الأربعاء 24 أبريل / أبريل 2024

الأوضاع تتدهور بسرعة في كازاخستان.. صراع جيوسياسي بين موسكو وواشنطن؟

الأوضاع تتدهور بسرعة في كازاخستان.. صراع جيوسياسي بين موسكو وواشنطن؟

Changed

هزّت المظاهرات في كازاخستان استقرار النظام الحاكم على مدى عقود، لكنّ يبدو أنها الآن تقع في قلب صراع جيو-سياسي بين الغرب وروسيا.

لليوم الخامس على التوالي، وعلى نحو بدا للكثيرين غير متوقّع، لم تهدأ الاحتجاجات في شوارع المدن الكازاخية، والتي بدأت بغضب عارم على ارتفاع أسعار المحروقات في البلاد، لكنّها انتهت برفع شعار "إسقاط النظام".

ووفقًا لمصادر المعارضة الكازاخية، قُتل عشرات المحتجين برصاص قوات الأمن.

وهزّت المظاهرات استقرار النظام الحاكم على مدى عقود، لكنّ يبدو أنها الآن تقع في قلب صراع جيو-سياسي بين الغرب وروسيا.

ولم تنتظر موسكو طويلًا للتدخّل عبر إرسال إمدادات عسكرية للمساعدة في إخماد الاحتجاجات بطلب من الرئيس الكازاخي. وعادت روسيا إلى البلاد التي رحلت عنها قبل أكثر من 30 عامًا.

وانفجر الغضب في كازاخستان ردًا على ارتفاع أسعار المحروقات، قبل أن تتوسّع دائرة المواجهات بسرعة في أكثر من اتجاه.

في ألماتي، كبرى مدن البلاد، بدت القوات الكازاخية عاجزة عن ردّ المحتجّين الذين قرّروا كسر كل الحواجز بما في ذلك حاجز الخوف، مردّدين شعارات "إسقاط النظام".

وتقول المعارضة إنّ هؤلاء الغاضبين هم من الكازاخيين الذين سئموا انسداد أفق التغيير. في المقابل، تقول السلطات الكازاخية إن هؤلاء مندسّون وإرهابيون يعبثون باستقرار البلاد.

رد مفاجىء من السلطات

وكما كانت الاحتجاجات مفاجئة، كان الردّ عليها مفاجئًا أيضًا، حيث أقال الرئيس الكازاخي قاسم جومارت توكاييف الحكومة، وأعلن حالة الطوارىء، كما نزع عن حاكم كازاخستان لثلاثين عامًا نور سلطان نزارباييف منصب رئيس مجلس أمن الجمهورية.

ويشي هذا القرار بأن لما يحدث في كازاخستان لحظة ميلاد بعيدة. يوم غادر السوفيات آخر جمهورياتهم، صار نزارباييف سلطان للبلاد يُحكم القبضة على كل شيء.

في كازاخستان، لم تضطرب سلطة النظام السياسي لسنوات، ولم تصطبغ شوارع المدن الكازاخية بألوان الثورات الملوّنة التي اجتاحت بلدان الجوار. لكن عام 2019، خرج الكازاخيون للمطالبة برحيل نور سلطان نزاباييف، الذي غادر بهدوء ليحلّ مكانه رئيس جديد لكن دون تغيير كبير.

وتقول المعارضة إن نزاباييف لا يزال يحكم من موقع آخر.

ما يحصل في كازاخستان الآن يتزامن مع استعداد الروس للحظة التي يشتبكون فيها مع الغرب على جبهة قريبة هي أوكرانيا. في هذه الجغرافيا تقع كازاخستان، بين الصين وروسيا. ومع روسيا تقتسم حدودًا شاسعة يُخشى أن تُصبح مداخل للخصوم.

والخصم هي واشنطن التي تربطها مع الكازاخيين علاقات أمنية ودبلوماسية جيدة. وأصبحت كازاخستان، بشوارعها الملتهبة، تهمة جديدة مشتركة بين الروس والأميركيين مرة أخرى.

