الخميس 25 أبريل / أبريل 2024

الثورة السودانية بعد إسقاط البشير.. مسار "متعثر" وأخطاء "إستراتيجية"

الثورة السودانية بعد إسقاط البشير.. مسار "متعثر" وأخطاء "إستراتيجية"

Changed

الجزء الثاني من شهادة خالد عمر يوسف ضمن "وفي رواية أخرى" يتناول محطات المسار الانتقالي في السودان وأبرز العقبات التي واجهته (الصورة: غيتي)
في الحلقة الثانية من إطلالته ضمن برنامج "وفي رواية أخرى"، يتوقف خالد عمر يوسف عند مرحلة ما بعد سقوط البشير، من مجزرة فض الاعتصام إلى الوثيقة الدستورية.

يواصل خالد عمر يوسف، وزير شؤون مجلس الوزراء السابق في السودان عقب الثورة، سرد أبرز المحطات التي مر بها المسار الانتقالي في السودان، والعقبات التي حالت دون تحقيق آمال وتطلعات السودانيين.

وفي الحلقة الثانية من إطلالته ضمن برنامج "وفي رواية أخرى" الذي يقدّمه بدر الدين الصائغ عبر شاشة "العربي أخبار"،  يتوقّف القيادي في "حزب المؤتمر السوداني" مطولًا عند ما يسمّيه "تصوّر قوى الحرية والتغيير لما بعد إسقاط النظام".

يكشف يوسف في هذا السياق أنّ قيادة الثورة ممثلة في "قوى الحرية والتغيير" ، عكفت، من خلال ورشات عمل سرية، على رسم السياسات التي ستعقب الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير، معتبرًا أن خارطة الطريق هذه اصطدمت في نهاية المطاف، بمحاولة المكون العسكري الالتفاف على مطالب المدنيين.

ويعتبر أن أكبر رهان عقدته "قوى الحرية والتغيير" عقب إسقاط نظام البشير، هو إنهاء عهد الحزب الواحد الشمولي، وتطهير البلاد من أذرعه السياسية والإعلامية والمالية المتغلغلة في مختلف مفاصل الدولة، بما ساهم في انتشار الفساد بأنواعه طيلة فترة حكم البشير التي ناهزت 30 عامًا أي منذ انقلاب 1989.

ويشير إلى أن المجلس العسكري الأول عقب إسقاط البشير، كان عبارة عن امتداد للنظام السابق، ويدار على طريقة اللجنة الأمنية، التي كانت تضم كل الوجوه المحسوبة على البشير، سواء في الجيش أو المخابرات.

ويلفت وزير شؤون مجلس الوزراء السابق إلى أن جوهر عصب منظومة الحكم في نظام البشير، كان تنظيم "الإخوان المسلمين".

وعن الانشقاق الذي أصاب "قوى الحرية والتغيير" في أعقاب البيان المثير للجدل الذي حمل توقيع الحزب الشيوعي آنذاك، يعتبر المتحدث أن هذه التشكيلة السياسية "كسرت بمواقفها المتسرعة وغير المدروسة" الإجماع الحاصل في "قوى الحرية والتغيير"، عشية بدء مسار "التفاوض الملغوم" مع العسكر، وهو ما "خيب آمال الشعب السوداني".

حالت عقبات عدّة دون تحقيق آمال وتطلعات السودانيين بعد إسقاط نظام عمر البشير - غيتي
حالت عقبات عدّة دون تحقيق آمال وتطلعات السودانيين بعد إسقاط نظام عمر البشير - غيتي

مجزرة فضّ الاعتصام 

وبالعودة إلى ما حدث صبيحة  الثالث من يونيو/ حزيران 2019، يجزم يوسف أن "المجلس العسكري هو من نفذ وخطط لمجزرة فض الاعتصام أمام مقر القيادة العامة"، مضيفًا أن العسكر "يتحملون  المسؤولية كاملة في سقوط عشرات الشهداء في مجزرة فض الاعتصام". 

وفيما يتعلّق بموقف "قوى الحرية والتغيير" الذي يوصف من قبل بعض الأوساط السودانية بـ"المتخاذل تجاه مبدأ المحاسبة"، ينفي يوسف "التفريط" في تضحيات الشهداء أو مطالب عائلاتهم في تحقيق العدالة لأبنائهم.

