الإثنين 25 مارس / مارس 2024

الرواية الكاملة لانقلاب الساعات الـ48.. هزيمة مذلّة لـ"دوري السوبر" تحت أقدام الجماهير

أشعلت احتجاجات جمهور نادي تشيلسي ضد "الدوري الانفصالي" حماسة مشجعي كرة القدم (غيتي)
أشعلت احتجاجات جمهور نادي تشيلسي ضد "الدوري الانفصالي" حماسة مشجعي كرة القدم (غيتي)
الرواية الكاملة لانقلاب الساعات الـ48.. هزيمة مذلّة لـ"دوري السوبر" تحت أقدام الجماهير
الرواية الكاملة لانقلاب الساعات الـ48.. هزيمة مذلّة لـ"دوري السوبر" تحت أقدام الجماهير
الأربعاء 21 أبريل 2021

شارك

ليلة الأحد 18 أبريل/ نيسان الجاري، ضجت المواقع الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي بإعلان 12 ناديًا أوروبيًا إطلاق "دوري السوبر الأوروبي" لكرة القدم بقيادة رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز.

وفي بيان بدا أنه لا يأبه بحجم الاعتراضات المتوقعة على قرار "الانفصال"، قال مؤسسو الدوري الجديد إن البطولة ستنطلق في أسرع وقت ممكن.

وبلغت ثقة المؤسسين بنجاح خطط الإطلاق حدود توزيع التمويل (3.5 مليار يورو، أو 4.19 مليار دولار) وتقسيم الأرباح المتوقعة ومجالات إنفاقها.

وادعى بيريز، الذي تولّى تسويق الفكرة والضغط باتجاه تحقيقها، أن دوري السوبر يسعى للانتقال بكرة القدم إلى مكانتها الصحيحة، قائلًا: إن كرة القدم هي الرياضة الوحيدة في العالم التي تضم أكثر من 4 مليارات مشجع، ومسؤوليتنا كأندية هي الاستجابة لرغباتهم.

لكن رغبات المشجعين سرعان ما وضعت حدًا لما وصفوه بـ"جشع الأثرياء"، وخلال 48 ساعة فقط، سقط الدوري الجديد بالركلة الحاسمة.

"الأحلام لا يمكن شراؤها"

بعد ساعات من إعلان "الانفصال" كتب لاعب وولفرهامبتون الإنكليزي دانييل ​بودينسي على"إنستغرام": "الكرة، الأغنية، الحلم، تسديدة زيدان الطائرة، مهارات كاكا الفردية، ليفربول في أثينا، أولي في برشلونة، كريس وسيدورف.. هناك بعض الأشياء التي لا يمكننا دفع ثمنها".

وجاء التعقيب سريعًا من زميله في المنتخب البرتغالي ونجم وسط مانشستر يونايتد الإنكليزي برونو فيرنانديز : "الأحلام لا يمكن شراؤها".

كان هذا أول تعليق يصدر عن لاعب في إحدى "الفرق الانفصالية"، في موقف أوحى بوجود تمرّد داخلي آخذ بالاتساع، إذ لم يكن موقف اللاعب البرتغالي منفصلًا عن مواقف زملائه في الفريق الإنكليزي. فقد انتشرت تقارير صحافية تقول بوجود خلاف بين لاعبي الفريق وإدارة النادي التي تعتزم تنظيم لقاء جماعي لتبرير موقفها.

وسريعًا تلقفت جماهير كرة القدم العبارة، لتتحول إلى إحدى شعارات الاحتجاج على وسائل التواصل الاجتماعي. كما أطلق موقع إلكتروني بالاسم نفسه، يتضمن روابط إلى بيانات الأندية التي رفضت الانضمام إلى "دوري السوبر الأوروبي".

في أثناء ذلك، كان نجوم الكرة قد أغرقوا منصات التواصل بمواقفهم المعترضة على "دوري العار". وبينما عبّر قائد فريق مانشستر يونايتد غاري نيفيل عن "اشمئزازه" من الفكرة، كان النجم الإنكليزي دايفيد بيكهام والفرنسي أريك كانتونا يرفعان سقف الاعتراض، فاعتبر بيكهام أن "اللعبة في خطر"، أما كانتونا فكان أشد قسوة في التعبير، واصفًا الدوري الجديد بأنه "عار على كرة القدم".

