يعد استخدام لقب باشا وبيه بالتحديد مسألة مجرمة بنص الدستور المصري، أعلى نص تشريعي في البلاد.
وقبل منع هذا الاستخدام بنص الدستور عام 1956 كان استخدام اللفظين حكرًا على فئات معينة. وبعد المنع صار استخدامهما مجرمًا منذ أن قرر مجلس الوزراء المصري في أول اجتماع له بعد ثورة يوليو عام 1952 إلغاء استخدام الألقاب المدنية وتجريم استخدامها في نص دستوري بعد ذلك بأربع سنوات.
واليوم، بعد أكثر من نصف قرن يقترح المفكر المصري أسامة الغزالي حرب إعادة تنظيم لاستخدام الألقاب المدنية في مصر.
واقترح الرجل إعادة إحياء الألقاب المدنية، لكن بصيغة جديدة تتماشى مع متغيرات الواقعين الاقتصادي والاجتماعي في مصر. وجاء هذا الطرح في مقال له اقترح فيه منح ألقاب تشريفية مقابل مساهمات مالية كبيرة يقدمها الأثرياء لصالح الدولة.
ورشح حرب نماذج لأسماء رجال أعمال يراهم مؤهلين للحصول على هذه الألقاب منهم محمد أبو العينين الذي سيصبح طبعًا محمد باشا أبو العينين والملياردير نجيب باشا ساويرس. وبالتأكيد سيحصل إخوته على اللقب، إضافة إلى طلعت مصطفى وأحمد أبو هشيمة وغيرهم.
ألقاب مُقسمة إلى درجات
ويوضح حرب أن كلمة "باشا" هي اللقب المدني الأرفع الذي كان شائعًا في العصر الملكي، إضافة إلى ألقاب أخرى مثل أفندي، وبك، واقترح إنشاء هيئة متخصصة رفيعة المستوى لمنح هذه الألقاب بعد موافقة البرلمان.
وقديمًا، كانت الألقاب المدنية مقسمة إلى خمس رتب كالتالي: أعلى سلم الرتب يأتي لقب "الرياسة": ويمنح لرؤساء الحكومة في المنصب أو خارجه، ويلقب صاحبها بلقب "حضرة صاحب الدولة".
يليه في الألقاب لقب "الامتياز: ويمنح للوزراء أو لمن في مقامهم بصفة استثنائية، ويلقب حاملها بلقب "حضرة صاحب المعالي".
ومن ثم تأتي "الباشوية" التي تمنح لكبار الموظفين الذين لا تقل رواتبهم عن 1800 جنيه، ولكبار الأعيان، وتمنح بصفة استثنائية للمحافظين والمديرين ويعتمد ذلك أيضًا على ما يتلقونه من أجور.
وفي أسفل سلم الألقاب يأتي لقب "البكوية" في درجته الأولى والثانية وتمنح الدرجة الأولى للموظفين الذين لا تقل رواتبهم عن 1200 جنيه في السنة.
"دوران عجلة صناعة الطرابيش"
والدرجة الثانية: تمنح للموظفين الذين لا تقل رواتبهم عن 800 جنيه في السنة. ويجوز منح البكوية بدرجتيها للأعيان المصريين الذين قاموا بخدمات للبلاد.
وقوبلت دعوة أسامة حرب لإعادة إحياء الألقاب في مصر بردود فعل واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي.
فقال إسماعيل الإسكندراني: "الدكتور أسامة الغزالي حرب يطلب انتهاك الدستور الجمهوري اللي بيحظر الرتب المدنية والردة إلى زمن الرجعية الأرستقراطية وإعادة الرتب المدنية بمخالفة صريحة للدستور ومع ذلك يجد مقاله سبيلًا للنشر في جريدة خاضعة لرقابة أجهزة الأمن فلو انتهاك الدستور من باب حرية الرأي فسيكون الإثنين مثل بعضهما".
وكتب الحقوقي يوسف ورداني" هل نتقدم للأمام باتجاه دولة المواطنة، أم نرتد للخلف باتجاه تقنين التفاوتات الطبقية والمجتمعية؟ .. إنشاء الرتب المدنية محظور بنص الدستور".
أمّا أحمد النجار فيرى أنه بدلًا من إعادة الألقاب، قد يكون من الأجدى التركيز على إصلاحات تعليمية واقتصادية وصحية تسهم في تحسين حياة المواطنين وتعزز من مكانة مصر على الساحة الدولية. ويضيف: "بينما يظهر الاقتراح نية لتكريم الشخصيات البارزة، إلا أن إعادة الألقاب المدنية قد لا تكون الوسيلة المثلى لتحقيق ذلك في السياق المصري الحالي. التكريم الحقيقي يأتي من خلال دعم الإنجازات وتوفير بيئة تشجع على العطاء والابتكار".
وعلّق المدون سعد مرزوق متسائلًا: "ما هي الفائدة التي ستعود على اقتصاد الدولة من ذلك؟".
وفي تعليق لا يخلو من السخرية، قال الصحافي سمير محمود: "بدوري أقترح إعادة تشغيل مصانع الطرابيش من أجل دوران عجلة الإنتاج من جديد".