ويذكّر بأنّ "قوى الحرية والتغيير" طالبت بلجنة تحقيق دولية في المجزرة، مشيرًا في الوقت نفسه، إلى متغيرات عدة وعوامل متداخلة ساهمت في "تعثر" عملية التحقيق، ومحاسبة المتورطين من قيادة المؤسسة العسكرية.

وعن مسلسل المناكفات السياسية التي أعقبت الاتفاق السياسي، يقول يوسف إن المكون العسكري "ناور للتنصل من التزاماته أكثر من مرة بخصوص تشكيل مجلس السيادة وصلاحياته، كما رفض التنازل نهائيًا عن رئاسة المجلس العسكري، ووافق على منح المدنيين عدد أعضاء أكبر بعد وساطات دولية وتلويح قوى الحرية والتغيير بالتصعيد". 

وجدد التأكيد على أن "قوى الحرية والتغيير لم تفاوض المكون العسكري على حساب ضحايا الثورة السودانية".

انتشار أمني كثيف في السودان تزامنًا مع ما اصطلح على تسميتها بـ"مجزرة فض الاعتصام" - غيتي
انتشار أمني كثيف في السودان تزامنًا مع ما اصطلح على تسميتها بـ"مجزرة فض الاعتصام" - غيتي

الوثيقة الدستورية 

وحول الجدل الذي أثير بشأن الصلاحيات التي منحت للعسكر عقب توقيع الوثيقة الدستورية التي جاءت عقب وساطة أفريقية إثيوبية، يلاحظ يوسف أن الوثيقة الدستورية "لم تمنح مجلس السيادة أي سلطات تنفيذية، وهو ما أسقط حسابات القيادات العسكرية".

وفي السياق نفسه، يشير إلى أن المكون العسكري اضطر  في الرابع من أغسطس/ آب 2019 للتوقيع على الوثيقة الدستورية بعد الاتفاق الاول الذي تم التوصل إليه في الخامس من يوليو/تموز 2019، بعد وساطة إفريقية إثيوبية، وتحت ضغط الحركة الجماهيرية في الشارع.

وعن التقارير التي أشارت إلى أن الانقلاب في السودان "مسألة وقت"، وأن "قوى الحرية والتغيير" هي من منحت العسكر هامش مناورة من خلال التفاوض وربح الوقت وحتى النيران الصديقة بين مكوناته، يؤكد يوسف أن "قوى الحرية والتغيير" كانت تتوقع حدوث انقلاب عسكري ينسف كل خطوات تقاسم السلطة عقب توقيع الوثيقة الدستورية.

تراجع شعبية "قوى الحرية والتغيير"

وعن موقف تشكيلته السياسية الذي وُصف بـ"المتذبذب" بين المقاطعة والمشاركة في الحكومات التي أعقبت الإطاحة بنظام عمر البشير، يوضح أن "حزب المؤتمر السوداني" ظل ملتزمًا بدعم حكومة عبد الله حمدوك رغم عدم مشاركته في مراكز صناعة القرار. 

كما ينفي ما تردد في بعض الأوساط السياسية والإعلامية بأن الحزب باع القضية، وتنصل من مبادئه من أجل المشاركة في اقتسام كعكة السلطة. 

ويعترف بأن "قوى الحرية والتغيير تراجعت شعبيتها في الشارع السوداني نتيجة سقطات الحكومة من جهة، وصراعاتها الداخلية التي أسهمت في عدم الاستجابة لتطلعات السودانيين في حياة أفضل".

أكثر من ذلك، يرى يوسف أن "قوى الحرية والتغيير  ارتكبت جملة من الأخطاء السياسية الإستراتيجية في إدارة المشهد السوداني عقب تشكيل الحكومة، رغم أنها قررت الانخراط في الحكومة من باب تحمل المسؤولية وتنفيذ الالتزامات المرفوعة أمام الشعب".

المزيد عن طبيعة هذه الأخطاء، والعقبات التي اصطدم بها المسار الانتقالي في السودان، في الجزء الثاني من شهادة  خالد عمر يوسف في الحلقة المرفقة من برنامج "وفي رواية أخرى".


المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close