الأحد 14 أبريل / أبريل 2024

السودان يجتاز "العقبة الأخيرة" نحو تخفيف أعباء الدَّين

السودان يجتاز "العقبة الأخيرة" نحو تخفيف أعباء الدَّين

Changed

العاصمة السودانية الخرطوم
عانى السودان من العزلة والعقوبات على مدار عقود وشهد خلال الأزمة الاقتصادية اقتراب معدل التضخم من 400% (فيسبوك)
قرّر المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي أن السودان بلغ نقطة أخذ القرار المطلوبة وفقًا لمبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون؛ ما يعني أن بوسعه البدء في تخفيف ديونه.

أعلن المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في بيان أمس الثلاثاء، أنه قرّر أن السودان قد بلغ نقطة أخذ القرار المطلوبة وفقًا لمبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون، ما يعني أن بوسعه البدء في تخفيف ديونه البالغة أكثر من 56 مليار دولار.

وقال مسؤول بالصندوق الشهر الماضي: إنه بعد ربع قرن من إطلاق صندوق النقد والبنك الدولي المبادرة، أصبح السودان الاقتصاد قبل الأخير الذي يجتاز هذه العملية، وهو "الحالة الأكبر على الإطلاق بفارق كبير".

وكشف الصندوق عن تسهيل ائتماني ممتد للسودان بقيمة 2.5 مليار دولار، ومدّته 39 شهرًا تُقدم في هيئة منح وقروض منخفضة الفائدة.

وببلوغه "نقطة أخذ القرار"، سيشهد السودان انخفاض دَينه الخارجي إلى نحو 30 مليار دولار في فترة قريبة نسبيًا.

"رحلة طويلة"

وأوضحت رئيسة بعثة الصندوق إلى السودان كارول بيكر، أن الديون ستقل إلى ستة مليارات عندما يحقق السودان خفضًا شاملًا لا يمكن العدول عنه للدَّين بعد ما يُقدر بنحو ثلاثة أعوام، عند بلوغه نقطة "الاستيفاء".

وتنقل وكالة "رويترز" عن محلّلين قولهم: إن القرار اتُخذ بوتيرة سريعة غير مسبوقة، وهو نتيجة إبداء دولي لحسن النوايا تجاه القادة المدنيين في البلاد وإصلاحات اقتصادية سريعة ومؤلمة.

وقال إيان كلارك، الشريك بمكتب الاستشارات القانونية "وايت أند كيس" الذي يُقدم الاستشارات للحكومة بشأن إعادة هيكلة الدين من خلال المبادرة مع المستشار المالي لازارد: "كانت الرحلة طويلة للسودان، لم تنتهِ بعد، لكنه تقدم مهم حقًا على طريق البلد نحو مستقبل أكثر رخاء".

وعانى السودان من العزلة والعقوبات على مدار عقود، وشهد خلال الأزمة الاقتصادية اقتراب معدل التضخم من 400%، ونقص في السلع الأساسية والخدمات وتراجع الأمن الغذائي.

وعقب الإطاحة بعمر البشير في أبريل/ نيسان 2019، توصّل الجيش والمدنيون لاتفاق تقاسم سلطة هش. وعلى مدار العام المنصرم، نفذت الحكومة الانتقالية العديد من الإصلاحات الاقتصادية الرئيسية من بينها إلغاء دعم الوقود وخفض حاد لسعر صرف العملة، في ظل برنامج ضروري للإعفاء من الدَّين تحت رقابة صندوق النقد الدولي.

ماذا بعد؟

وقال المستشار البارز لوزارة المالية مجدي أمين لوكالة "رويترز" قبل القرار: إن السودان يحتاج الآن لأن يبيّن للصندوق أنه حقق استقرارًا على مستوى الاقتصاد الكلي، ومستمر في تحسين مؤسساته، وأنه سيستغل الأموال التي تُتاح له نتيجة تخفيف عبء الدين لخفض الفقر. وأكد أن الخرطوم لا يسعها التخلف عن سداد الديون المتبقية خلال تلك الفترة.

وأعباء ديون السودان لا تقل عن 50 مليار دولار. ويدين بمبلغ 19 مليار منها لدول نادي باريس والمبلغ ذاته لدول من خارج النادي؛ مثل الكويت والسعودية والصين. 

وتبلغ الديون التجارية الضخمة ما لا يقل عن ستة مليارات دولار، ومثلها لمنظمات متعددة الجنسيات قبل تسوية الديون المتأخرة العام الجاري.

ولم تتم تسوية الدَّين بالكامل وحساب الفائدة السابقة المستحقة، وهذا يعني أن المبلغ سيكون أكبر ويقدر البعض بأنه قريب من 60 مليار دولار.

وفي الشهر المقبل، سيحدّد نادي باريس نسبة الإعفاء من الدَّين، ويُتوقع أن تكون حوالي 70%. وعادة يسري اتفاق مماثل على دائنين آخرين.

وأشارت وزارة الخزانة الأميركية في بيان أمس الثلاثاء، إلى أن الولايات المتحدة "يسعدها الانضمام لأعضاء آخرين في نادي باريس سيقدمون إعفاءات فورية ومستقبلية".

ليس حلًا ناجعًا

من بين 39 دولة مؤهلة للمبادرة، لم يتبقَ سوى السودان وإريتريا من الدول المشاركة.

وثبت أن البرنامج ليس حلًا ناجعًا. فقد تقدّمت ثلاث من الدول التي أنهت البرنامج، وهي إثيوبيا وزامبيا وتشاد، حاليًا بطلبات لتخفيف عبء الدين ضمن برنامج إطار عمل مشترك لمجموعة العشرين أُطلق العام الماضي، كما اضطُرت دول أخرى مثل موزمبيق والكونغو لإعادة هيكلة ديون.

وقال مسؤول بصندوق النقد: إن بلوغ نقطة القرار يعني أنه من المتوقع أن يقدم صندوق النقد للسودان تسهيلًا ائتمانيًا ممددًا لمدة ثلاثة أعوام؛ لإتاحة تمويل مباشر فيما تمضي الخرطوم قدمًا في تنفيذ إصلاحات.

وهذا أمر حيوي لحكومة السودان المثقلة بالأعباء، والتي تكافح لتمويل واردات الوقود والعقاقير. ويقدر الصندوق أن السودان سيحتاج تمويلًا خارجيًا يتجاوز سبعة مليارات دولار خلال العامين المقبلين.

وبالنسبة لسودانيين كثيرين، كانت الإصلاحات اللازمة لبلوغ هذه النقط باهظة التكلفة، واضطُر عدد كبير من الأسر لخفض الإنفاق على الغذاء والانتقالات مع ارتفاع الأسعار.

وأكد محلل شؤون السودان لدى مجموعة الأزمات العالمية جوناس هورنر، ضرورة أن "تبلغ (الحكومة) على نحو سليم المواطنين التسلسل والمنحنى الذي سيأخذه".

المصادر:
رويترز

شارك القصة

تابع القراءة