الإثنين 25 مارس / مارس 2024

الأشمل منذ حرب العراق.. ما هي خيارات روسيا العسكرية في أوكرانيا؟

الأشمل منذ حرب العراق.. ما هي خيارات روسيا العسكرية في أوكرانيا؟

Changed

تتطلّب العملية الحاسمة لاحتلال أوكرانيا "مقاتلًا واحدًا مقابل كل 20 مواطن أوكراني
تتطلّب العملية الحاسمة لاحتلال أوكرانيا "مقاتلًا واحدًا مقابل كل 20 مواطن أوكراني (غيتي)
توقّع الخبير العسكري الأوكراني تاراس كوزيو أن تلجأ روسيا إلى ثلاثة خيارات عسكرية متتالية عوضًا عن غزو شامل وسريع.

رسم خبراء غربيون مشهد الحرب المقبلة المحتملة بين روسيا وأوكرانيا، معتبرين أن شن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غزوًا شاملًا على أوكرانيا، يُنذر بحرب لم يشهد العالم مثلها منذ حرب العراق عام 2003.

وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن التقارير تتحدّث عن نشر نحو 100 ألف جندي روسي قرب الحدود الأوكرانية، لكن التقديرات الغربية تؤكد أنه إذا كانت موسكو تنوي غزو أوكرانيا بالكامل، فإنها تحتاج إلى ضعف هذا العدد، على الأقل، وسيشمل بالتأكيد قوات تمرّ عبر بيلاروسيا.

وقال الباحث في معهد "أميركان إنتربرايز" فريد كاغان أن "غزوًا بهذا الحجم لم يشهده العالم منذ 2003، سيحتاج على الأقل ما بين 150 ألفًا إلى 200 ألف جندي، متوقّعًا أن روسيا بإمكانها الانتهاء من جمع ذلك الحشد بنهاية الشهر الجاري.

وأضاف أن التحدي الأكبر بالنسبة لبوتين، هو قدرة قواته على مواجهة أي عمليات مسلحة داخل الأراضي الأوكرانية، بعد احتلال العاصمة كييف.

هل احتلال أوكرانيا ممكن؟

وشرح كاغان في ورقة بحثية شارك في كتابتها مع خبراء آخرين من معهد دراسة الحرب (Institute for the Study of War )، أن العملية الحاسمة لاحتلال أوكرانيا "تتطلّب مقاتلًا واحدًا مقابل كل 20 مواطن أوكراني"، مشيرًا إلى أن روسيا سوف تحتاج لاحقًا إلى تواجد قوات يزيد عددها عن 325 ألف فرد للسيطرة على كييف والمدن الرئيسة في أوكرانيا في الجنوب والشرق، وسحق حركات المقاومة المحتملة.

ووفقًا للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)، يبلغ عديد الجيش الأوكراني 145 ألف عنصر، ولكن هناك أيضًا ما يزيد عن 300 ألف من قدامى المحاربين ممن يشاركون في الصراع المنخفض الحدة في إقليم دونباس شرقي البلاد، والذي يسيطر عليه الانفصاليون الموالون لموسكو.

وأشار استطلاع رأي حديث إلى أن ثلث مواطني أوكرانيا سيكونون على استعداد لخوض غمار "المقاومة المسلحة" ضد أي احتلال روسي.

وقال كاغان لصحيفة "الغارديان": "درس بوتين ما حدث للولايات المتحدة في العراق بعد عام 2003، ونظرًا إلى صعوبة التعامل مع مع النشاط الحزبي، اعتقد أن بوتين لا ينوي غزو أوكرانيا واحتلالها".

نقاط القوة

وأشارت الصحيفة إلى بعض نقاط القوة التي تتمتّع بها روسيا، منها القدرة الجوية العالية والقدرات الصاروخية، وهو ما قد يحطّم معنويات الجانب الأوكراني عند اندلاع العمليات العسكرية، ويؤدي إلى فرار الملايين غربًا بدل المشاركة في القتال.

وقال روب لي، وهو ضابط سابق في مشاة البحرية الأميركية وزميل في معهد أبحاث السياسة الخارجية، إن "روسيا تمتلك القدرة على تدمير الوحدات العسكرية الأوكرانية من بعيد باستخدام صواريخ إسكندر البالستية، والتي تمنح موسكو القدرة على إسقاط آلاف الضحايا يوميًا".

في المقابل، استطاعت أوكرانيا شراء الأسلحة من الغرب، لكن صواريخ "جافلين" المضادة للدبابات يبلغ مداها حوالي 1.5 أميال (2.5 كيلومترات)، ولا يمكنها إلا تأخير التقدّم الآلي الروسي.

كما تمتلك كييف عددًا متواضعًا نسبيًا من الطائرات بدون طيار التركية "TB2" في الوقت الحالي (نصف دزينة أو اثنتي عشرة)، وهي صغيرة مقارنة بآلاف الدبابات الروسية، وهي جوهر أي قوّة برية.

وسيكون للهجوم العسكري تأثير على الرأي العام الدولي، ويكاد يكون من المؤكد وقوع خسائر مدنية بأعداد كبيرة، وهو ما يرقى إلى عملية لا تشبه أي عملية قام بها بوتين من قبل، بما في ذلك الحرب مع أوكرانيا عام 2014، عند إنكار المسؤولية عن العمل العسكري.

