الأربعاء 17 أبريل / أبريل 2024

الحبس الاحتياطي في مصر.. عقوبة مطولة في قضايا يعاد تدويرها

الحبس الاحتياطي في مصر.. عقوبة مطولة في قضايا يعاد تدويرها

Changed

يُحبس المعارضون السياسيون في مصر احتياطيًا لمدد تتجاوز تلك التي نص عليها الدستور، ما دفع المنظمة العربية لحقوق الإنسان لوصفهم بأنهم رهائن لدى السلطة.

طبقًا للتعديل المؤقت الذي وضعه الرئيس الأسبق عدلي منصور على قانون الحبس الاحتياطي في مصر، لا يجب أن يزيد حبس المتهمين احتياطيًا لفترة تزيد عن 24 شهرًا.

وقد استفاد من هذا القرار نجلا الرئيس الأسبق حسني مبارك علاء وجمال، في عهد رئيس الوزراء أحمد نظيف.

لكن على النقيض، فالمعارضون السياسيون في مصر يحبسون لمدد تتجاوز تلك التي نص عليها الدستور، ما دفع المنظمة العربية لحقوق الإنسان لوصفهم بأنهم رهائن لدى السلطة. 

كأنه عقوبة

ويشير مدير مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان، محمود جابر، إلى وجود مسجونين احتياطيًا على ذمة قضايا لم تُحل إلى القضاء منذ أكثر من ثلاث سنوات.

ويقول في حديث إلى "العربي": "لا يوجد في القانون المصري أي تعويض عن هذه العقوبة لهؤلاء المسجونين".

ويعتبر القاضي السابق، المستشار محمد عبد الحميد، أن التوسع في الحبس الاحتياطي لا يحدث أبدًا إلّا بغطاء التدرج الموجود في النيابة العامة.

ويؤكد الباحث والناشط الحقوقي شريف الهلالي أن الحبس الاحتياطي هو إجراء استثنائي لا يتم اللجوء إليه سوى بشكل محدود جدًا وفقًا للقانون، باعتباره إجراء يمس بالحق في الحرية، لكن المنظومة القانونية في مصر تحتاج إلى تعديل.  

تدوير القضايا

ويرافق الحبس الاحتياطي المطول للمعارضين السياسيين إعادة اتهامهم بعد انتهاء مدد حبسهم الاحتياطي في قضايا أخرى وبنفس الاتهامات تقريبًا، رغم أنهم كانوا مودعين في السجون في التاريخ الذي وُجهت فيه الاتهامات الجديدة، وهو ما يُعتبر نوعًا من الاحتجاز التعسفي أطلق عليه الحقوقيون مصطلح "إعادة التدوير".

وفي بعض الأحيان يتم إخفاء المسجون بعد انتهاء مدة الحبس الاحتياطي لشهور أو لسنوات، ويفاجأ الرأي العام بعد ذلك بظهور المسجون في النيابة يحاكم بقضية أخرى، بحسب عبد الحميد. وفي بعض الحالات يتم الإفراج عن المسجون ويذهب إلى مكان إقامته، لكنه يحتجز مرة جديدة في قضية أخرى. 

أمثلة من الواقع

في 25 يونيو/ حزيران 2019، ألقت الشرطة المصرية القبض على عدد من الشخصيات المصرية البارزة منهم زياد العليمي وهشام فؤاد وحسام مؤنس، المتهمين على ذمة القضية المعروفة إعلاميًا بتحالف الأمل وتحمل رقم 930 لسنة 2019.

وفوجئ معتقلو الأمل في 14 يوليو/ تموز 2021 بتحويلهم للمحاكمة أمام محكمة جنح أمن الدولة طوارئ، على ذمة قضية أخرى تحمل رقم 957 لسنة 2021، والتي رفضت المحكمة إطلاع المتهمين أو محاميهم على نسخ من أوراقها.

عن هذا الموضوع يقول محامي المتهمين، خالد علي: "إنها منسوخة من القضية الأولى، لنصبح أمام قضيتين، قضية الأمل وقد تم حبس المتهمين فيها احتياطيًا منذ أكثر من عامين بالمخالفة لقانون الإجراءات الجنائية الذي وضع حدًا للحبس الاحتياطي يصل في أقصاه لأربعة وعشرين شهرًا. والثانية هي الجنحة الجديدة التي صدرت فيها أحكام بالسجن ضد العليمي لمدة خمس سنوات وفؤاد ومؤنس لمدة أربع سنوات، رغم حبسهم احتياطيًا على ذمة القضية الأولى".

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2014، اعتقل الناشط المصري علاء عبد الفتاح للمرة الرابعة عقب ثورة يناير، ليمكث في السجن خمس سنوات على ذمة القضية المعروفة إعلاميًا باسم بقضية "مجلس الشورى".

ثم أخلي سبيله في مارس/ آذار 2019 وتم وضعه تحت المراقبة الشرطية. وعقب مرور ستة أشهر، اعتقل علاء مجددًا على ذمة قضية جديدة عام 2019 بتهمة نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية أسست على خلاف القانون. وبعد أيام من اعتقاله اعتقل محاميه محمد الباقر.

وفي صورة أخرى من صور التدوير، تقوم النيابة بوضع متهمين بعد شهور من استمرار حبسهم على ذمة قضايا أخرى بناء على محاضر اتهام تتشابه مع القضية القديمة، وهو ما يجعل المتهم في حال إخلاء سبيله ينتقل تلقائيًا إلى ذمة قضية جديدة، وهو النمط الذي واجهه المحامي والحقوقي عزت غنيم المحبوس احتياطيًا منذ عام 2018.

التنكيل بالحقوقيين 

ويشير المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد، إلى أن المستهدف من تجاوز المهل القانونية في الحبس الاحتياطي والإخفاء القصري هم المحبوسون لأسباب سياسية، "فالهدف هو التنكيل بالمسجون السياسي والانتقام منه".

ويتربص النظام المصري بالحقوقيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، لقيامهم بتوثيق الحالات والحوادث في مصر ما يزعج النظام منهم، بحسب مدير مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان محمود جابر.  

ويتعرض المعتقلون السياسيون في مصر إلى حبس احتياطي مطول ويواجهون الإخفاء القسري قبل عرضهم على المحاكم المختصة لتدوير قضايا جديدة. كما يتعرض البعض للحبس الإفرادي والتعذيب ويمنع عنهم الزيارة أو الحصول على الدواء، بحسب جابر.

واعتبر جابر أن دخول شرطة أمن الدولة إلى النيابة العامة وتبوؤ مناصب قضائية يجعل منها مؤسسة لا تمثل العدالة. 

إستراتيجية حقوق الإنسان

وأطلق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 11 سبتمبر/ أيلول 2021 الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بعد أكثر من 7 سنوات توجه فيها المنظمات الحقوقية الدولية انتقادات لاذعة للنظام، بسبب ما يواجهه المعارضون المصريون من انتهاكات تصل إلى القتل خارج القانون.

وأكّد الهلالي أن هذه الإستراتيجية تتطلب الكثير من التعديل في التشريعات، وتحدثت الإستراتيجية عن الحبس الاحتياطي بشكل غير صريح. واعتبر عيد أن الإستراتيجية "حبر على ورق" لأن علاج المشكلة يستوجب الاعتراف بها أولًا، وهو ما لم يرد في الإستراتيجية. 

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close