"دوافع كثيرة وراء تفاقم التظاهرات"

وفي هذا الإطار، قالت نازغول كنجيتاي، الصحفية الكازاخية والباحثة في شؤون آسيا الوسطى، إنّ الأوضاع في كازاخستان تتدهور بسرعة.

وأوضحت كنجيتاي، في حديث إلى "العربي" من إسطنبول، أن كازاخستان لطالما اعتمدت على صادرات النفط، وعائداتها تشكّل معظم ميزانية البلاد. وبدأت ميزانية البلاد تتقلّص مع تقلّص هذه العائدات، وتدهورت قيمة عملة البلاد.

لكنّها أبدت خشيتها من تفاقم الأوضاع مع التظاهرات التي تتركّز في ألماتي، حيث أطلقت السلطات الرصاص الحي على المتظاهرين الذين سقط منهم عشرات القتلى.

واعتبرت أن الاتهامات بأن الحديث عن أجندة خارجية وراء التظاهرات يأتي في إطار حملات التضليل الروسية، مشيرة إلى أنّ التظاهرات السلمية تحوّلت إلى أعمال عنف بعدما أطلقت الشرطة النار على المتظاهرين.

ورأت أن الدوافع كثيرة وراء تفاقم التظاهرات منها الاستفزازات التي ارتكبتها السلطات من قمع، وقطع للإنترنت، لافتة إلى حالات انشقاق في صفوف الشرطة والالتحاق بالمتظاهرين.  

الحديقة الخلفية لروسيا

من جهته، قال اندريه انتيكوف، الباحث السياسي الروسي، إنّ التظاهرات جاءت بتنسيق خارجي مع أحد رجال الأعمال الكازاخيين الذي يعيش في لندن.

وأضاف انتيكوف، في حديث إلى "العربي" من موسكو، أن التظاهرات الحالية "لا علاقة لها" بالأوضاع المعيشية المتدهورة في البلاد، نظرًا للتحوّل السريع الذي شهدته التظاهرات من سلمية إلى أعمال عنف ضد الشرطة.

وأكد أن روسيا لا تدعم نظام شخص، بل تدعم السلطات الشرعية في البلاد، مضيفًا أن قوات حفظ السلام تُشارك أيضًا في هذا الدعم.

وشدّد على أن روسيا ليس لديها مشكلة مع التظاهرات السلمية، ولا يوجد أمام روسيا أي خيار آخر سوى التدخّل وحتى البقاء لمدة طويلة في البلاد، نظرًا لأن كازاخستان هي الحديقة الخلفية لها، والأمر مشابه لما يحصل في أوكرانيا.

وتحدّث انتيكوف عن معلومات غير مؤكدة عن اتفاق روسي-كازاخي حول بناء قاعدة عسكرية في مدينة بايكونور.

حالة انعدام مزمنة بالمساواة

بدوره، قال وليام لورانس، أستاذ العلوم السياسية الأميركي، إنّ هذه التظاهرات كانت متوقّعة لأن البلاد كانت تعاني لسنوات من حالة انعدام المساواة بين المواطنين.

وأضاف لورانس، في حديث إلى "العربي" من واشنطن، أن الولايات المتحدة تولي كازاخستان أهمية كبرى لغناها بالموارد، لكن من المنظور الأميركي المتعلّق بحقوق الإنسان، فإن نعت السلطات للمتظاهرين بأنهم "مندسيين وإرهابيين" أمر "غير منطقي".

وأكد أن الولايات المتحدة ليست المسبّب لهذه التظاهرات، إلا أنها ستُضيف كازاخستان إلى الدول التي تشكّل مبعث قلق لها، إضافة إلى أنها تعكس سوء تعامل روسيا مع الدول المجاورة لها.

وشدّد على أن التظاهرات في كازاخستان "سلمية"، وأن كازاخستان باتت أمام أجندة سياسية خاطئة من قبل النظام الكازاخي الحاكم وروسيا التي وقفت إلى جانب السلطات الكازاخية في قمع المتظاهرين.

واتهم النظام الروسي بأنه سيلقي باللائمة على الولايات المتحدة، بيما يدعم هو الأنظمة الفاسدة.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close