أفادت السلطات البلدية في مدينة غزة، بأن مئات الآلاف من سكان المدينة خسروا مصدرهم الوحيد للمياه النظيفة قبل أيام، إثر قطع الإمدادات من شركة المياه في إسرائيل بسبب استئناف الحرب على قطاع غزة.
ومنذ مارس/ آذار الماضي، كثفت إسرائيل جرائم الإبادة بغزة عبر شنّ غارات عنيفة على نطاق واسع تستهدف منازل وخيامًا تؤوي نازحين.
وترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، إبادة جماعية بغزة أسفرت عن أكثر من 166 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
معاناة سكان غزة للحصول على المياه
ويضطر كثيرون الآن للمشي لأميال في بعض الأحيان للحصول على قدر ضئيل من المياه، بعد أن تسبب القصف الإسرائيلي والعمليات البرية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة في إلحاق أضرار بخط لنقل المياه تشغله شركة "ميكوروت" المملوكة لإسرائيل.
ومن أمام محطة لتحلية المياه في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، أشار مراسل التلفزيون العربي عبد الله مقداد إلى أن قوات الاحتلال قطعت التيار الكهربائي عن المحطة قبل عدة أسابيع، مما أثر في عملية إمداد الفلسطينيين بالمياه الصالحة للشرب.
وفي حديث للتلفزيون العربي، تحدث مواطن فلسطيني يدعى أبو أسامة عن المعاناة في الحصول على المياه بعد تضرر شبكات المياه والبنية التحتية.
وأضاف أن عدم وجود السولار وارتفاع أسعاره بشكل جنوني بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي، أثر في عملية ضخ المياه وتوصيلها للناس.
وأشار إلى أن تكلفة الحصول على المياه مرتفعة جدًا، لأن سعر لتر السولار بات عشرة أضعاف، موضحًا أن ما يفاقم الأوضاع هو انقطاع الكهرباء وتضرر المولدات والسيارات وعدم وجود قطع غيار لها.
وكانت إسرائيل قد أصدرت أمرًا لسكان حي الشجاعية بإخلاء منازلهم قبل أيام، في إطار حملتها التي شهدت قصف عدة أحياء.
وتقول السلطات البلدية: إن "خط ميكوروت كان يمد مدينة غزة بنحو 70% من احتياجاتها من المياه، بعد تدمير أغلب الآبار خلال الحرب".
بدوره، قال حسني مهنا المتحدث باسم بلدية غزة: "الوضع صعب جدًا، والأمور تزداد تعقيدًا، لا سيما فيما يتعلق بحياة السكان اليومية".
وأضاف: "نعيش أزمة عطش حقيقية في مدينة غزة، وقد نكون أمام واقع صعب خلال الأيام القادمة في حال استمر الوضع على ما هو عليه".
أزمة مياه متفاقمة
وتحوّل معظم سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى نازحين داخليًا بسبب الحرب، وصار كثيرون يضطرون إلى قطع مسافات يوميًا سيرًا على الأقدام من أجل ملء أوعية بلاستيكية بالمياه من الآبار القليلة التي لا تزال تعمل في المناطق الأبعد رغم أن هذه الآبار لا تضمن توفير إمدادات نظيفة.
وأصبحت إمدادات المياه اللازمة للشرب والطهي والغسيل بشكل متزايد بمثابة رفاهية لسكان غزة منذ بدء الحرب على القطاع.
ويصطف كثير من سكان القطاع لساعات في طوابير طويلة للحصول على عبوة مياه واحدة، وهي كمية لا تكفي في العادة احتياجاتهم اليومية.

والمصدر الطبيعي الوحيد للمياه في قطاع غزة هو حوض المياه الجوفية الساحلي، الذي يمتد على طول الساحل الشرقي للبحر المتوسط.
لكن مياه الصنبور العسرة فيه تشهد استنزافًا شديدًا، ويُعتبر ما يصل إلى 97% منها غير صالحة للاستهلاك البشري بسبب الملوحة والاستخراج الزائد والتلوث.
وتقول سلطة المياه الفلسطينية إن معظم الآبار أصبحت غير صالحة للتشغيل خلال الحرب.
وفي 22 مارس/ آذار الماضي، أفاد بيان مشترك صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وسلطة المياه بأن أكثر من 85% من مرافق وأصول المياه والصرف الصحي في غزة أصبحت خارج الخدمة بشكل كلي أو جزئي.
وقال مسؤولون فلسطينيون ومن الأمم المتحدة إن معظم محطات تحلية المياه في غزة إما تضررت أو توقفت عن العمل، بسبب قطع إسرائيل لإمدادات الكهرباء والوقود.
وذكروا في بيان، أنه نتيجة للأضرار الجسيمة التي لحقت بقطاع المياه والصرف الصحي، انخفضت معدلات إمدادات المياه إلى ما بين ثلاثة وخمسة لترات للفرد يوميًا.
ووفقًا لمؤشرات منظمة الصحة العالمية، فإن هذا يقل بكثير عن الحد الأدنى المطلوب للبقاء على قيد الحياة في حالات الطوارئ.