جدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الحديث عن توثيق الطلاق، والذي كان قد أثار سجالًا بين السلطة التنفيذية وشيخ الأزهر عام 2017.
وكان وزير العدل، عمر مروان، قد كشف أن الوزارة أنهت العمل على مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، والذي يتضمن أحكامًا ومواد قادرة على الحد من حالات الطلاق، ومن بينها توثيق الطلاق.
ويعود سبب الجدل الذي أثير حول هذه النقطة عام 2017، إلى دعوة الرئيس السيسي لإصدار قانون لا يعتد بالطلاق الشفهي، بل يقضي بأن لا يتم هذا الأمر إلا أمام مأذون.
في المقابل أكدت هيئة كبار العلماء في الأزهر، أن الطلاق الشفهي مستقر عليه منذ عهد النبي محمد (ص)، من دون اشتراط إشهاد أو توثيق.
"تدارك أزمة الطلاق"
وتقول الباحثة في قضايا المرأة، عبير سليمان، في حديث إلى "العربي" من القاهرة، إن الطرح الذي تقدم به الرئيس السيسي، هو مجتمعي، ووضع على طاولة التفاوض من دون تعمد إثارة صراع بين الرئاسة ومؤسسة الأزهر. وتشير إلى أن آلاف الأسئلة حول الطلاق الشفهي يتوجه بها الناس إلى الأزهر بشكل يومي، ومعظم الردود تؤكد عدم جواز الطلاق، معتبرة أنه من الجدير أن تكون الدولة معنية بهذا الجانب في تلك المسألة.
وترى سليمان أن تدخل الرئاسة أتى لتدارك أزمة الطلاق، وغزارتها، كون ثبات أي مجتمع، ينطلق لزامًا من ثبات الأسرة، مشيدة بخطوة الرئيس السيسي كونها تشكل نوعًا من المطالبة بتجديد الخطاب الديني، وفك الألغاز أو توضيح المفاهيم، بحسب تعبير الباحثة المصرية، التي تلفت إلى أن الزواج لطالما كان بإبرام، فالقانون لا يرى إلا الإبرام.
وخلال كلمته في احتفالية المرأة المصرية، والأم المثالية لهذا العام، قال السيسي إن الأمر يناقشه رجال وسيدات وشباب داخل البرلمان، موضحًا أن هناك أمورًا مضرة وأخرى أكثر ضررًا وإن كانت القواعد الفقهية لا تخالف إزالة الضرر الأكبر، بالضرر الأصغر.
صراع داخلي
من جهته، يشير العالم الأزهري عصام تليمة خلال حديث إلى "العربي" من اسطنبول، إلى أن رأيه يصب باعتبار ضرورة وجود الإشهاد على الطلاق، بمعزل عن الجدل القائم، لكن هذا لا يمنع رأي العلماء بوقوع الطلاق الشفهي، وذلك لوضع الإنسان الملتزم زواجًا وطلاقًا بشكل شرعي أمام صراع بين ضميره والقانون، وهذه نقطة ليست لصالح أي سلطة تريد المصالحة بين المجتمع والدين.
ويوضح تليمة أن "ثمة فرقًا بين التوثيق والحكم الشرعي، وهناك فرق بين الأمر القضائي والأمر "الدياني"، بمعنى أنه بحال عدم إثبات أي واقعة لعدم وجود شهود لا يعني عدم وقوعها، وإذا كان القانون لا يدينه لهذا السبب، فالدين مختلف تمامًا كونه مدان أمام الله، وهذا ما نعنيه بالانسجام بين الدين والقانون، وعدم دفع الإنسان في مثل هذا الصراع الداخلي".
ويكشف تليمة أن اللجنة التي انبثقت عن الأزهر خلال الخلاف السابق، طالبت وزارة العدل بقاض شرعي متمرس لديها يعكف على وضع النسب الثابتة في قضايا الطلاق الشفهي، لتحديد مدى أهمية الأزمة.
بدورها، تقول الباحثة سليمان، إن لا أزمة حقيقية في المسألة بل لغط، وسوء تفاهم، من قبل عدد من الشيوخ، بدليل أن دولًا عربية وإسلامية تقر بأرباح المصارف فيما يرفض معظم رجال الدين ذلك بوصفه ربا، ولكن المصلحة تغلب النص، وهذا ما أقره بعض العلماء.