وكتب لاعب مانشستر السابق وباريس سان جيرمان الحالي أندري هيريرا رسالة هاجم فيها بقوة دوري السوبر، وقال: "لا يمكنني التزام الصمت حيال ما يحدث"، متحدثًا عن "سرقة الأثرياء لما صنعه الناس".

واتسعت مساحة الاعتراض لتشمل عددًا كبيرًا من نجوم الكرة الحاليين والسابقين، ومن بينهم اللاعب الألماني مسعود أوزيل، وقائد ليفربول جيمس ميلنر، وظهير بايرن ميونخ الفرنسي بنجامين بافارد.

بالتزامن، كان ألكسندر تشيفرين، رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، يشن هجومًا شديدًا على دوري السوبر الأوروبي، مهددًا "الأندية المؤسسة"بمنع لاعبيها من المشاركة في البطولات الدولية.

وقد لاقى موقف تشيفرين انتقادات من قبل الجمهور والمحللين الرياضيين الذين رفضوا تهديد اللاعبين، كما رفضوا "جشع الأندية".

لكن التهديد وجد صداه عند "نادي المؤسسين"، إذ خشي أن يدفع المزيد من اللاعبين إلى التمرد.

وأمام انتفاضة اللاعبين وتهديدات تشيفرين، خرج عرّاب الدوري الانفصالي، رئيس نادي ريال مدريد، بثقة تامة، محاولًا طمأنه "الشركاء" قبل الأعداء: "يجب أن يظل اللاعبون هادئين لأن التهديدات لن تُنفَّذ".

وفي تصريحاته الأولى بعد إعلان الانقلاب، لم يتردد فلورنتينو بيريز الذي نُصّب أول رئيس للدوري الجديد في الاعتراف بدوافعه: المال أولًا، ثم المال.

المقاومة تنتصر في تشيلسي

خارج ملعب ستامفورد بريدج، قبل وقت قصير من مباراة نادي تشيلسي ضد برايتون في الدوري الممتاز، ليلة الثلاثاء، كان مشجعو تشيلسي يتجمعون بأعداد كبيرة للاحتجاج على الدوري المقترح.

طوّق المحتجون مداخل الملعب، ومنعوا حافلة الفريق من الدخول في الوقت المحدد، ما دفع رابطة الدوري الإنكليزي إلى تأجيل المباراة لمدة 15 دقيقة.

وطالب المحتجون مالك النادي، رجل الأعمال الروسي رومان أبراموفيتش، بإنهاء مشاركة تشيلسي في "المؤامرة التي ستزعزع كرة القدم".

ودفع إصرار المحتجين على إغلاق الملعب بالحارس الأسطوري لتشيلسي بيتر تشيك إلى التدخل لحل الأزمة "وديًا"، من دون أن ينجح في فض الاعتصام.

وسرعان ما سرت بين المحتجين الغاضبين أنباء عن استجابة إدارة النادي لمطلبهم، ليتحول الاعتصام إلى احتفالات بتحقيق النصر الأول في معركة إسقاط "جشع الأثرياء".

تمددت احتفالات جماهير تشيلسي واتسعت الاحتجاجات لتشمل جماهير الأندية الأخرى في أكثر من مدينة أوروبية، في ظل مواكبة إعلامية واسعة ومباشرة، عكست حجم الاعتراض على خطط تنظيم دوري الكأس.

جدارية لرئيس نادي يوفنتوس، أندريا أنييلي خلف مقر الاتحاد الإيطالي لكرة القدم في روما (غيتي)
جدارية لرئيس نادي يوفنتوس، أندريا أنييلي خلف مقر الاتحاد الإيطالي لكرة القدم في روما (غيتي)

ليلة هزيمة "المؤسسين الكبار"

تأخر تشيلسي ليعلن انسحابه رسميًا، لكن انتفاضة جمهوره المنقولة بالصوت والصورة أمام ملعبه تركت أثرًا لم يكن من الممكن تجاهله.

فخلال ساعات فقط، بدا أن سقف "المؤسسين" المرتفع آخذ في الانهيار.

