بين إسرائيل وإيران، سجال صاروخي وأخلاقي أيضًا، تزعم فيه إسرائيل أنّها "المدافعة عن الحضارة" ضد استهداف إيران للمدنيين كما تدعي تل أبيب.
ويقول وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنّ إيران تعدّت ما سماه "الخطوط الحمر"، بعد أن هوت صواريخها على مناطق مدنية.
لكنّ الوقائع تُثبت أن بعضًا من هذه المناطق على الأقل، ليس مدنيًا تمامًا، وأنّ اسرائيل لا تكتفي باستخدام الفلسطينيين دروعًا بشرية، بل تحتمي حتى بمواطنيها في حربها ضد ايران.
فقد وثّق إسرائيلي يهودي إطلاق صاروخ اعتراضي من صواريخ القبة الحديدية، وسط حي سكني في تل أبيب.
وأُرفق الفيديو الذي تداولته حسابات فلسطينية على منصّات التواصل الاجتماعي بتعليق يقول: "اللقطات التي لن ينشرها أحد، منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية تُطلق النار من مناطق مكتظّة بالسكان في تل أبيب لاعتراض الصواريخ الإيرانية".
وتساءلت الحسابات عمّن يستخدم المدنيين دروعًا بشرية حقًا، في إشارة إلى اتهامات إسرائيلية متكرّرة لفصائل المقاومة في قطاع غزة، بتعريض حياة المدنيين للخطر.
لم يُعلّق الجيش الإسرائيلي على المقطع، واكتفى بالترويج لمقاطع قديمة تزعم استهداف المدنيين، مُرفقة بعبارة "اسرائيل تحت القصف".
وتمكّنت وحدة التحقّق من خلال المصادر المفتوحة في "التلفزيون العربي"، من التأكد من صحة المقطع، وتقفّت أثر أول ناشريه على منصّة "فيسبوك"، وحدّدت الموقع الجغرافي للفيديو والمباني السكنية، والمدنية المحيطة.
وتبيّن أنّ المقطع الاصلي حديث، ونُشر في 13 يونيو/ حزيران الحالي، وناشره يحمل اسم رون كوبي.
وبعدما تقصّت وحدة التحقّق في "العربي" هوية كوبي، تبيّن أنّه رئيس سابق لبلدية طبريا ومؤسس حزب "اليمين العلماني" في إسرائيل.
الموقع الجغرافي لوجود القبّة الحديدية
كما حدّد فريقنا الموقع الجغرافي للمقطع وطابق معالمه مع صور الأقمار الاصطناعية، وتمّ توثيقه عند الإحداثيات التالية: 04°32'32.3"N 34°47'13.7"E، وسط تل أبيب في شارع شاؤول هايمليخ.
وشارع شاؤول هايمليخ هو حي مركزي في منطقة تُعرف بـ"مجمع الثقافة"، تضمّ مباني ومقارّ إدارية مدنية، على غرار متحف تل أبيب للفن، ودار الأوبرا، والمكتبة البلدية العامة "بيت أريلا"، ومجمع المحاكم، وبلدية تل أبيب، إضافة إلى موقف سيارات غولدا الكبير.
وحدة التحقق في #التلفزيون_العربي تكشف.. القبة الحديدية تُطلق صواريخ من حي سكني وسط تل أبيب قرب مؤسسات مدنية وسفارات#بوليغراف pic.twitter.com/Unf71ARerM
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) June 17, 2025
وخلص فريقنا إلى أنّ الموقع الجغرافي لبطارية القبّة الحديدية التي أطلقت الصاروخ، يبعد أقلّ من 200 متر عن متحف تل أبيب للفن، وفقًا لقياسات خرائط "غوغل"، وبالمسافة نفسها تقريبًا عن مسرح كامري الشهير.
وتقع في شارع شاؤول هايمليخ عدة مجمعات سكنية، تتنوّع بين أبراج شاهقة ومبان فاخرة أبرزها مجمع "Midtown" السكني.
وتُظهر الخريطة أنّ موقع القبة الحديدية يبعد 451 مترًا فقط عن مئات الوحدات السكنية.
لكن الأمر اللافت الآخر، أنّ الصاروخ لم يُطلق فقط من قرب مبان سكنية، بل خاطر أيضًا بأمن وسلامة مقار بعثات دبلوماسية وسفارات أجنبية. ووفق خرائط غوغل تبعد سفارة التشيك كمثال، عن موقع بطارية القبة الحديدية نحو 480 مترًا.
وسارعت دول أوروبية عديدة، بينها التشيك، إلى التعبير عن دعم إسرائيل مع بداية العدوان العنيف على إيران، لكن لا تعليق حتى الآن من هذه العواصم على ما يشي بقلق لاستخدام الجوار المباشر لمناطق سكنية، وحتى الجوار المُباشر لبعثاتها الدبلوماسية، قواعد لمنصات القبة الحديدية، رغم أنّ هذه المنصّات تُعدّ تلقائيًا هدفًا من أهداف الحرب.