أعلنت جماعة أنصار الله (الحوثيون) في اليمن أمس الإثنين، "بدء العمل على فرض حظر بحري" على ميناء حيفا الإسرائيلي، ردًا على تصعيد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وحذّر المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع في خطاب متلفز مساء أمس الإثنين، السفن المتّجهة إلى ميناء حيفا من أنّه بات "ضمن بنك الأهداف"، داعيًا جميع الشركات التي "تتواجد سفنها في الميناء أو متّجهة إليه بأخذ هذا القرار بعين الاعتبار".
وأشار سريع إلى أنّ هذا القرار يأتي بعد نجاحهم في "فرض الحصار على ميناء أم الرشراش (إيلات) وتوقّفه عن العمل".
وأكد أنّ الجماعة لن تتردّد في اتخاذ أي إجراءات إضافية دعمًا وإسنادًا للشعب الفلسطيني ومقاومته، حتى وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ورفع الحصار عنه.
وتأتي هذه الخطوة، بعد إعلان الحوثيين في 4 مايو/ أيار الحالي، فرض حصار جوي شامل على إسرائيل، من خلال تكرار استهداف مطار بن غوريون.
ما هي أهمية ميناء حيفا؟
يُعتبر ميناء حيفا أحد أقدم وأكبر الموانئ في فلسطين المحتلّة، وأحد أكبر موانئ إسرائيل الدولية الثلاثة الرئيسية: ميناء أسدود، وميناء إيلات (أم المرشراش)، وأكثرها حيوية من الناحية الاقتصادية والجغرافية.
ويقع الميناء في الجزء الشمالي من وسط مدينة حيفا على البحر المتوسط، ويمتدّ إلى نحو 3 كيلومترات على طول الشاطئ وسط المدينة.
وباعتباره واحدًا من أكبر الموانئ في شرق البحر المتوسط من حيث حجم الشحن، يعمل الميناء على مدار السنة، ويُوصف الميناء بأنّه "بوابة التجارة الإسرائيلية"، حيث يتمّ شحن أكثر من 30 مليون طن من البضائع عبره سنويًا، ما يعكس دوره الكبير في تعزيز الاقتصاد الإسرائيلي.
ويتعامل الميناء مع أكثر من 35% من حجم الاستيراد والتصدير الإسرائيلي، من البترول، والمواد الخام، والمنتجات الصناعية والحبوب، والمنتجات الكيميائية، والأدوية، والتقنيات المتطوّرة.
يُعد الأكثر ابتكارًا وتقدمًا في "إسرائيل"، إذ يمتدّ على مساحة 6.5 كيلومتر مربع، ويضمّ أرصفة متعددة، ومحطات للحاويات، ومستودعات كبيرة.
كما يحتوي الميناء على مرافق متعدّدة للنقل واللوجستيات، ما يجعله مركزا للنقل البحري والبري.
أهمية استراتيجية وأمنية
ومن الناحية الاستراتيجية، يُعتبر ميناء حيفا قريبًا من الأسواق الأوروبية والمتوسطية، وهو ركيزة لمشروع أميركي يُنافس مبادرة "الحزام والطريق" الصينية.
وسيكون بالتالي محطة ضمن ممر تجاري يربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط، حيث من المخطط أن تمرّ السفن عبره نحو 3 دول أوروبية بعد قدومها برًا من السعودية والإمارات مرورًا من الأردن إلى فلسطين المحتلة.
وبالإضافة إلى دوره التجاري المهم، يلعب ميناء حيفا دورًا رئيسيًا في ما يُسمّى "الأمن القومي" للاحتلال، ويُمكن وصفه بـ"أخطر منافد إسرائيل البحرية" إذ يضمّ مصانع وشركات كبيرة، بعضها مرتبط بصناعة المواد الكيميائية الخطيرة والبترول.
كما يحتوي الميناء على أسلحة نووية وغير تقليدية. وتقع قاعدة "بولونيوم" للأسلحة البحرية في الجانب الشرقي منه، والتي تُعدّ مقرًا للغواصات الحربية المُعدّة لحمل صواريخ ذات رؤوس نووية.
ويضمّ حوضًا لصناعة السفن الحربية الإسرائيلية، حيث يتمّ تعديلها وتجهيزها بالأنظمة القتالية والتقنية واللوجستية.
كما أنّ الميناء مقر لعدد من مصانع البتروكيماويات، والأمونيا، والميثانول، والمواد الكيميائية الخطيرة المستخدمة في الأسمدة، وخزّانات ومصافي النفط، وهو ما يجعل سكان حيفا وكأنّهم "يجلسون على برميل من المتفجرات"، وفقًا لصحيفة "هآرتس".
ومنذ إطلاق عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كانت مدينة حيفا وميناؤها عرضة لعدد من الهجمات بالطائرات المسيّرة، ما أثار المخاوف من تدمير شامل وأزمة بيئية وصناعية مرعبة.