الجمعة 19 أبريل / أبريل 2024

أزمة سلاسل الإمداد وتخفيف قيود كورونا.. هل يترسّخ التضخم حول العالم؟

أزمة سلاسل الإمداد وتخفيف قيود كورونا.. هل يترسّخ التضخم حول العالم؟

Changed

ارتفعت معدلات الأسعار حول العالم في مارس (غيتي)
ارتفعت معدلات الأسعار حول العالم في مارس (غيتي)
بالنسبة إلى جميع محافظي المصارف المركزية، يتمثّل القلق الأكبر في أن يترسّخ التضخم، عندما تأخذ الأسر منه وسيلة للمساومة على الأجور، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الشركات.

يثير ارتفاع نسب التضخم القلق في جميع أنحاء العالم، حيث واجهت الزيادة في الطلب بعد تخفيف القيود لمكافحة وباء كورونا، اختناقات في العرض وارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام. لكن هل سيُغذّي ارتفاع الأسعار دورات تضخم أخرى؟

وفقًا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن الزيادات الحادة في الأسعار في العديد من البلدان أثارت ردود فعل مختلفة من المصارف المركزية، حيث رفع أكثر من 12 مصرفًا أسعار الفائدة.

وتعكس إجراءات المصارف المركزية المُتباينة الاختلافات في وجهات النظر حول ما إذا كان الارتفاع في الأسعار سيزيد من خطر التضخم أم أنه سيتلاشى، الأمر الذي من شأنه أن يشكّل مسار الاقتصاد العالمي على مدى السنوات القليلة المقبلة.

وتعتمد المصارف المركزية الكبيرة على الاستهلاك المعيشي للأسر، كما تتوقّع وجود عدد كاف من العمال غير المستغلين بشكل كاف للسيطرة على ارتفاع الأجور، الأمر الذي قد يسهم في تخفيف حدة التضخم.

لكن السلطات النقدية الأخرى ليست متأكدة من ذلك، وترى أن هناك مخاطر أكبر من ارتفاع الأجور. ففي البلدان الأفقر، يذهب النصيب الأكبر من الإنفاق عادة إلى الضروريات مثل الغذاء والطاقة التي شهدت أكبر ارتفاع في الأسعار، لذلك فإن صانعي السياسات، وليس الأسر أو العمال، هم أسرع في كبح جماح التضخم.

وكان رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس قد حذر من أن الارتفاع في بعض الأسعار "لن يكون مؤقتًا"، مضيفًا: "سيستغرق الأمر وقتًا وتعاونًا من صانعي السياسات في جميع أنحاء العالم لفرزهم".

والأربعاء الماضي، رفع البنك المركزي التشيلي سعر الفائدة بمقدار نقطة مئوية واحدة وربع لتصل إلى 2.75%، وهي أكبر زيادة في أسعار الفائدة منذ 20 عامًا.

تفاوت في العرض والطلب

كما بدأت زيادات الأسعار في التسارع على مستوى العالم في مارس/ آذار الماضي، ما رفع معدلات التضخم أعلى مما توقّعه معظم محافظي البنوك المركزية. وبحلول أغسطس/ آب الماضي، ارتفع المعدل السنوي للتضخم في اقتصادات مجموعة العشرين، والتي تمثل حوالي أربعة أخماس الناتج العالمي، إلى أعلى مستوى له خلال عقد من الزمن.

وكان ارتفاع التضخم مدفوعًا بمجموعة من القوى الاقتصادية التي لم يشهدها سوى عدد قليل من المصارف المركزية من قبل. وترافق ذلك مع انتعاش مبكر وأكبر في الطلب.

لكن العرض كافح لتلبية هذا الطلب. حيث قام عدد قليل من الشركات بزيادة الإنتاج خلال جائحة كورونا، كونها كانت تتوقّع انتعاشًا أكثر هدوءًا واستمرارية. كما أعاقت الجائحة العمل في المصانع وشبكات النقل العالمية.

وبالنسبة إلى جميع محافظي المصارف المركزية، يتمثّل القلق الأكبر في أن يترسّخ التضخم، عندما تأخذ الأسر من التضخم وسيلة للمساومة على الأجور، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الشركات.

