الثلاثاء 26 مارس / مارس 2024

الحكومة العربية الموحدة عام 1918.. كيف نشأت وما أسباب انهيارها؟

الحكومة العربية الموحدة عام 1918.. كيف نشأت وما أسباب انهيارها؟

Changed

حلقة من برنامج "قراءة ثانية" تلقي الضوء على نشأة الحكومة العربية في دمشق وظروف سقوطها (الصورة: تويتر)
مع هزيمة الإمبراطورية العثمانية وانهيارها في الحرب العالمية الأولى أمام الحلفاء، سعى العرب الذين أقصوا عن حكم بلادهم، إلى تشكيل كياناتهم السياسية.

مثلت تجربة الحكومة العربية في دمشق التي أُعلن قيامها عام 1918، أول محاولة لإقامة دولة عربية موحدة وديمقراطية، تُحكم بواسطة دستور وُصف بأنه كان "الأفضل بتاريخ العرب".

لكن التجربة لم يُقدّر لها البقاء لأكثر من عامين، فسقطت ومعها مشروع قيام هذه الدولة.

قيام الحكومة العربية

مع هزيمة الإمبراطورية العثمانية وانهيارها في الحرب العالمية الأولى أمام الحلفاء، سعى العرب الذين أقصوا عن حكم بلادهم قرابة الـ400 عام، إلى تشكيل كياناتهم السياسية.

فدخل الأمير فيصل مدينة دمشق بجيشه الحجازي، مُعلنًا في 5 أكتوبر/ تشرين الأول 1918 قيام حكومة عربية مستقلة ذات دستور حديث يفصل بين الدين والدولة.

وكان هذا الدستور الأول من نوعه عربيًا، إذ نص إعلان الأمير فيصل على أن القانون "قائم على مبدأ التعاطي مع جميع الناطقين بالضاد على اختلاف مذاهبهم وأديانهم بطريقة واحدة، دون التفريق بين حقوق المسلم والمسيحي والموسوي".

وأنشأت تلك الحكومة جيشًا وطنيًا يقوم على التجنيد الإجباري، وجامعة سورية حديثة، ومَجمَعًا علميًا للغة العربية.

وفي كتابه "يوم ميسلون"، رأى المنظّر القومي ساطع الحُصري أن هذا النموذج يمثّل "الدولة العربية بأتم معاني الكلمة".

رفض فرنسي - بريطاني

لكن ما لبث أن وجد الأمير فيصل نفسه في مواجهة دهاة السياسة في بريطانيا وفرنسا، إذ لم يهتم هؤلاء بالعرب، ولا بوعودهم التي قطعوها للشريف حسين وابنه فيصل لاحقًا.

فشل الوفد العربي في مؤتمر الصلح في باريس في تحقيق مساعيه، وعاد الأمير فيصل إلى دمشق بعد عقد اتفاق مع رئيس وزراء فرنسا جورج كليمنصو، قبِل بموجبه أن يكون ملكًا على سوريا في ظل الانتداب الفرنسي.

إلا أن المؤتمر السوري العام رفض الاتفاق، وأعلن استقلال سوريا الطبيعية، مناديًا بالأمير فيصل ملكًا عليها في 8 مارس/ آذار 1920.

فرفضت بريطانيا وفرنسا قرارات المؤتمر، واحتلت باريس دمشق في 25 يوليو/ تموز عام 1920، في ما بات يُعرف بيوم ميسلون، ونفت قادة الثورة واتبعت سياسة منهجية لتفكيك ما أسمته بـ"المرحلة الشريفية".

تدخّل الولايات المتحدة

في هذا السياق، يرى المؤرخ والباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات محمد جمال باروت أن "الخطاب الذي ألقاه الأمير فيصل عند قيام الحكومة العربية كان تاريخيًا بكل معنى الكلمة".

ويشير باروت، في إطلالته من استديوهات "العربي" في لوسيل، إلى أن "ذلك البيان حمل روحًا علمانية مبكرة، خصوصًا من ناحية المساواة بين مختلف العرب".

ويلفت المؤرّخ السوري إلى أن "عملية بناء المؤسسات الرسمية لم تتحقق دفعة واحدة"، مؤكدًا أن "العروبيين في كل مناطق سوريا الطبيعية أرادوا فعلًا تحقيق حلم قيام هذه الدولة".

ويقول: "بعد انعقاد مؤتمر الصلح في باريس، تدخّلت الولايات المتحدة لإنهاء الصراع بين فرنسا وبريطانيا حول تقاسم الحصص وفق اتفاقية سايكس بيكو، فأرسلت وفدًا لاستطلاع آراء المواطنين حول شكل الحكم الذي يرغبون به".

ويضيف: "بناء على هذا الوضع، شكّل الثوار العرب المؤتمر السوري الأول بهدف تشكيل برنامج وطني موحّد، وجرت انتخابات وتشكّل أول برلمان، إلا أن المشروع فشل بعد مؤتمر الصلح".

ضغوط على الأمير فيصل

من جهته، يعتبر المؤرخ ومدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في بيروت خالد زيادة أن "هذه المرحلة من التاريخ كانت شديدة التعقيد بسبب تسارع الأحداث فيها".

ويلفت زيادة، في حديث إلى "العربي" من بيروت، إلى أن "قيام الحرب العالمية الأولى وانهيار الإمبراطورية العثمانية، دفع العرب إلى التفكير جديًا بقيام دولتهم الخاصة، فعلت أصوات الاستقلاليين بينهم".

ويوضح أن "الأمير فيصل تعرّض في مؤتمر الصلح لكثير من الضغط الفرنسي والبريطاني، فعمل على إقامة تحالف مع الولايات المتحدة، إلا أنه لم يتمكن من ذلك".

ويؤكد زيادة أن "المخططات الفرنسية والبريطانية كانت أقوى من الأمير فيصل، وعند رجوعه من باريس، علم أن التدخل الأجنبي بات مصيرًا لا مفرّ منه".

ويقول: "لمواجهة قيام الدولة العربية، عملت فرنسا على دعم الأقليات لإقامة كيانات مصغرة ضمن بلاد الشام".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close