في منع النشر أو التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين.

ويكشف هذا الحدث عن حجم التشابك بين ما هو أمني وسياسي، يؤثر في عمقه على رسم ملامح الحياة الحزبية في الأردن وسط تساؤلات عن مستقبل التعددية في البلاد.

ما الذي دفع عمّان لحظر جماعة الإخوان المسلمين؟

في هذا الإطار، يوضح وزير الدولة الأردني السابق للشؤون القانونية محمود الخرابشة، أن "إحباط المخططات التي كانت تهدف إلى المساس بالأمن الوطني" الأسبوع الماضي كانت موضع متابعة من قبل جهاز المخابرات العامة منذ عام 2021، ووصلت إلى نهايتها هذا العام، وتم الكشف عن التفاصيل كافة".

وفي حديث للتلفزيون العربي من عمان، يذكر الخرابشة بأن جماعة الإخوان المسلمين كانت تناصر الدولة الأردنية، وكانت العلاقة بينهما جيدة.

ويشير إلى أن الخلية التي تم إلقاء القبض عليها، وبموجب الاعترافات والمعلومات، كانت تستهدف العبث بأمن الأردن واستقراره، لافتًا إلى أن "ما ضبط من متفجرات وأسلحة بالإضافة إلى نوايا لصناعة صواريخ، كان لاستعمال داخلي"، على حد تعبيره.

ويفيد بأن الجديد في إعلان وزارة الداخلية اليوم بشأن الجماعة هو تنفيذ قرار حظرها، الذي كان قد صدر عام 2020.

أعلن الأردن حظر جماعة الإخوان المسلمين واعتبارها جمعية غير مشروعة - غيتي

ويقول إن الدولة الأردنية كانت قد أعطت فرصة لجماعة الإخوان لتصويب وضعها، ولكي يتم إزالة المخالفات القانونية، لكنها لم تلتزم بالقانون وبقيت تماطل دون أن تقوم بتصحيح مسارها القانوني.

"علاقة نموذجية"

من جهته، يشير عضو حزب جبهة العمل الإسلامي النائب ينال فريحات، إلى أن الجبهة حزب سياسي أردني مستقل مؤسس بناء على قانون الأحزاب وشارك مؤخرًا في منظومة التحديث السياسي، وأصبح حزب الأكثرية عقب الانتخابات النيابية.

ويلفت في حديث للتلفزيون العربي من العاصمة عمان، إلى أن موقف الجبهة إزاء ما حصل هو الأسف، مذكرًا بأن العلاقة التاريخية بين الدولة والجماعة والتي تمتد إلى 80 عامًا كانت نموذجية، حيث تربط خصوصية النظام الهاشمي مع جماعة الإخوان المسلمين.

ويوضح أن جماعة الإخوان المسلمين وعلى مدار تاريخها لم ترفع السلاح في وجه الدولة.

وعن موقف جبهة العمل الإسلامي من القرار، يقول فريحات: "نحن نحترم القانون في الدولة الأردنية في نهاية المطاف". ويضيف أن "من حق الجبهة أن تعبر عن أسفها من صدور قرار بحظر جماعة الإخوان المسلمين".

ويردف أنه في حال كان إلقاء القبض على الخلية سببًا في اتخاذ الدولة الأردنية هذا القرار، فعلينا الانتظار لصدور الأحكام القضائية القطعية بحق أعضاء الخلية الـ16، مشيرًا إلى أن 4 عناصر فقط منها اعترفوا بانتمائهم إلى الجماعة.

ويتابع: "ولو كان هؤلاء الـ16 من الجماعة، فهناك عشرات آلاف الشباب في تنظيم الإخوان المسلمين ولم تصدر بحقهم أحكام قضائية".

"مرحلة جديدة" 

رئيس تحرير صحيفة "العربي الجديد" معن البياري من ناحيته، يعتبر أن هناك مرحلة جديدة في ما يخص العلاقة بين الحكم في الأردن وجماعة الإخوان المسلمين.

وفي حديث للتلفزيون العربي من العاصمة القطرية الدوحة، يضيف بياري أن هذه العلاقة بدأت بالتأزم والتوتر منذ 15 عامًا، منذ الربيع العربي وحتى الآن، حيث تدحرجت الأزمة تلو الأخرى، وصولًا إلى إصدار القرار غير المسبوق اليوم بحظر أنشطة الجماعة رغم وجود قرار قضائي منذ عام 2020.

ويعرب عن اعتقاده بأن هناك أمورًا راكمت مزاجًا مختلفًا لدى الدولة تجاه الجماعة، من بينها عدم إشادة جماعة الإخوان المسلمين بالموقف الرسمي الأردني إزاء العدوان الإسرائيلي على غزة.

ويشير بياري إلى أن "القبض على الخلية، واعتراف 4 من عناصرها بانتسابهم للإخوان المسلمين جاء لتقول الدولة ألا تسامح في هذا الأمر، وأن هذه العلاقة الخاصة يجب أن تعالج أو تنعطف إلى مسار آخر".