بمجرد أن فُتح باب الطائرة العسكرية التي كانت تقل نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس إلى غرينلاند، لفَحَت وجهه الريح القطبية القارسة، فتوترت بنيته، قبل أن تنفرج عن ابتسامة، وهو ينزل سلم الطائرة ويده ممدودة لمصافحة القادة العسكريين الذين كانوا بانتظاره في قاعدة بيتوفيك الفضائية.
الريح التي فاجأت فانس ببرودتها، لم تمرّ من دون تعليق من الصحافة التي تابعت تفاصيل الزيارة، فرصدت كل ما يصدر عن فانس، لتضع كل تصرفاته وكلامه موضع تحليل وتقييم. فالرجل يمثل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يعلن على الملأ عن خططه للاستيلاء على غرينلاند، راغبًا في توسيع حدود الولايات المتحدة الأميركية (9,867,000 كم مربع) من دون تحفظ، شمالًا بضمّ (كندا) وجنوبًا بضم (المكسيك) وبعيدًا باتجاه القطب الشمالي أيضًا، وذلك بعد حوالي مئتي عام تقريبًا من استقرار هذه الحدود بتوقيع معاهدة أوريغون عام 1848.
لذا في رصدها لزيارة فانس لم تستطِع صحيفة "الميرور[1]" البريطانية إخفاء سخريتها من التصريح الأول لفانس بعدما وطأت قدماه أرض الجزيرة، حين توجّه بحديثه إلى مرافقيه بأنه "كان يجب أن تخبروني كم أنّ الجو بارد هنا"، وذلك في تعقيبٍ على جهل الرجل بمناخ الجزيرة القطبية التي يطمع رئيسه بضمها بطريقة أو أخرى. رغم هذا النزق، فإن الرجل كرر كلام الرئيس بمدى أهمية غرينلاند للأمن القومي الأميركي، وضرورة الاستحواذ عليها بغض النظر عما يصرخ به الأوروبيون في وجهنا"، وفق حديثه مع ماريا بارتيرومو لبرنامج "صنداي مورنينج فيوتشرز" في الثاني من فبراير.[2]

كلامٌ يرنّ في الآذان، بالطبع، فالمتحدث هنا هو ثاني أعلى مسؤول في أقوى وأغنى دولة في العالم. وما يجعل هذا الطموح أكثر صلابة، هو أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستطيع تنفيذه، من دون اكتراث بأية معايير دولية أو محلية.
الحدود "المتموجة" حول العالم
مجدّدًا إذًا، تعلو مطامع الدول العظمى للتوسع، رغم ما بدا من علامات أفول لهذا الدافع بعد الحرب العالمية الثانية ونشوء الأمم المتحدة (1945)، ليتبيّن لاحقًا أنّ أيّ نظام دولي لم ينجح في تثبيت استقرار الدول، على امتداد القارات الخمس. فشهية الإنسان لأخذ ما لدى غيره لا تحدها شرعية ولا قانون.
وعلى مدى الـ120 عامًا الماضية (1904-2024)، خضعت الحدود بين الدول والأمم الوطنية لتغيرات كبيرة نتيجة الحروب، والمعاهدات، وإنهاء الاستعمار، والتحولات الجيوسياسية.
ويمكن البدء بالحديث عن رياح التغيير التي فرضها مخاض الحرب العالمية الأولى (1904-1945)، والتي انتهت إلى زلزال سياسي، تمثل بانهيار الإمبراطورية النمساوية المجرية (1867-1919)، وانحسار الدولة العثمانية (1299-1920)، عن العالم العربي ووسط أوروبا بشكل أساسي مما بعث الحياة في دول عديدة في أنحاء القارتين الآسيوية والأوروبية.
ويعتبر باحثون غربيون بشكل أساسي أن أربعة عوامل[3] مختزلة بتسمية "MAIN" هي العوامل الرئيسية لنشوب تلك الحرب المدمرة، تمثلت بعدوى التسلح العسكري، نشوء تحالفات جديدة، الطموحات الإمبريالية والنزعات القومية، وهي عوامل تلقي بظلالها المتفرقة على اضطرابات اليوم أيضًا.