أسر في خطر مادي

مرت كل دولة في أميركا الجنوبية تقريبًا بفترة تضخم مرتفع، وترتفع الأسعار مرة أخرى هناك بعد انخفاض الإصابات الجديدة بفيروس كورونا. وبدون زيادات في الأجور تتناسب مع التضخّم، فإن العديد من الأسر باتت في خطر مادي.

وفي أكبر اقتصاد في العالم، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء الماضي، مبادرة لتخفيف الأعمال المتراكمة عبر الدفع باتجاه توفير خدمة متواصلة طوال اليوم في الموانئ والموردين.

دوامة في أوروبا

في بعض البلدان، يكون خطر دوامة الأجور والأسعار أكبر بسبب قلة العمال الذين يمكن توظيفهم للمساعدة في تلبية الطلب المتزايد. وهذه هي المشكلة بالتحديد في وسط أوروبا، حيث قام عدد من المصارف المركزية برفع أسعار الفائدة الرئيسة خلال الأشهر الأخيرة. وأدت الهجرة إلى أوروبا الغربية الأكثر ثراء، وتراجع معدلات الولادات، إلى انخفاض عدد العمال.

وقال ليام بيتش، الخبير الاقتصادي في "كابيتال إيكونوميكس" للصحيفة: "أوروبا الوسطى والشرقية هي إحدى مناطق العالم حيث نعتقد أن خطر استمرار ارتفاع التضخم في السنوات القليلة المقبلة هو الأكبر".

بالنسبة لصانعي السياسة في الاحتياطي الفدرالي والبنك المركزي الأوروبي، يبدو أن خطر دوامة الأجور والأسعار أقل. وقد تم التشكيك في وجهة النظر هذه مؤخرًا من قبل الاقتصاديين، بمن فيهم الخبير الاقتصادي في الاحتياطي الفيدرالي جيريمي رود، الذي يجادل بأن الدليل ببساطة لا يظهر أن التوقعات تدفع التضخم فعليًا.

تضخّم كبير في إفريقيا

في معظم أنحاء أفريقيا الجنوبية، أدى ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة إلى ارتفاع التضخم. ورفع البنك المركزي الإثيوبي في أغسطس سعر الفائدة على الإقراض للبنوك التجارية إلى 16% من 13%، وضاعف معدل الاحتياطي النقدي المطلوب للبنوك التجارية إلى 10%. كما ارتفع التضخم في دول الصحراء الأفريقية الجنوبية إلى 30% في سبتمبر بسبب مزيج من الصراع، وعرقلة طرق التجارة، وانتشار الجراد الذي أدى إلى انخفاض إنتاج الغذاء.

حذر في آسيا

بالنسبة لمعظم دول قارة آسيا، لا تزال المصارف المركزية حذرة بشأن تشديد السياسة النقدية في وقت مبكر جدًا، خوفًا من تقويض التعافي الاقتصادي الضعيف الذي لم تغذّه المحفزات الرسمية الكبيرة.

استوعب المنتجون الصينيون حتى الآن ارتفاع أسعار السلع الأساسية، ما أضر بربحهم. وارتفع التضخم في المصانع بنسبة 10.7% في سبتمبر، وهو أكبر ارتفاع منذ حوالي 25 عامًا، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى ارتفاع أسعار الفحم. كما ارتفع تضخم المستهلك في البلاد بنسبة 0.7%، وهو أقل بكثير من الهدف الرسمي البالغ حوالي 3%.

في تركيا، ارتفع التضخم السنوي إلى 19.58% في سبتمبر، وهو أعلى مستوى له في عامين ونصف، وفقًا لوكالة الإحصاءات الرسمية في البلاد.

إجراءات من السبعينيات

في دول أخرى، تلجأ الحكومات إلى الإجراءات التي كانت شائعة خلال السبعينيات. وأعلن وزير التجارة الداخلية الأرجنتيني روبرتو فيليتي، الأربعاء، تجميد أسعار 1247 سلعة في المتاجر لمدة 90 يومًا وسط مخاوف من ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

المصادر:
ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close