تمنح الأسواق الشعبية الزوار فرصة استكشاف العادات والتقاليد والحرف اليدوية التي تميز المجتمع الخليجي عن غيره من المجتمعات العربية والعالمية.
ولا يقتصر عمل هذه الأسواق على النشاط التجاري بل يتعداه إلى الأنشطة السياحية والفعاليات الشعبية وإقامة المهرجانات التراثية.
وتشهد هذه الأسواق زخمًا غير تقليدي خلال المواسم السنوية في ظل حرص المواطنين والمقيمين على شراء متطلباتهم قبل المواسم والأعياد، حيث توفر مجالًا واسعًا أمام المستهلك للتحكم بالأسعار والوصول بها إلى مستويات جيدة.
ورغم انتشار المراكز التجارية الكبرى وتطورها، لا تزال الأسواق الشعبية على جاذبيتها التراثية ومكانتها الهامة بالنسبة لفئات اجتماعية وجنسيات مختلفة بينما تحوّل بعضها إلى معالم سياحية تجذب الزوار باستمرار.
وعلى الرغم من أن الأسواق الشعبية في الخليج بحاجة إلى دعم وتطوير بما يحقق الأهداف الاقتصادية والسياحية المطلوبة، إلا أنها نجحت في فرض موقعها كمنارة تجمع بين الأصالة والحداثة ما جعلها موروثًا جماعيًا تنصهر فيه حياة الناس، ومجالًا خصبًا لنسج علاقات اجتماعية ممتدة يمكن أن تكون مادة غنية للباحثين المهتمين بالتاريخ الاجتماعي.
أسواق ضرورية لأي بلد
وفي هذا الإطار، يرى الباحث في التراث القطري خليفة السيد أن الأسواق التراثية تشكل مكملًا لتلك الحديثة، مشددًا على أنها ضرورية لأي بلد وشعب.
ويعتبر في حديث إلى "العربي" من الدوحة أن المجمعات التجارية الحديثة تكاثرت بشكل كبير الأمر الذي يؤثر على التجارة والمستهلك.
ويلفت إلى أن أصحاب المجمعات التجارية بدأوا ببنائها على الطريقة الشعبية بهدف الدمج بين التراث والحداثة، معتبرًا أن هذه الخطوة جيدة.
"احترام الأبعاد البشرية"
بدوره، يشرح صاحب فكرة مشروع برايح سالم في الكويت فيصل الجهيم أن الأسواق وتكوينها في السابق كانت تتم من خلال احترام الأبعاد البشرية، بحيث كان إنشائها يحصل في المناطق وعلى الطرقات التي يسلكها الناس عادة.
ويقول في حديث إلى "العربي" من ملقة: "إذا أردنا تطوير الأسواق اليوم فعلينا الأخذ بعين الاعتبار حركة الناس"، معتبرًا أن نجاح هذه الأسواق اقتصاديًا يعتمد على عامل كثرة مرور الناس فيها أو بقربها.
ويشدد على ضرورة وجود وسائل حديثة تجذب الناس إلى هذه الأسواق التراثية اليوم لتأمين الراحة إلى مرتادي هذه الأماكن، مشيرًا إلى أن هذه العناصر تساهم بشكل كبير في نجاح الأسواق التراثية.
أشهر الأسواق التراثية في الخليج
ومن بين أشهر الأسواق التراثية في الخليج، سوق واقف في قطر والذي تأسس قبل مئة عام قبل أن يتم ترميمه عام 2008 والمحافظة على شكله التراثي.
ويشهد هذا السوق الذي يقع في الدوحة نشاطات وفعاليات ثقافية.
وفي الرياض، سوق الزل الذي تأسس عام 1901 ويضم المقتنيات التراثية.
يشتهر هذا السوق الذي يقع في العاصمة الرياض ببيع الزي التراثي السعودي.
وتأسس سوق المباركية في الكويت الذي يتميز بطابعه التراثي عام 1897، وهو يحتضن فعاليات ثقافية.
وتحتضن الإمارات سوق مرشد الذي تأسس قبل مئة عام حيث تباع فيه منتجات مختلفة.
يعد هذا السوق الذي يقع في دبي من أكبر وأقدم الأسواق في الإمارات، ويضم العديد من الأسواق الفرعية.
وفي سلطنة عمان سوق مطرح الذي تأسس منذ مئتي عام.
هذا السوق يقع في مسقط وتباع فيه التحف والتراثيات العمانية، ويشكل معلمًا سياحيًا وتجاريًا مهمًا في البلاد.
وفي البحرين، يمكن زيارة سوق المنامة الشعبي الذي تأسس عام 1949.
يُطلق على هذا السوق اسم "باب البحرين" وتباع فيه منتجات تقليدية وعصرية.