لم يبق كثير من الوقت لنفاد ما تبقّى من مخزون الطعام المتوفّر في قطاع غزة، وتعلن المجاعة رسميًّا بسبب الحصار الإسرائيلي الخانق.
وتحذّر حركة حماس من تداعيات الحصار المطبق الّذي تفرضه الحكومة الإسرائيليّة على غزة، وتؤكد أن القطاع دخل أولى مراحل المجاعة، وتتّهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته باستخدام سياسة التجويع سلاحًا للإبادة الجماعية بحق نحو مليوني إنسان.
وتنطلق تحذيرات حركة حماس من واقع مأساوي يثبت بالأرقام هول الوضع وفداحته، إذ يؤكّد برنامج الغذاء العالمي، أن أكثر من مئة ألف طنّ من المساعدات الغذائية مكدّسة قرب الممرات الإنسانية، في انتظار الدخول إلى غزة وتوزيعها على آلاف العائلات الجائعة، بينما تتوالى الاتهامات للاحتلال باستخدام التجويع سلاحًا وهو ما يعدُّ جريمة حرب.
ولم يجد الجانب الأميركي وخاصة الرئيس دونالد ترمب، الّذي داوم طوال الأشهر الماضية بحديثه عن مخطط تهجير سكان القطاع، بدًّا من مطالبة حليفه نتنياهو، بضرورة إدخال المساعدات والأدوية، في موقف قد ينتظر منه تفاعل من الجانب الإسرائيلي، بالنّظر إلى حديث وسائل إعلام إسرائيلية عن مناقشة الكابنيت الأمني والسياسي لآليات توزيع الجيش الإسرائيلي للمساعدات في غزة.
القطاع دخل "مرحلة متقدمة من المجاعة"
وفي هذا الإطار، يرى مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أمجد الشوا، أن قطاع غزة بات في "مرحلة متقدمة" من المجاعة بفعل إغلاق الاحتلال الإسرائيلي للمعابر منذ نحو شهرين.
ويشير في حديث إلى التلفزيون العربي، من مدينة غزة، إلى أن التدمير الممنهج للبنى التحتية الاقتصادية والاجتماعية جعل سكان قطاع غزة يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات الإنسانية التي تدخل عبر المعابر.
ويؤكد أن المخزونات الغذائية لدى برنامج الغذاء العالمي ووكالة تشغيل وغوث اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" والوكالات الفلسطينية قد نفد بالكامل جراء هذا الإغلاق الإسرائيلي.
ويوضح أن أمام التكيات الخيرية التي تقدم الغذاء إلى آلاف الفلسطينيين في القطاع أيام قليلة لإغلاقها بعد نفاد مخزون برنامج الأغذية العالمي.
ويؤكد الشوا أن قطاع غزة بات "في قلب الكارثة" حيث يشهد حالات من سوء التغذية لدى آلاف الأطفال وفقر الدم لدى النساء. كما تقترن المجاعة بالعطش والمرض.
ويرى أن الاحتلال الإسرائيلي يماطل في إعادة فتح المعابر وإدخال المساعدات إلى القطاع. ويقول: "نحن أمام جريمة مركبة من القتل والتجويع".
ويلفت الشوا إلى أن عددًا كبيرًا من النساء أصبحن أرامل في قطاع غزة، وبالتالي لا معيل لأسرهن، مشيرًا إلى أن المنظمات الأهلية الفلسطينية تعمل على توزيع المساعدات المتوفرة بشكل مباشر وفق الأولوية.
ضغوط أميركية محدودة
من جهتها، ترى كبيرة الباحثين في مجلس شيكاغو للشؤون العالمية سيسيل شي أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب "لا تهتم لأي بشر في أي مكان"، لكنها تشير إلى أن الإدارة الأميركية فرضت بعض الضغوطات إذ ينصب الكثير من الغضب على رئيس الوزراء الإسرائيلي من قبل الأميركيين، حسب قولها.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من مدينة شيكاغو، تقول شي إن الرئيس السابق جو بايدن مارس ضغوطًا على نتنياهو وإن إسرائيل تقوم بإيذاء نفسها لأنها تسمح للغزيين بالمعاناة.
وترى شي أن التاريخ سيحكم على ما حاولت الولايات المتحدة القيام به. وتعتقد أن ممارسة الدول العربية لضغوط قد تساعد في وقف نتنياهو عما يقوم به في قطاع غزة.
عيب يشوب القرارات الدولية
من جانبه، يرى أستاذ القانون الدولي الإنساني عبد المجيد مراري أن السياسة الإسرائيلية تُلحق ضررًا كبيرًا بسكان قطاع غزة يُصنَّف على أنه إبادة جماعية وفق القانون الدولي، مشيرًا إلى أن استعمال سلاح الجوع أشد فتكًا من القذائف، إذ يموت الغزيّ ببطء جوعًا وعطشًا.
ويشير إلى أن محكمة العدل الدولية أصدرت أربعة قرارات وقتية بحق إسرائيل، كما أن قرارًا صادرًا عن محكمة الجنايات الدولية اتهم نتنياهو بالتجويع إلى جانب جرائم أخرى.
ويوضح مراري أن قرارات القضاء الدولي تحتاج إلى آليات لتنفيذها، وهو ما يراه عيبًا في المؤسسات الدولية. كما لفت إلى أن محكمة الجنايات الدولية خضعت لامتحان تمثل في السفر الأخير لنتنياهو إلى دولة المجر، وهي عضو في المحكمة، موضحًا أن المحكمة أحالت ملف المجر إلى مجلس الأمن.
ويشير إلى أن زيارة نتنياهو المرتقبة إلى فرنسا قد تحمل وقعًا مختلفًا، نظرًا إلى أن القضاء الفرنسي ليس على تفاهم كامل مع السياسة الفرنسية.