كان مانشستر سيتي أول نادٍ يترك المسابقة الجديدة، تلاه نادي مانشستر يونايتد الذي أعلن انسحابه بسبب "المعارضة التي واجهتها البطولة الجديدة".

وقال يونايتد في بيان الانسحاب: "استمعنا باهتمام إلى رد فعل مشجعينا وحكومة المملكة المتحدة والأطراف المعنية".

وتلقى نائب الرئيس التنفيذي لمانشستر يونايتد إد وودوارد، وهو أحد الشخصيات البارزة في مشروع "دوري السوبر" الجديد، أولى تبعات محاولة "الانفصال"، إذ قدم استقالته بالتزامن مع انتشار أنباء حول تغيير مرتقب في ملكية النادي، ما دفع بالمصارع الشهير كونور ماكغريغور إلى التغريد ساخرًا حول إمكانية شراء اليونايتد.

وسرعان ما انضم ليفربول إلى المنسحبين، الذي اعتذر مالكه الرئيسي جون هنري من المشجعين. وقال في مقطع فيديو أصدره في وقت لاحق: "هذا شيء لن أنساه، وهذا يظهر القوة التي تمتلكها الجماهير اليوم، وستستمر في امتلاكها عن حق".

وكما اعتذر ليفربول فعَل أرسنال. وقال النادي اللندني: "لم نكن بحاجة إلى من يذكرنا بذلك، لكن رد الجماهير في الأيام الأخيرة منحنا الوقت لمزيد من التفكير العميق".

وتابع: "نتيجة للاستماع إليكم وإلى مجتمع كرة القدم الأوسع خلال الأيام الأخيرة، انسحبنا من دوري السوبر المقترح؛ لقد ارتكبنا خطأ ونعتذر عنه".

ولحق توتنهام هوتسبير، غريم أرسنال، بالمنسحبين موجهًا شكره إلى المشجعين على التعبير عن وجهة نظرهم. وقال رئيسه دانييل ليفي: "نحن نأسف للقلق الناجم عن مقترح دوري السوبر".

وأعلن تشيلسي في وقت لاحق من الليلة نفسها انسحابه من المسابقة، وقال في بيان: "إن البطولة الانفصالية ليست في مصلحة النادي ومشجعيه".

في أثناء ذلك، كانت الأنباء الورادة من إسبانيا تشي بتردد بدأت تسمع أصداؤه عند الأندية المشاركة في "الانفصال". فقد ذكرت تقارير صحافية أن نادي برشلونة كان قد ربط مشاركته في دوري السوبر الأوروبي الجديد بتصويت أعضاء النادي لصالح المقترح. كما ترددت أنباء عن نية أتلتيكو مدريد التراجع عن قرار المشاركة.

أما في إيطاليا، فسرعان ما تلقّف نادي ​الإنتر إشارات الهزيمة الآتية من بريطانيا، وأعلن انسحابه من بطولة دوري السوبر الأوروبي.

وقال النادي في بيان الانسحاب: " نؤكد بأننا لم نعد جزءًا من مشروع دوري السوبر الأوروبي، نحن ملتزمون دائمًا بتقديم أفضل تجربة كرة قدم للجماهير".

كما نقلت شبكة "سكاي سبورت الإيطالية” أن نادي ميلان الإيطالي قرر أيضًا الانسحاب بشكل رسمي من الدوري الجديد، فيما كانت جماهير اليوفنتوس تصعد من احتجاجاتها ضد إدارة النادي.

وعلى وقع الانسحابات المتلاحقة، لم يجد منظمو الدوري مخرجًا سوى التراجع، لكن من دون اعتراف بالهزيمة. هكذا، أصدر مجلس إدارة دوري "السوبر الأوروبي"، بيانًا رسميًا أكد فيه تعليق البطولة الجديدة "حتى إشعار آخر".

ومع بيان "التعليق"، انتهى مشروع "دوري السوبر" إلى هزيمة قاسية على أقدام الجماهير، التي وضعت حدًا لمحاولة انقلاب لم تدُم أكثر من 48 ساعة.

غلاف صحيفة موندو ديبورتيفو بعد انسحاب الأندية الانكليزية (تويتر)
غلاف صحيفة موندو ديبورتيفو بعد انسحاب الأندية الانكليزية (تويتر)
المصادر:
العربي

شارك