ابتكر باحثون في جامعة دارتماوث الأميركية أداة ذكاء اصطناعي توليدي للعلاج النفسي، لكي تكون بديلًا عن ممارسات لا تخضع لأي تنظيم ويخشى المتخصصون في الصحة الذهنية من مخاطرها.
وعلى مدى ست سنوات تقريبًا، ابتكر الأستاذ في جامعة دارتماوث في الولايات المتحدة مع مجموعة من زملائه "تيرابوت" Therabot، وهو برنامج قائم على الذكاء الاصطناعي.
"شيء مختلف للاستجابة"
وعلى عكس شركات ناشئة سبق أن طرحت تطبيقات ذكاء اصطناعي علاجية، ليس هؤلاء الباحثون في عجلة من أمرهم.
ويقول الطبيب النفسي نيك جاكوبسون: "حتى لو زدنا عدد المتخصصين عشر مرات، فلن يكون ذلك كافيًا" لتلبية الطلب الحالي على الدعم النفسي، لذا نحن بحاجة إلى شيء مختلف للاستجابة".
بدوره، يوضح مايكل هاينز، الطبيب النفسي والمشارك في قيادة المشروع: "نحن نتحدث عن سنوات وليس أشهر" قبل أن تصبح الأداة متاحة عبر الإنترنت.
ويضيف: "لا نزال بحاجة إلى التعمّق أكثر في ما يخص السلامة، حتى نتمكن من فهم كيفية عمله بشكل صحيح قبل إطلاقه".
ولتطوير أداته، استخدم الفريق في البداية نصوصًا هي عبارة عن استشارات، ثم مقاطع فيديو تدريبية، لكنه وجد نفسه "أمام طريق مسدود"، على قول الطبيب النفسي نيك جاكوبسون.
ثم أدخل الفريق يدويًا نماذج محاكاة من محادثات لتغطية أوسع مجال ممكن وضمان نوعية الإجابات.
أول دراسة سريرية
في أواخر مارس/ آذار الفائت، نشر الباحثون في دارتماوث أول دراسة سريرية من نوعها، أظهرت أن "تيرابوت" يحسّن حالة المرضى الذين يعانون من القلق أو الاكتئاب أو اضطرابات غذائية، مقارنة بمَن لم يستخدموه.
وبدأ الباحثون يعملون على تجربة جديدة ستقارن هذه المرة تأثيرات مساعدهم الذكي مع تأثيرات العلاجات التقليدية.
وتقول فايل رايت، المسؤولة عن الابتكار في الجمعية الأميركية لعلم النفس: "أرى مستقبلًا مع روبوتات الدردشة التي يتم اختبارها علميًا (...) وابتُكرت لأغراض الصحة الذهنية".
ولكن باستثناء "تيرابوت" الذي لم يصبح متاحًا بعد "لا توجد منتجات مماثلة في السوق"، على قولها.
وتضيف: إنّ "بعض هذه المنتجات لم يتم ابتكارها حتى من خبراء".
"آمن جدًا"
ويرفض هربرت باي، رئيس أداة "إيركيك" التي تضم أكثر من مئة ألف مستخدم معظمهم في الولايات المتحدة، الحكم المسبق الذي يُنسَب لشركات ناشئة أخرى، ويؤكد أنّ المعالج القائم على الذكاء الاصطناعي الخاص به والذي يحمل اسم "باندا" "آمن جدًا".
ويقول رجل الأعمال: "ما حدث مع كاركتر ايه آي Character AI لا يمكن أن يحدث مع أداتنا"، في إشارة إلى انتحار مستخدم لهذا التطبيق يبلغ 14 عامًا في أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، وقد حمّلت والدته برنامج الدردشة الآلي مسؤولية ما حصل لابنها.
من الناحية النظرية، تقع الصحة الذهنية عبر الإنترنت ضمن نطاق صلاحية إدارة الغذاء والدواء الأميركية (اف دي ايه)، التي تقول لوكالة فرانس برس إنّها "لا تعطي موافقات لتطبيقات الذكاء الاصطناعي"، مضيفة أن "العلاجات الرقمية لديها القدرة على تحسين إتاحة الدعم النفسي للمرضى".
وأعدّت "إيركيك"، التي تجري حاليًا دراسة سريرية، بحسب باي، تنبيهات في حالة الأزمة أو الأفكار الانتحارية، يرصدها نموذج الذكاء الاصطناعي في المحادثة.
ويقول باي: "إن الحالات الخطرة جدًا لا يمكن معالجتها بالذكاء الاصطناعي. نحن هنا للدعم اليومي".
ويضيف: "الاتصال بالمعالج النفسي عند الساعة الثانية ليلًا أمر غير ممكن"، بينما يكون روبوت الدردشة متاحًا على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.