أوروبا مهد الحربين العالميتين
مرت التحولات الجذرية في خرائط أوروبا السياسية عبر ثلاث مراحل رئيسية ارتبطت بتسويات الحروب الكبرى. وبدأت الموجة الأولى بعد الحرب العالمية الأولى مع تفكك الإمبراطوريات وظهور دول قومية جديدة، حيث أعاد مؤتمر فرساي (1919) رسم الحدود مع ما صاحبه من تحديات تتعلق بالأقليات والمناطق المختلطة عرقيًا.
ويكتب جوزيبي موتا في بحثه" أقليات أوروبا الوسطى والشرقية بعد الحرب العالمية الأولى" أنه "..بالنسبة للشعوب التي شعرت لفترة طويلة بالاختناق تحت حكم القوى البعيدة، قدم مؤتمر السلام عام 1919 في فرساي فرصة "لتقرير المصير الوطني" الذي من شأنه أن يجمع الناس المتشابهين معًا داخل دول مستقلة. أما بالنسبة للآخرين - وخاصة الأقليات وسكان المناطق المختلطة (..) فقد تعني الحدود الجديدة فقدان الحقوق أو الطرد أو الهجرة القسرية".[4]
وإثر ذلك، "عادت بولندا، التي قُسِّمت واختفت من الوجود في القرن الثامن عشر، إلى خريطة أوروبا كدولة متعددة الأعراق تضم الليتوانيين والبيلاروسيين والأوكرانيين والألمان؛ وفقدت الإمبراطورية الألمانية الألزاس واللورين في الغرب وأجزاء من بروسيا في الشرق؛ وكانت العديد من الدول الجديدة متعددة الجنسيات بوعي، بما في ذلك "مملكة الصرب والكروات والسلوفينيين" (يوغوسلافيا لاحقًا) وتشيكوسلوفاكيا. للأفضل أو للأسوأ، أعادت الحرب العالمية الثانية رسم خريطة أوروبا بشكل جذري".[5]
وجاءت المرحلة الثانية بعد الحرب العالمية الثانية حيث شهدت القارة عمليات تهجير قسري واسعة النطاق وإعادة رسم جذرية للحدود في مؤتمر بوتسدام (1945)، كما أدت الحرب الباردة إلى تقسيم ألمانيا وترسيخ الحدود بين الشرق والغرب.
أما الموجة الثالثة فكانت مع انهيار الشيوعية عام 1989، وفقًا لكتاب "الحدود في التاريخ المعاصر" وهو لمجموعة من المؤلفين حيث يسرد أنه "لم تشهد الحدود الأوروبية تغييراتٍ جوهريةً تُذكر خلال حقبة الحرب الباردة، ولكن في عام 1989، أثار الانهيار المفاجئ للشيوعية على النمط السوفييتي تساؤلاتٍ حول موضع الحدود ومعناها في جميع أنحاء أوروبا".
ويتابع: "بينما ظلّ جزءٌ كبيرٌ من نظام ما بعد الحرب على حاله بعد عام 1990، حدثت عدة تغييراتٍ جوهرية: توحّدت ألمانيا الشرقية والغربية، وانفصلت جمهورية التشيك وسلوفاكيا، وانحل الاتحاد السوفييتي، وتفككت يوغوسلافيا. بعد ذلك، أصبحت أجزاءٌ كبيرةٌ من أوروبا أكثر تكاملًا ضمن هياكل الاتحاد الأوروبي واتفاقية شنغن"[6]، مضيفًا أنه "لم تغير هذه التبدلات موقع الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي إلى الشمال والجنوب والشرق فحسب، بل أثرت أيضًا على كيفية عمل حدوده الداخلية".

الشرق.. نهاية إمبراطورية وولادة أزمات جديدة
أما على صعيد الشرق فقد تمثل الزلزال السياسي والديمغرافي بتفكك الدولة العثمانية وما تركه من أثر على مستقبل المنطقة بانعكاسات لم تتوقف حتى هذه الأيام، فمع وضوح اتجاهات الحرب، وثبات التحالفات قامت الدول الغربية بوضع صيغ مقترحات لتقسيم الأراضي العثمانية. و"بموجب اتفاقيات إسطنبول (مارس/ آذار-أبريل/ نيسان 1915)، وُعدت روسيا بإسطنبول والمضائق؛ وكان من المقرر أن تحصل فرنسا على منطقة نفوذ في سوريا وكيليكيا. وكانت بريطانيا قد ضمت بالفعل قبرص وأعلنت حمايتها على مصر.
