الخميس 25 أبريل / أبريل 2024

الأزمة المالية  تدفع بهجرة المعلمين.. هل ينهار قطاع التعليم في لبنان؟ 

الأزمة المالية  تدفع بهجرة المعلمين.. هل ينهار قطاع التعليم في لبنان؟ 

Changed

اعتصام لطلاب الجامعات في بيروت رفضًا لرفع الأقساط (غيتي- أرشيف ديسمبر 2020)
اعتصام لطلاب الجامعات في بيروت رفضًا لرفع الأقساط (غيتي- أرشيف ديسمبر 2020)
يواجه القطاع التربوي كباقي القطاعات في لبنان تحديات جمّة جراء الأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد، زادت من تعقيدها جائحة كورونا. 

يرزح لبنان تحت أزمة اقتصادية حيث تسبب الفساد والخلافات السياسية في انخفاض قيمة العملة المحلية بأكثر من 90% في أقل من عامين، الأمر الذي دفع بنصف السكان إلى براثن الفقر وحال بين المودعين وبين حساباتهم المصرفية.

وكحال باقي القطاعات، يواجه القطاع التربوي تحديات جمّة، زادت من تعقيدها جائحة كورونا. وتعد هجرة المعلمين أهم تلك التحديات. 

وكان القطاع التعليمي في لبنان يعد رائدًا على المستوى الإقليمي في الشرق الأوسط وكان يحتل المرتبة العاشرة على مستوى العالم في تقرير التنافسية العالمية الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي. أما الآن فليس من الواضح كيف ستتمكن المدارس من تدبير أمورها عندما تبدأ السنة الدراسية الجديدة في أكتوبر/ تشرين الأول.

الهجرة بحثًا عن فرص أفضل

وبحثًا عن فرص أفضل، اختار عدد من اللبنانيين ومنهم العاملون في القطاع التربوي الهجرة. 

قضت كريسولا فياض التي تخرجت من جامعة السوربون الفرنسية قرابة 20 عامًا وهي تتولى تدريس التاريخ والجغرافيا في مدارس فرنسية راقية بلبنان حتى أصبحت رئيسة أكثر من قسم.

أما الآن فقد أصبحت معلمة احتياطية في باريس بعد أن جرفتها موجة النزوح من النظام التعليمي الذي أوشك على الانهيار.

تركت فياض بيتها ومدخرات العمر في أغسطس/آب 2020 وهي في الخمسين من عمرها. قبل ذلك بأيام أصيب المستشفى الذي يعمل به زوجها وعيادته الطبية بأضرار ضمن الدمار الذي لحق بقطاعات كبيرة من بيروت عندما وقع انفجار مرفئها فكانت تلك القشة التي قصمت ظهر البعير.

ولا تشعر فياض بالندم رغم الظروف الخانقة التي تعيشها، قائلةً: "دائمًا أقول الحمد لله أننا أتيحت لنا هذه الفرصة للمجيء إلى هنا. للأسف أنا أدرك أنني اتخذت القرار الصائب عندما أرى الحال في لبنان الآن".

كيف انعكست الأزمة الاقتصادية على القطاع التربوي؟

وعن تأثير الأزمة الاقتصادية على القطاع التربوي، يوضح رئيس رابطة أساتذة اللغة الإنكليزية في لبنان رينيه كرم أنّ الأزمة فاجأت القطاع التعليمي "عندما نشبت في 2019".

ففي البداية استغنت بعض المدارس الخاصة عن المعلمين ذوي الأجور الأعلى أي حوالي 30% من العاملين لتوفير المال، لكن بمرور الوقت رحل كثيرون غيرهم من تلقاء أنفسهم. ويشير كرم إلى أن نصف أعضاء الرابطة البالغ عددهم 100 مدرس انتقلوا الآن إلى العراق ودبي وسلطنة عمان.