وفي الإطار، رأى الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، سمير بوري، الذي أمضى العام السابق مراقبًا للصراع في أوكرانيا، أنه "من الصعب تخيّل غزو كامل دون استخدام القوة الجوية".

السيطرة على كييف

ويتعيّن على روسيا أن تقرّر كيفية التعامل مع المدن الأوكرانية، لا سيما كييف، التي يبلغ عدد سكانها 3 ملايين نسمة، ومدينة خاركيف في الشمال الشرقي، ويقطنها حوالي 1.5 مليون نسمة.

وفي هذا الإطار، قال كاغان، مستشهدًا بتدخّل بوتين في سوريا: "حرب المدن صعبة، فهي تسبب أضرارًا مخيفة، وقد عانت روسيا من الأمر في حلب".

وتشير التكهّنات حول خطط روسيا التي تستند جزئيًا إلى التسريبات الظاهرة التي نُشرت في صحيفة "بيلد" الألمانية، إلى أن الكرملين سيُحاصر خاركيف وكييف، ويقطع الإمدادات، على أمل أن تستسلم المدينتان على طريقة العصور الوسطى. قد يكون هذا أقل عنفًا، ولكنه لا يزال يقوّض فكرة أن تعمل روسيا باعتبارها قوة موحدة.

وقال محللون غربيون إن تطويق كييف ليس بالأمر السهل، حيث تقع النقاط الرئيسية للمدينة، بما في ذلك القصر الرئاسي، إلى الغرب من نهر دنيبر الذي يسهل الدفاع عنه، وبالتالي سوف تسعى القوات الروسية، من دبابات ومدرّعات، إلى تطويق كييف من الغرب من خلال عبور مستنقعات بريبيات، التي تتجمّد في الشتاء. بينما لا تُعتبر منطقة تشيرنوبيل تعقيدًا كبيرًا لجيش حديث قادر على العمل في منطقة إشعاع.

استغلال بيلاروسيا

إن أبسط طريقة لعبور النهر هي عبر بيلاروسيا في الشمال. وسيتطلّب ذلك دعم مينسك، وهو أمر محتمل للغاية بالنظر إلى التقارب الأخير مع موسكو.

وسيكون البديل عن تطويق كييف من الغرب، هو القصف من أقصى الغرب في بيلاروسيا، مثل منطقة تدريب بارانوفيتشي. وقال كاغان إن الدلالة الرئيسة على استعداد روسيا للتحرك ستكون إذا "انتشرت القوات الروسية الآلية في بيلاروسيا".

حتى لو لم يغزو بوتين، فإن وجود حامية عسكرية روسية دائمة في بيلاروسيا سيكون لها مزايا للكرملين، باعتبارها تهديدًا محتملًا ليس فقط لأوكرانيا ولكن لدول البلطيق.

وقالت أوريسيا لوتسفيتش، الباحثة في معهد "تشاتام هاوس" لأبحاث السياسة الخارجية، إن ذلك "سيخلق قاعدة عسكرية كبيرة من شأنها أن تمنح روسيا هيمنة جوية على الجناح الشرقي لحلف الناتو".

البدائل العسكرية لبوتين

من جهته، توقّع الخبير العسكري الأوكراني تاراس كوزيو أن تلجأ روسيا إلى ثلاثة خيارات عسكرية متتالية عوضًا عن غزو شامل وسريع.

الخيار الأول: أن تدخّل القوات الروسية إقليم دونباس الذي يُسيطر عليه الانفصاليون، وضمّه إلى روسيا.

الخيار الثاني: أن تُوسّع روسيا نطاق الأراضي المحتلّة عبر السيطرة على ممرّ برّي داخل الأراضي الأوكرانية يربطها بشبه جزيرة القرم التي ضمّتها عام 2014، والاستيلاء على مدينة ماريوبول الساحلية في إقليم دونتسيك، والاستيلاء على مواقع صناعية رئيسية أخرى ومحاولة إضعاف الجيش الأوكراني.

وفي هذا الإطار، قال الباحث روب لي: "يمكنهم تدمير طائرات تي بي 2 التركية بدون طيار والمدفعية في دونباس" في حملة علنية محدودة تهدف إلى إضعاف أوكرانيا.

الخيار الثالث: "إحياء مشروع روسيا الجديدة لعام 2014" الذي يقوم على"عزل أوكرانيا عن البحر الأسود"، وهذا من شأنه أن يرقى إلى الاستيلاء على الجنوب الأوكراني، واحتلال ميناء أوديسا ومدينة دنيبرو الصناعية.

ومن المحتمل أن يتطلّب الاستيلاء على أوديسا، التي يبلغ عدد سكانها مليون نسمة، عملية جوية وبحرية دراماتيكية، باستخدام مظليين من شبه جزيرة القرم يليه هبوط مشاة البحرية على الشواطئ القريبة.

ومن بين هذه الخيارات، من شبه المؤكد أن ضمّ دونباس المحتلة سيكون خيارًا شائعًا في روسيا، ومع ذلك، سيكون ردًا محدودًا للغاية نظرًا إلى إصرار الكرملين على أن هدفه الرئيسي هو "عدم توسع الناتو، وعدم انضمام أوكرانيا وجورجيا ودول أخرى إلى الحلف "، مما يُثير مخاوف من احتمال شنّ حملة عسكرية.

المصادر:
ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close