وبموجب اتفاقية سايكس بيكو الأنجلو-فرنسية (3 يناير/ كانون الثاني 1916)، تم تأكيد المنطقة الفرنسية وتوسيعها شرقًا إلى الموصل في العراق. وامتدت منطقة النفوذ البريطانية في بلاد الرافدين إلى أقصى الشمال حتى بغداد، ومُنحت بريطانيا السيطرة على حيفا وعكا والأراضي التي تربط بين منطقتي بلاد الرافدين وحيفا-عكا"[7]، وحينها تم وضع فلسطين تحت نظام دولي، تمخض عن وعد بلفور الشهير (2 نوفمبر/ تشرين الثاني 1917) الذي تكفلت فيه الدول العظمى بدعم "إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين"، والذي قاد في النهاية لتأسيس إسرائيل، وتحول فلسطين لجذر متناثرة مجهولة المصير.
ولكن بالعودة إلى بدايات القرن مجدّدًا، فإن المصدر السابق يشير إلى أنه "تم توسيع المكاسب الروسية (أبريل/ نيسان-مايو/ أيار 1916) لتشمل الولايات العثمانية طرابزون وأرضروم ووان وبتليس في شرق آسيا الصغرى. بموجب اتفاقية لندن (26 أبريل/ نيسان 1915)، وُعِدت إيطاليا بجزر دوديكانيسيا وحصة محتملة من آسيا الصغرى. وبموجب اتفاقية سان جان دي موريان (أبريل 1917)، وُعِدت إيطاليا بمساحة واسعة من جنوب غرب الأناضول، بما في ذلك إزمير، ومساحة إضافية شمالها. قدمت بريطانيا وعودًا عديدة بالاستقلال للقادة العرب، أبرزها في مراسلات حسين مكماهون(1915-1916)"[8].
ولكن في النهاية مع استقرار الحرب والانسحاب الروسي منها في 1917 بسبب الثورة البلشفية (والتي قادت بدورها لتغييرات كبيرة في الحدود في أوروبا الشرقية)، ومع صمت المدافع وتوقف صرير المنجزرات سمحت مفاوضات ما بعد الحرب ببعض التعديلات على تلك الاتفاقيات السابقة، ولم تُعرض شروط الحلفاء نهائيًا إلا عام 1920. وبموجب معاهدة سيفر (10 أغسطس/ آب 1920)، احتفظ العثمانيون بإسطنبول، لكنهم خسروا الولايات العربية (فنشأت بعدها دول مقسمة وفقا لمصالح الحلفاء، وبعضها تمكن من التوحد في بنية جغرافية واحدة كسوريا بعد أن كان تقسيمها قد تم لدويلات طائفية، ولكن من دون الحفاظ على مساحتها الطبيعية الأصلية مما سمح بظهور لبنان والأردن، وتفكك فلسطين)، كما تنازل العثمانيون "عن مساحة كبيرة من آسيا الصغرى لدولة أرمينية حديثة النشأة ذات منفذ بحري، وسلموا غوكشيدا وبوزكادا لليونان، وقبلوا ترتيباتٍ تضمنت خسارة إزمير في نهاية المطاف لليونان.
وتم تدويل المضائق، وفرضت رقابة أوروبية صارمة على المالية العثمانية. وحددت اتفاقية ثلاثية مصاحبة بين بريطانيا وفرنسا وإيطاليا مناطق نفوذ واسعة للقوتين الأخيرتين. تم التصديق على المعاهدة من قبل اليونان فقط، وتم إلغاؤها بموجب معاهدة لوزان (24 يوليو/ تموز 1923) مما سمح لتركيا باستعادة بعض الأراضي، والتخلي عن جزر بالمقابل مع الاتفاق على جوانب مختلفة مع الجهة المنتصرة وهي أوروبا في هذه الحالة، وهو ما أسفر أيضا عن عملية تبادل سكاني تاريخية بين اليونان وتركيا حين انتقل "1,221,489 يونانيًا أرثوذكسيًا من آسيا الصغرى، وتراقيا الشرقية، وجبال الألب البونتيكية، والقوقاز (إلى اليونان)، مقابل 355,000-400,000 مسلم من اليونان" كان عليهم القبول بوطن جديد هو تركيا بحكم الاتفاقية الشهيرة.[9]

المزيد من فوضي التغيير في القارات المختلفة
خلال الفترة ما بين الحربين الأولى والثانية، حصلت أيرلندا على استقلالها عن المملكة المتحدة (1922)، كما استولت إيطاليا على جنوب تيرول من النمسا (1919)، وتوسعت اليابان إلى منشوريا (1931)، ثم غزت الصين (1937)، مستهلة إرهاصات الحرب العالمية الثانية (1939–1945) وما تلاها من ضم ألمانيا النمسا (1938)، وغزو بولندا (1939).
