الخميس 25 أبريل / أبريل 2024

السيسي يدعو لحوار وطني دون استثناء أو تمييز.. ما هي الدوافع والسياقات؟

السيسي يدعو لحوار وطني دون استثناء أو تمييز.. ما هي الدوافع والسياقات؟

Changed

"للخبر بقية" يناقش دعوة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى إطلاق حوار مع كلّ القوى السياسية دون استثناء أو تمييز (الصورة: غيتي)
دعا السيسي في فاعلية، شهدت حضورًا لافتًا لمعارضين، إلى إطلاق حوار مع كلّ القوى السياسية دون استثناء أو تمييز. فما هي الدوافع والسياقات لهذا الحوار؟

خاطب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المصريين أثناء احتفالية عيد الفطر، بالقول: "قدّمنا إليكم الحقيقة، فالتاريح لا يجب أن يُترك"، وذلك في معرض مباركته مسلسلات رمضانية قدّمت سرديّة مختارة بعناية لأحداث جسيمة عاشتها مصر قبل سنوات. 

يأتي ذلك فيما يكثر في القاهرة وحولها الحديث عن متغيّرات سياسيّة. ودعا السيسي في الفاعلية، التي شهدت حضورًا لافتًا لمعارضين مثل المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي ورئيس حزب الدستور السابق خالد داوود وآخرين، إلى إطلاق حوار مع كلّ القوى السياسية دون استثناء أو تمييز.

وترافق حديثه مع إطلاق سراح عدد من النشطاء والصحافيين، مع إشارة معارضين إلى قرب الإفراج عن آخرين، الأمر الذي طرج تساؤلات عن حدود هذا التوجه الرسمي المصري للحوار مع قوى سياسية معارضة، وما هي دوافعه؟

"انفتاح سياسي"

إلى ذلك، لا يوجد أيّ مؤشرات على أنّ الحوار مع كلّ القوى بلا استثناء، كما تصفه الرئاسة المصرية، يمكن أن يشمل جماعة الإخوان المسلمين. ويخيّم الغموض على مصير بقية المعتقلين السياسيين في السجون المصرية؛ من أمثال علاء عبد الفتاح وزياد العليمي ومحمد الباقر.

وفي المقابل، يرحّب كثيرون بإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي وضمّ معارضين إلى عضويتها.

وتتحدث الدوائر الإعلامية والثقافية المقرّبة إلى السلطات المصرية عن انفتاح سياسي، ووطن يتّسع للجميع وجمهورية جديدة قيد الإنشاء. غير أن معارضين كثرًا يرفضون هذه التوصيفات، ويعتبرونها بعيدة كل البعد عن واقع الحياة السياسية المصرية. 

ويرى البعض أنّ هذا التغيّر في مفردات الخطاب السياسي يهدف إلى ترطيب المناخ الداخلي، في خضمّ تحديات اقتصادية قد تفرز احتجاجات شعبية في أيّ لحظة.

"مؤشرات تبدو جدية"

تعليقًا على المشهد المصري، يعتبر رئيس حزب الدستور سابقًا خالد داوود أن "المؤشر الرئيس على جدية هذا الحوار، الذي يدعو له السيسي بالنسبة لنا كأحزاب معارضة كان استجابة السلطات المصرية قبل إفطار الأسرة المصرية لمطلبنا الدائم الذي نكرّره، وهو إطلاق سراح عدد كبير ـ مقارنة بالمرات السابقة ـ من السجناء السياسيين".

ويلفت في حديثه إلى "العربي"، من القاهرة، إلى إطلاق سراح 41 من السجناء المحبوسين احتياطيًا على ذمة قضايا نشر في الأساس؛ "منهم الكثير من أعضاء الحركات المدنية الذين كنا نطالب بإطلاق سراحهم منذ فترة".

ويردف بالإشارة إلى أن الأجواء التي رافقت الإفطار الذي تمت الدعوة إليه بعد ذلك، قائلًا: "كان من الواضح أن هناك رغبة بالاهتمام بالأحزاب المعارضة". 

ويلفت إلى الاستجابة السريعة لمطلب إطلاق سراح حسام مؤنس يوم الأربعاء الماضي الذي كان ألقي القبض عليه فيما عُرف باسم "قضية الأمل"، متحدثًا عن "وعود بمزيد من إخلاءات السبيل في أعقاب إجازة عيد الفطر".

ويقول: إنّ "مدى جدية الدعوة للحوار ستتضح أكثر عندما نعرف تفاصيل هذه الدعوة؛ من هي الجهات التي ستتم دعوتها، وكيف سيتم تنظيم هذا الحوار، وما هي المواضيع المطروحة".

ويردف: "حينها سنستطيع القول إن الحوار كان جديًا فعلًا، لكن المؤشرات الأولية تبدو جدية مقارنة بأي مرة سابقة".

"مؤشرات على تغيير"

من ناحيته، يلفت أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة جمال عبد الجواد، إلى وجوب النظر إلى الأمر كعملية متصلة ودرجات مختلفة من تطور النظام السياسي.

ويقول في حديثه إلى "العربي" من القاهرة: "ما من نظام سياسي يتطور من الأبيض إلى الأسود بين ليلة وضحاها، وما من تغير من النقيض إلى النقيض".

ويعرب عن اعتقاده بأن هناك عملية بدأت فعلًا وستتواصل من أجل إصلاح سياسي وتوسيع مساحة المجال العام في مصر، بغرض خلق فرصة لمشاركة سياسية ومشاركة في صنع السياسات العامة من جانب عدد أكبر من الأصوات والتيارات السياسية.

ويضيف أن "هذه العملية كلما أخذت بجدية، اتسعت وتعمقت". ويردف بأنها "قد تبدأ الآن ضيقة ومحدودة".

ويعتبر أن الإفراج عن مسجونين، والدعوة إلى الحوار، والتغير في لهجة الخطاب العام، كلها مؤشرات على تغيير". 

ويشير إلى أن المصريين باتت لديهم خبرة سياسية كبيرة بعد كل محاولات التغيير والثورات، من حيث أخذ هذا الأمر بجدية وإدراك أن مسألة الإصلاح والتغيير السياسي عملية طويلة المدى، وليست كبسة زر تغيّر النظم أو تحوّلها من طابع إلى آخر". 

"افتراض حسن النية"

بدوره، يعتبر الأكاديمي والباحث السياسي ولاء بكري أن وجود قناة تواصل بين جبهة من جبهات المعارضة، وقمة الهرم السياسي في مصر، أو الرئيس السيسي شخصيًا، عملية هامة جدًا.

وفيما يلفت في حديثه إلى "العربي" من كامبريدج، إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي عنصر من عناصر إثارة بدء الحوارات، يؤكد أنه ليس الوحيد.

ويقول إنه بغض النظر عن الأسباب، فإننا أمام دعوة علنية من جانب قمة الهرم السياسي في السلطة المصرية إلى حوار وطني وتدعو إليه جميع الأطراف.

ويضيف: "في هذه الحالات، لا نريد أن نسكت الأصوات التي تشكك في جدية هذه الحوار من مبدأ حرية الرأي المطلقة، لكن لا بد أن نفترض حسن النية في إطلاق هذا الحوار".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close