نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن البيانات العامة وإيداعات الأوراق المالية، أن الشركات العالمية تكبّدت خسائر بأكثر من 59 مليار دولار من عملياتها في روسيا، مع تضرّر الاقتصاد بفعل العقوبات، واستمرار عمليات إغلاق فروعها في روسيا.
وتعهّدت نحو ألف شركة غربية بالخروج أو تقليص عملياتها في روسيا، بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا. وبعدما أصبح الاقتصاد المحلي ضعيفًا إثر تراجع عدد المشترين والمستثمرين، باتت الأصول المالية في تلك الشركات التي كانت ذات قيمة، لا قيمة لها. ويتعين على تلك الشركات، التي تخضع للمعايير الأميركية والدولية، أن تتحمل رسومًا إضافية تتعلق بانخفاض قيمة أصولها.
وحتى الآن، تشمل عمليات التخفيض في قيمة الأصول، مجموعة من الشركات والمؤسسات، مثل المصارف ومصانع الجعة، والمصنّعين، وتجار التجزئة والمطاعم وشركات الشحن، وغيرها.
وتتوقّع شركة "ماكدونالدز" العملاقة، تسجيل رسوم تتراوح بين 1.2 مليار دولار و 1.4 مليار دولار، بعد الموافقة على بيع مطاعمها الروسية لمستثمر محلي؛ بينما دفعت شركة "Exxon Mobil Corp" أكثر من 3.4 مليار دولار بعد أن أوقفت العمليات في مشروع للنفط والغاز في الشرق الأقصى لروسيا.
خسائر باهظة للرحيل.. #ماكدونالدز تعلن بدء انسحابها نهائيا من #روسيا pic.twitter.com/QaWKuQq4r3
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) May 17, 2022
بدورها، حصلت شركة "بدويايزر" للبيرة (Anheuser-Busch InBev SA) على 1.1 مليار دولار، بعد أن قررت بيع حصتها في مشروع مشترك روسي.
مزيد من التداعيات المالية
وأوضحت كارلا نونيس، العضو المنتدب في شركة استشارات المخاطر "Kroll LLC": "هذه الجولة من الانخفاضات ليست نهاية الأمر"، مضيفة أنه "مع استمرار الأزمة، قد نشهد المزيد من التداعيات المالية".
وفي الشهر الماضي، حصلت شركة تأجير الطائرات الأيرلندية "إيركاب هولدينغز إن" على رسوم قدرها 2.7 مليار دولار، رغم شطبها لأكثر من 100 من طائراتها العالقة في البلاد. وتم تأجير الطائرات لشركات الطيران الروسية، فيما تتلقى شركات التأجير الأخرى ضربات مماثلة.
وتفترض الشركات الأخرى أنها لن تحصّل أي أموال من عملياتها في روسيا، حتى قبل الانتهاء من خطط خروجها من البلاد. وشملت الرسوم لشركة النفط البريطانية العملاقة "بي بي بي إل سي" البالغة 25.5 مليار دولار على ممتلكاتها الروسية الشهر الماضي، شطب 13.5 مليار دولار من الأسهم في شركة "روسنفت" المنتجة للنفط. ولم تذكر الشركة كيف ومتى تخطط لتصفية أصولها الروسية.
وحتى بعض الشركات التي تحتفظ بوجود بسيط في روسيا تقوم بتدوين أصولها، حيث قامت شركة "توتال إنرجي" الفرنسية للطاقة، بتحصيل 4.1 مليار دولار في أبريل/ نيسان على قيمة احتياطياتها من الغاز الطبيعي، مشيرة إلى تأثير العقوبات الغربية التي تستهدف روسيا.
والشهر الماضي، أبلغت لجنة الأوراق المالية والبورصات الشركات أنه يتعيّن عليها الكشف عن الخسائر المتعلقة بروسيا بوضوح، وأنه لا ينبغي لها تعديل الإيرادات لإضافة الدخل المقدر الذي فُقد بسبب الوضع في روسيا.
ويبدو أن "بنك أوف نيويورك ميلون كورب"، الذي قال في مارس/ آذار الماضي، إنه أوقف الأعمال المصرفية الجديدة في روسيا، انتهك هذا التوجيه عندما أعلن عن نتائجه للأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام.
وفي أبريل الماضي، أعلن البنك عن إيرادات بقيمة 4 مليارات دولار بموجب مقياس واحد شمل 88 مليون دولار مضافة لتعكس الدخل المفقود بسبب روسيا.
تقديرات تقريبية
وتشير الأبحاث الأكاديمية إلى أن ردود أفعال المستثمرين متباينة تجاه عمليات التخفيض.
ووجدت دراسة حديثة أجرتها كلية ييل للإدارة في كونيتيكت الأميركية، أن الأسواق المالية "تُكافئ الشركات على مغادرة روسيا".
وخلص الباحثون إلى أن مكاسب أسعار الأسهم للشركات المنسحبة "تجاوزت بكثير تكلفة انخفاض قيمة الأصول لدى الشركات التي خفضت قيمة أصولها الروسية".
وتقدّم العديد من الشركات للمستثمرين تقديرات تقريبية حول ما يمكن توقّعه بشأن الخسائر المتعلقة بروسيا.
وقالت الشركة المصنّعة لمكونات صناعة السيارات والطيران والطاقة "ITT Inc"، التي علّقت عملياتها في روسيا الشهر الماضي، إنها تتوقّع أن تصل إيراداتها من 60 إلى 85 مليون دولار هذا العام بسبب "انخفاض كبير في المبيعات" في البلاد. وهذه شريحة صغيرة من إجمالي الإيرادات البالغ 2.8 مليار دولار لهذه الشركة.
ومع إضعاف العقوبات للاقتصاد الروسي، لا تزال الشركات العاملة في روسيا تُعيد تقييم أرباحها المستقبلية وتحصي الخسائر.
وتعرّضت شركة "أوبر تكنولوجيز" في مايو/ أيار إلى انخفاض بقيمة 182 مليون دولار في قيمة حصتها في مشروع تاكسي روسي مشترك بسبب توقعات بركود طويل الأمد في الاقتصاد الروسي.
وفي فبراير/ شباط الماضي، قالت شركة "أوبر" إنها تبحث عن فرص لتسريع بيع حصتها.