بدوره، ضمّ الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الدول البلطيقية (1940) وأجزاء من رومانيا، واحتلت اليابان معظم جنوب شرق آسيا، لتبدأ بعدها تسويات ستقود بدورها لتغيير خطوط التماس والحدود الجديدة، فتم تقسيم ألمانيا إلى شرقية (مدعومة من الاتحاد السوفيتي) وغربية محتلة من الحلفاء، وتم تغيير حدود بولندا نحو الغرب، وخسرت إيطاليا مستعمراتها (ليبيا، إريتريا، الصومال) كما تم تقسيم كوريا (1945) إلى شمال وجنوب. وحصل التغيير الأكبر في الشرق الأوسط بتأسيس إسرائيل (1948)، ما أدى بدوره إلى حروب عربية-إسرائيلية وتغيير الحدود الجغرافية بينها وبين محيطها العربي (مصر، سوريا).
ولم تستثن الأعاصير السياسية إفريقيا، وكان من أهمها إنهاء الاستعمار الأوروبي (1950-1970)، فحصلت معظم المستعمرات على استقلالها في الستينيات (مثل الجزائر من فرنسا، نيجيريا من المملكة المتحدة، الكونغو من بلجيكا)، وانضمت أريتريا إلى إثيوبيا (1952)، لتنفصل عنها في العام 1993.
وفي آسيا كانت التغييرات تجري بمساحات أكبر إذ تم تقسيم الهند (1947) إلى الهند وباكستان ولاحقًا بنغلاديش (1971) كما تم تقسيم فيتنام (1954) ولكن لتعود للتوحد (1975). بدورها استولت الصين على إقليم التبت (1950)، قبل أن تتسلم هونغ كونغ لاحقًا من بريطانيا (1997) وماكاو (1999) من البرتغال.
وفي الشرق الأوسط تم تقسيم قبرص (1974) إلى مناطق يونانية وتركية، وذلك بعد سنوات قليلة على تأسيس دول خليجية كسلطنة عُمان والإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين بعد الانسحاب البريطاني (1971).
وفي بداية التسعينات هز زلزال نهاية القرن الجغرافيا المستقرة مجدّدًا، فهوى العملاق السوفيتي (1991) ما تسبب بتناثر مساحته إلى 15 دولة جديدة في ظرف سنوات قليلة كان من بينها روسيا، أوكرانيا، بيلاروسيا، دول البلطيق، القوقاز (أرمينيا، جورجيا، أذربيجان)، آسيا الوسطى (كازاخستان، أوزبكستان، إلخ). ومقابل هذا التفكك التاريخي توحدت ألمانيا مجددًا (1990)، ولكن فقط ليتم تقسيم تشيكوسلوفاكيا (1993) بعد ذلك إلى جمهورية التشيك وسلوفاكيا، بالتزامن مع بدء انهيار دولة أوربية كبرى أخرى، فتقسمت يوغوسلافيا بعد صراع دامٍ (1991-2008) انتهى إلى ظهور دول برايات جديدة هي كرواتيا، سلوفينيا، البوسنة، صربيا، الجبل الأسود، كوسوفو، مقدونيا الشمالية.
ولم تهدأ عجلة التغيير مستفيدة من صراعات مشتعلة، ففي القرن الحادي والعشرين (2000-2024)، شهدنا انفصال جنوب السودان عن البلد الأم (2011) وضم روسيا القرم من أوكرانيا (2014) في صراع لا زال مشتعلا، وشهد الشرق الأوسط تغيرات كادت تبدد استقرار حدوده أيضا حين أعلن "تنظيم الدولة" إقامة دولته الممتدة بين أراضي سوريا والعراق (2014-2017)، كما بقي وضع سوريا خاضعًا للتجاذبات الدولية والإقليمية ومهدّدًا بالتقسيم، والأمر ذاته بالنسبة لفلسطين مع الضغط الأميركي نحو إخلاء قطاع غزة، وإصرار الاحتلال الإسرائيلي على التوسّع شرقًا وجنوبًا وشمالاً، ولا سيما ما تشهده الأراضي السورية حاليًا.