وأصبحت المرتبات التي تبدأ من 1.5 مليون ليرة لبنانية شهريًا تساوي الآن أقل من 90 دولارًا بسعر السوق الموازية في بلد كانت تعادل فيه من قبل 1000 دولار. ويضيف كرم: "نحن في أزمة حقيقية".

 البقاء على قيد الحياة

تمثل المدارس الخاصة 70% من القطاع التعليمي بما يفوق 1500 مؤسسة تعليمية. وبحسب نقيب المعلمين في المدارس الخاصة، رودولف عبود، فإن كل مدرسة فقدت ما بين عشرة و40 من المعلمين حتى الآن، وإن بعضهم يبقون في منازلهم لأنهم لا يستطيعون تدبير نفقات رعاية الأطفال.

ويقول: "نحن في مرحلة البقاء على قيد الحياة فقط، الضروريات. لا توجد مدرسة واحدة الآن لا تعلن عن وظائف شاغرة".

كما حدث بالفعل ضم تلاميذ من عدة فصول دراسية في بعض المواد. كما أن انقطاعات الكهرباء اليومية ونقص المواد الأساسية يجعل من الصعب تسيير العمل في المدارس.

إلغاء امتحانات الشهادة المتوسطة

خلال هذا الأسبوع ألغت وزارة التعليم الامتحانات النهائية للشهادة المتوسطة استجابة لضغوط الآباء والعاملين الذين يصرون على أن الظروف الاقتصادية تجعل تنظيم هذه الامتحانات مستحيلًا.

ويقول كرم: "الوزير أراد إجراء الامتحانات، لكن ألا يعلم أن في لبنان نقصًا في الورق والحبر وأن المعلمين لا يمكنهم العمل مجانًا والمدارس لا يمكنها العمل دون وقود لمولدات الكهرباء؟"

وأشارت وزارة التعليم إلى أنها ضمنت صرف أجور إضافية من متبرعين للمعلمين الذين سيشرفون على الامتحانات لكن معظمهم انسحبوا. ونقلت وكالة "رويترز" عن هيلدا خوري، المديرة بالوزارة، قولها: "أغلبية المعلمين انسحبوا تدريجيًا من الإشراف وهذا ما كان سببًا في استحالة إجراء امتحانات المدارس المتوسطة"، مضيفة أن امتحانات المدارس الثانوية ستتم.

إبقاء المدارس مفتوحة

ومن جهته، أكّد الأمين العام للمدارس الكاثوليكية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الأب بطرس عازار، أن الآباء في كثير من تلك المدارس البالغ عددها 231 مدرسة في لبنان؛ يواجهون صعوبات في دفع المصروفات السنوية، التي تتراوح بين ثلاثة ملايين وثمانية ملايين ليرة. وقال: "لكننا أخذنا قرارًا بالاستمرار وبذل أي شيء لإبقاء المدارس مفتوحة".

وروت موظفة حكومية لوكالة "رويترز" أنه لم يدفع أحد حتى الآن مصروفات العام المقبل بالمدرسة، حيث يدرس ابناها وهما في العاشرة والسابعة من العمر. وكانت المدرسة طلبت 600 دولار عن كل طفل بالدولار الأميركي، بالإضافة إلى 12 مليون ليرة لبنانية. وقالت: "من أين نأتي بدولارات جديدة للسداد هذه الأيام؟ كلنا نحصل على أجورنا بالعملة المحلية ولذا كيف يُفترض أن نحصل على هذا المبلغ؟" وطلبت عدم نشر اسمها لحساسية وظيفتها.

من جهته، أوضح رودولف عبود أن بعض الآباء ينقلون أولادهم  إلى الخارج أو من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية، مما يفرض ضغوطًا على قطاع التعليم العام. وقال: "نحن نشهد عائلات تنتقل من المدارس الخاصة إلى المدارس العامة وآخرين ينتقلون خارج لبنان إلى دول عربية أو أوروبا والولايات المتحدة وكندا وهذا يخلق مشكلة".

المصادر:
رويترز

شارك القصة

تابع القراءة
Close