مع تزايد أهمية الطاقات البديلة والمتجددة بالنسبة للاقتصاد العالمي، تعمل دول الخليج على الاستثمار في هذا المجال للاستفادة من الموارد الطبيعة التي تمتلكها ومنها الطاقة الشمسية.
وإذ تعمل تلك الدول على الاستثمار في الوقود الأحفوري، بهدف تخفيف الانبعاثات المضرة للبيئة، تسعى بالتوازي مع ذلك لأن تكون لها الريادة أيضًا في استثمار واستخدام الطاقات المتجددة.
وباتت الطاقات المتجددة محط أنظار العالم، وهدفًا تسعى إليه الكثير من الدول للتخفيف من الانبعاثات الغازية.
وتعد الطاقة الشمسية من أهم الطاقات المتجددة والمستدامة، حيث يعطي العامل الجغرافي للخليج دفعة قوية للاستفادة القصوى من الطاقة الشمسية وحتى الريحية.
وتسعى الدول الخليجية المنتجة للنفط إلى التحضير للتحديات المرتبطة بهيمنة البترول على اقتصادها، والمخاطر الناجمة عن تقلب الأسعار، الأمر الذي يدفعها للتقليل من الاعتماد على النفط بما في ذلك تشجيع الاستثمار في الطاقات البديلة والمستدامة، وتحويل الريع النفطي إلى موارد دائمة، وتنويع مصادر الدخل، ومواجهة التغيرات المناخية.
قفزات تحكمها التغيرات الدولية
وفي هذا الإطار، قال الأكاديمي عبد الرحيم الهور المتخصص بشؤون الطاقة، إن التوجه للطاقة البديلة لا يأتي بشكل مستقل بل في سياق توجهات سياسية واقتصادية واجتماعية متعلقة بالطلب، بمعنى أنها ليست إقليمية فقط بل عالمية، مما يعني أن دول الخليج تجد نفسها مضطرة إلى التحول العالمي لاستخدام الطاقة البديلة.
وأضاف في حديث إلى "العربي": "كان هناك تحول على مستوى إنتاج السيارات، والقطاع الصناعي الذي مر بعدة مراحل من الفحم الحجري إلى البترول إلى الغاز الطبيعي ثم الطاقة البديلة".
ولهذا وفق الهور، فإن "دول الخليج ترى أنها يجب أن تكون من الرياديين في هذا السوق الناشئ في قطاع الطاقة البديلة وإلا سيحصل تراجع على الطلب بالنسبة للطاقة الأحفورية".
وأوضح أن "العالم يستخدم يوميًا تقريبًا 93 مليون برميل طن من البترول، وقد تتراجع الكمية إلى 88 مليون طن عام 2027 مع ازدياد استخدام الطاقة البديلة".
ولفت الهور، إلى أن "قطر بدأت بمشروعين واعدين في مجال الطاقة البديلة، هما مصنع الأمونيا الزرقاء وهو المدخل الأساسي لوقود الهدرجين الذي يعد مكونًا أساسيًا للطاقة البديلة، فضلًا عن كونه نظيفًا ولا يضر البيئة، إضافة إلى مصنع الطاقة الشمسية بالدوحة الذي سيعطي طاقة كهربائية بتكلفة أقل وهذا ما يعني أن له ميزة تجارية يمكن بيعها وهذا ما يجذب قطاعات الصناعات العالمية".
وبيّن عبد الرحيم، أن "الجدوى الاقتصادية هامة في موضوع الطاقة البديلة، خصوصًا في ظل وجود بنية اقتصادية متكاملة".
واستدرك قائلًا: إن الطاقة البديلة عندما تصبح حاجة ملحة للحكومات ستتجه إليها حكمًا، وتزايد الطلب على هذه الطاقة البديلة يدفع الدول للاستثمار في هذه الطاقة النظيفة مدفوعة بعنصر اقتصادي".
وذهب عبد الرحيم للقول: "ستكون هناك قفزات بمنطقة الخليج نحو الطاقة البديلة خلال الفترة الراهنة، كما أن التحولات العالمية ستلعب دورًا في التحول للطاقة البديلة".
ونوه الأكاديمي، إلى أن الربط الدولي هام ولا سيما في ظل اختلاف قدرة الدول على توفير الطاقة من حيث المساحة وتشغيل مدخلات الإنتاج، لذلك فإنه من المهم أن تبدأ الدولة بتأسيس صحيح للطاقة البديلة كي تتمكن لاحقًا من الاستفادة من الربط الدولي".
تحديات حقيقية
بدوره، يؤكد الأكاديمي والباحث العلمي في مركز أبحاث الطاقة والبناء التابع لمعهد الكويت للأبحاث العلمية أسامة الصايغ، أن "في الكويت جرى منذ عام 1970 توطين تكنولوجيا الطاقة المتجددة، وكذلك انصب الاهتمام على البدء باستحداث برنامج نووي قبل أن يتوقف العمل بالبرنامجين لظروف اقتصادية وسياسية".
وأضاف في حديث إلى "العربي" من الكويت، أنه "عام 2000 لجأت الكويت إلى تنويع مزيج الطاقة لديها من الطاقة البديلة ومن الطاقة النووية قبل توقف المشروع عام 2011، لكن هناك هدف يتمثل بالوصول إلى 15% من الطاقة المركبة في توليد الكهرباء خلال 2035".
وأردف قائلًا: "تعد الإمارات من الدول الناشطة بمجلس التعاون في التنفيذ والاستثمار في الطاقة البديلة وتليها المملكة السعودية ثم سلطنة عمّان، وهذا يعكس التحديات التي تواجهها هذه الدول والتي تأخرت في عملية نشر الطاقة البديلة لأسباب تقنية ومؤسسية واقتصادية".
ولفت الصايغ إلى أن "دول الخليج يمكن أن تستثمر بشبكة الربط الخليجي في تصدير الطاقة الشمسية طبقًا للجغرافيا التي تتمتع بها دول الخليج والاستقرار السياسي وخاصة إلى أوروبا والتي يمكن أن تتصل مستقبلًا بإفريقيا".
واعتبر الصايغ "أن قضية دعم الكهرباء للمواطنين في دول الخليج مثل دولة الكويت حيث تصل النسبة إلى 97% يقلل من اتجاه المواطنين إلى الطاقة البديلة".