التغيير مستمر فعليا وبوتيرة أسرع
في النتيجة، يمكن القول إن العالم شهد في الـ120 عامًا الماضية، تحولات سريعة للغاية نتيجة الحروب العالمية، وإنهاء الاستعمار، وانهيار الإمبراطوريات الكبرى مثل النمساوية المجرية والعثمانية والبريطانية والسوفيتية. كما ظهرت دول جديدة بسرعة، خصوصًا بعد الحربين العالميتين وسقوط الاتحاد السوفيتي، وكانت الانقسامات الأيديولوجية خلال الحرب الباردة عاملاً رئيسيًا في رسم حدود جديدة، كما حدث في ألمانيا وكوريا. في المقابل، شهدت الـ500 سنة السابقة تغييرات أبطأ في الحدود، كانت غالبًا مرتبطة بحروب السلالات والاستعمار والتوحيد التدريجي للدول.
ومن حيث عدد الدول الجديدة، شهدت تلك الفترة ظهور أكثر من 150 دولة ذات سيادة، معظمها نتج عن استقلال المستعمرات السابقة في إفريقيا وآسيا، أو عن تفكك كيانات كبيرة مثل الاتحاد السوفيتي ويوغوسلافيا. في المقابل، كانت الـ500 سنة السابقة تشهد ظهور دول وإمبراطوريات جديدة ببطء، مع تغييرات تحدث على مدى أجيال عديدة.
والآن ونحن نعاين تلك الحروب المدمرة التي قتلت ما يزيد عن نصف مليار شخص القرن الماضي وحده، لا تتوقف الصراعات ولا طموحات الدول بثروات الغير، بمبررات تتنوع بين المطالبة بحقوق تاريخية مشكوك بها (إسرائيل) أو التحجج بالأمن القومي (روسيا -أوكرانيا) أو "الطمع بثروات دفينة" كما في حال الولايات المتحدة وغرينلاند القطبية.
ولا يبدو الدفاع عن هذه السياسات الخطرة أقل استخفافًا بها أيضًا، الآن كما يقول ستيفن مور - المستشار الاقتصادي السابق لترمب بمرح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) متبجّحًا أنّ سكان غرينلاند هم "أكثر المستفيدين من هذا الطموح الأميركي". ويقول: لنسمِّه بيعًا أو استحواذًا"، مضيفًا: "يمكنهم، بين عشية وضحاها، أن يصبحوا مليونيرات"، متكهّنًا بأنه قد يكون هناك "تريليونات الدولارات من المعادن والنفط والغاز وأنواع أخرى من المعادن الثمينة التي قد تكون ذات قيمة للولايات المتحدة". [10]
المراجع
(1) "ميرور"، عدد 28 مارس، "جي دي فانس يتذمر : الجو بارد هنا ولم يخبرني أحد".
(2) لقاء "فوكس نيوز" مع ماريا بارتيرومو لبرنامج "صنداي مورنينج فيوتشرز" في الثاني من فبراير.
(3) موقع "بي بي سي": أسباب اندلاع الحرب العالمية الأولى.
(4) كتاب " أقليات أوروبا الوسطى والشرقية بعد الحرب العالمية الأولى، جوزيبي موتا (مجموعة).
(5) المصدر السابق.
(6) كتاب الحدود في التاريخ المعاصر (1900-2000)، مجموعة من المؤلفين (لورينا دي فيتا، خاروسلاف إيرا، توماس سيريير، أندرو تامبكينز)
(7) المصدر السابق
(8) كتاب الشرق الأدنى منذ الحرب العالمية الأولى، مالكوم إدوارد ياب.
(9) كتاب " أقليات أوروبا الوسطى والشرقية بعد الحرب العالمية الأولى"، جوزيبي موتا.
(10) الغارديان، 28 مارس، "العديد من التذكارات لجي دي فانس لأخذها من غرينلاند".