يسهّل الذكاء الاصطناعي عملية اختيار المشاركين في الدراسات التي تقيّم الأدوية الجديدة، وهو جانب ضعيف في البحوث السريرية، إذ تساهم هذه التكنولوجيا في تحديد المريض المناسب في الوقت المناسب لإجراء أفضل تجربة سريرية.
وقال أرنو بايل، أخصائي الأورام في معهد غوستاف روسي للسرطان قرب باريس وأحد مؤسسي شركة "كلينيو" الناشئة التي تشجع على الوصول إلى التجارب السريرية، لوكالة فرانس برس إن "علاجات الأورام تتطور بسرعة كبيرة".
وأضاف أن "المشاركة في تجربة سريرية تُمثل فرصة محتملة للاستفادة من علاج لن يكون متاحًا في السوق قبل سنوات".
ونتيجة لنقص المرضى، يتباطأ تطوير الدواء المحتمل أو حتى يتوقف في بعض الأحيان إذا لم يكن من الممكن إجراء الدراسات.
وبحسب الجمعية الفرنسية لشركات الأدوية (ليم)، فإن 85% من التجارب السريرية تواجه تأخيرات مرتبطة بعوائق تحول دون الاستعانة بالمرضى.
وللتغلب على هذه العقبة المكلفة، بدأت شركات الأدوية الكبرى في الدخول في شراكات مع شركات ناشئة تستخدم الذكاء الاصطناعي لتوجيه المرضى إلى التجارب التي تناسبهم بشكل أفضل.
وتعتمد الشركتان الفرنسيتان "كلينيو" Klineo و"باتلينك" PatLynk على قواعد بيانات رسمية متنوعة تحصي مختلف التجارب السريرية.
وتعمل خوارزميات الذكاء الاصطناعي على تنظيف هذه البيانات المحدثة تلقائيًا وتنظيمها ومراجعتها، لتقديم تجارب للمرضى تتوافق مع احتياجاتهم.
وبشكل عام، لا تتاح للمريض فرصة الانضمام إلى تجربة سريرية إلا إذا كانت مفتوحة في المركز الاستشفائي الذي يتابع حالته، وغالبًا في المدن الكبيرة.
المريض أولًا ثم الدراسة
من هنا، يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي باعتباره وسيلة لتعميم الوصول إلى التجارب السريرية، بغض النظر عن مكان الإقامة، ولكنه يساهم أيضًا في تمثيل أفضل للتنوع في هذه التجارب.
وبدلًا من البدء بدراسة ثم البحث عن مريض، وهو ما يحدث عادة، "نبدأ بمريض ثم نجد بسهولة الدراسة التي تناسبه"، على ما توضح رئيسة "باتلينك" إليز خالقي.
وتوضح هذه المهندسة: "إنها في الأساس أداة مطابقة" تعتمد على البيانات المتعلقة بوضع المريض الصحي وعمره وموقعه.
وتضيف: "يولّد الذكاء الاصطناعي أسئلة تلقائية استنادًا إلى كل معايير الإدراج والاستبعاد للدراسات السريرية" في مختلف أنحاء العالم.
وتساهم هذه التقنية أيضًا في ترجمة النصوص العلمية، التي تُعد الإنكليزية هي لغتها المرجعية، وتجعلها "أكثر قابلية للفهم بالنسبة للمرضى"، بحسب خالقي.
منصة مجانية
وتركز المنصة التي سيتم تقديمها مجانًا للمرضى والأطباء في نهاية الشهر الجاري، حاليًا على نحو عشرة أمراض بينها الزهايمر، ومرض باركنسون، وسرطان الثدي، وبطانة الرحم المهاجرة، ومتلازمة تكيس المبايض.
وتسمح أداة "كلينيو" المخصصة لعلم السرطان، للمرضى والأطباء "بالعثور على تجربة سريرية مصنفة حسب الأهمية والقرب الجغرافي في بضع دقائق فقط"، من خلال دمج التقارير الطبية، وفق أخصائي الأورام أرنو بايل.
وبفضل "الرؤية الكاملة لكل التجارب في فرنسا"، يستطيع الطبيب تقديم "طلب دفعة واحدة لمراكز عدة، وهو أمر لا يحصل حاليًا، لأن الاتصال بكل مركز على حدة أمر معقد وممل ويستغرق وقتًا طويلًا".
وبمجرد فتح تجربة جديدة لمريضه، "يتم إخطاره تلقائيًا"، بحسب بايل الذي يخطط لتوسيع نطاق أداة عمله إلى بلدان أوروبية أخرى.
وأوضح مختبر سيرفييه، ثاني أكبر مختبر فرنسي، أن "هذا يسمح لنا بتوسيع قدراتنا على اختيار" المرضى المؤهلين للخضوع للدراسات في مجال الأورام.
ويجري المختبر "اختبار طريقة كلاينيو"، بالإضافة إلى شراكاته مع "تيمبوس" في الولايات المتحدة و"أوميكو" في أستراليا.
وتؤكد شركة أمجين Amgen الأميركية للتكنولوجيا الحيوية في مقابلة مع وكالة فرانس برس، أن "تحديد هوية المريض أمر معقد بشكل خاص في علم الأورام، خصوصًا عندما تشمل الدراسات السريرية معايير اختيار مثل وجود طفرة جينية أو علامة حيوية محددة".
ويدعم هذا المختبر مشروع (AIIPIK) باستخدام برمجيات الذكاء الاصطناعي التي، وفقًا للنتائج الأولية، أتاحت تحديد 23 مريضًا مقارنة بستة جرى تحديدهم يدويًا لدراسة سريرية في علم الأورام.
ويدمج البرنامج تقارير الاستشفاء والاستشارات والتصوير الطبي، بما في ذلك المؤشرات الحيوية التي تُستخدم بشكل متزايد في علم الأورام.
وتؤكد خالقي أن "الطريقة التقليدية في الاختيار في المستشفيات ستظل دائمًا قائمة"، إذ "إن تدخلنا هو البحث عن المرضى الذين لم يكن من الممكن التعرف عليهم بهذه الطريقة".