الثلاثاء 26 مارس / مارس 2024

الاستشراق والاستغراب.. تحولات المفاهيم والتجارب

الاستشراق والاستغراب.. تحولات المفاهيم والتجارب

Changed

حلقة من برنامج "قراءة ثانية" تحاول الإجابة عن سؤال الاستشراق والاستغراب الذي فتح الباب أمام نقاشات وكتابات كثيرة عالجت الموضوع مع مرور 5 قرون على الاحتكاك الحضاري بين الشرق والغرب.
فتح سؤال الاستشراق والاستغراب الباب واسعًا أمام نقاشات وكتابات كثيرة عالجت الموضوع وماتزال تتفاعل معه، مع مرور 5 قرون على الاحتكاك الحضاري بين الشرق والغرب.

يشكل الاستشراق حركة علمية غربية تهدف إلى دراسة الشرق وتحديدًا لغاته وتاريخه وحضارته وأديانه وفلسفاته.

ويرى فريق من مؤرخي الأفكار أن الاهتمام الغربي بدراسة الشرق سبق ظهور الإسلام في إشارة إلى كتاب "الطواف حول البحر الإريثري" وهو لتاجر يوناني مجهول ويتناول أحوال التجارة والملاحة في المحيط الهندي خلال القرن الأول ميلادي.

في المقابل، يعتبر آخرون أن البداية كانت في قرار مجمع فيينا الكنسي عام 1312 من خلال تأسيس عدد من كراسي الأستاذية لدراسة السريانية والعربية واليونانية في جامعات باريس وأكسفورد وبولونيا وسلامنكا.

فيما يرى فريق ثالث أن بداية الانشغال الغربي في الشرق كانت عبر صدور أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة اللاتينية في إسبانيا في القرن الثاني عشر ميلادي، وهو القرن الذي شهد ظهور أول قاموس لاتيني عربي.

وإذا تجاوزنا الخلاف حول الإرهاصات الأولى إلى واقع حركة الاستشراق في العصر الحديث، نجد أنفسنا أمام حركة أكاديمية ظهرت في بريطانيا عام 1779 ثم في فرنسا عم 1799 واستفادت من الاحتلال الغربي لبلاد المشرق والنهب الاستعماري لثرواتها ومنها المخطوطات والكتب القديمة والتي انتقلت بدورها إلى أوروبا، حيث ساهمت في ازدهار حركة الاستشراق ما أنتج تيارين كبيرين في هذه الحركة، الأول علمي استهدف المعرفة بالأساس وأفاد الثقافتين الشرقية والغربية، وآخر استعماري تحولت معه المعرفة إلى مدفع ودبابة تهدف إلى استعمار العقل الشرقي وهزيمته فكريًا ونفسيًا.

وفي المقلب الآخر، أصدر المفكر المصري حسن حنفي عام 1991 كتابه "مقدمة في علم الاستغراب" وفيه تأسيس نظري لعلم جديد هو علم الاستغراب وظيفته دراسة الغرب ومعرفته ورده إلى حدوده الجغرافية والتاريخية والانفتاح عليه من موقع المعرفة النقدية وليس التبعية والتغريب.

فإذا كان الاستشراق هو رؤية الشرق فقط، فإن علم الاستغراب يهدف إلى فك العقدة التاريخية المزدوجة بين "الأنا" والآخر وتجاوز اعتبار الغرب النمط الأوحد لكل تقدم حضاري.

ماذا عن توقيت اختلال التوازن؟

وفي هذا الإطار، يشرح المؤرخ الفرنسي وأستاذ تاريخ العالم العربي المعاصر في "كوليج دو فرانس" هنري لورانس أن في خريطة العالم القديم كانت هناك أوروبا و5 إمبراطوريات قديمة تتمثل بالإمبراطورية العثمانية وإيران والهند تحت حكم المغول والصين واليابان.

ويوضح في حديث إلى "العربي" من الدوحة أن تلك الإمبراطوريات كانت من بين الأبرز في العالم في تلك الحقبة، مشيرًا إلى أن الجزء الأكبر من إنتاج العالم كان يُصنع في الهند والصين، موضحًا أن كل هذه الدول كانت تملك ذات الأسلحة من دون أي تفوق عسكري.

ويلفت إلى أن التفوق الأوروبي الوحيد كان في المجال البحري لأن السفن الأوروبية اجتازت المحيط الأطلسي إلى الولايات المتحدة وحتى أنها توجهت إلى الصين عبر رأس الرجاء الصالح، ما مكن الأوروبيين من شراء منتجات من الصين والهند كانت تتمتع بجودة تتفوق على مثيلاتها.

ظهور الاستشراق

وعن توقيت اختلال التوازن وغياب العلاقة الندية بين الشرق والغرب، يوضح لورانس أن هذا الأمر حصل في فترة قصير خلال منتصف القرن الثامن عشر عام 1750 حين انطلق البريطانيون لاجتياح المنطقة البنغالية، ومن ثم بدأوا يسيطرون على كل الهند التي كانت متقدمة في تلك الحقبة.

وحول ظهور الاستشراق كتخصص لدراسة الشرق، يقول لورانس إن هذا الأمر تم في القرن السابع عشر مع ظهور مركزين يتمثل أولهما بالاستشراق الكاثوليكي من خلال الأتراك والفرس مع وصول مسيحيي الشرق ولاسيما المارونيين منهم إلى أوروبا، حيث كان هناك 3 أساتذة من لبنان يدرسون العربية.

وأوضح أيضًا أن الآباء اليسوعيين في اليابان الذين علموا اللغات في الشرق الأقصى حاولوا أن يفهوا هذا المجتمع الجديد الذي كان غريبًا بالنسبة للأوروبيين.

ويرى أن الاستشراق الأوروبي كان مكتوبًا مع نشر الكثير من الدراسات والترجمات والقصص والروايات عن السفر.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close