تحوّلت العملات المشفّرة إلى أحد الأصول الحيوية لأوكرانيا في إطار مقاومتها للهجوم الروسي على أراضيها، على الرغم من أن كييف لم تكن تعتبر العملات المشفرة قانونية حتى وقت قصير.
وحصلت كييف على تبرعات بقيمة 100 مليون دولار من العملات المشفّرة منذ بداية الهجوم الروسي عليها.
عام 2019، عُيّن ميخايلو قيدوروف (28 عامًا)، وزيرًا للتحوّل الرقمي، وهي وزارة أُنشأت حديثًا. وكلّفته السلطات الأوكرانية بقيادة الثورة غير الورقية في البلاد.
وذكرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، أنه بعد ثلاث سنوات من تعيين قيدوروف، عرّض الهجوم الروسي النظام المصرفي الأوكراني للخطر، ما دفع الوزير الشاب إلى الدعوة لإضفاء الشرعية الفورية على العملة المشفرة.
فقبل أقلّ من ستة أشهر على الهجوم، استخدم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حق النقض (الفيتو) ضد قانون يشرّع التشفير الذي أقرّه البرلمان، بحجة أن إنشاء وكالة حكومية جديدة للعملات المشفّرة سوف يكون مكلفًا للغاية.
ولكن الأوقات العصيبة تتطلب اتخاذ تدابير صارمة. وبالفعل أعلن نائب وزير التحول الرقمي أليكس بورنياكوف، في 16 مارس/آذار الجاري، أن زيلينسكي قد وقّع على التشريع الخاص بالأصول الرقمية.
تدفّق التبرعات
وانطلقت دعوة التبرع بالعملات المشفّرة لأوكرانيا على وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تصبح موقعًا إلكترونيًا سهل الاستخدام، تحت عنوان: "ساعد أوكرانيا، ولا تتركنا وحدنا مع العدو". ويحتوي الموقع على روابط لإرسال عملات مختلفة، أو تحويل النقود التقليدية إلى حساب جمع التبرعات للبنك المركزي في البلاد.
وتدفّقت التبرّعات إلى المحفظة المشفرة الحكومية من العديد من العملات الرقمية، بما في ذلك "بتكوين" و"إيثريوم" و"تيثر"، وحتى "دوجكوين".
وقال مزوّد تحليل تقنية "البلوك تشين"، المعروف باسم "Elliptic" ومقره لندن: إنّ التبرعات تضمّنت صفقة واحدة بقيمة 1.86 مليون دولار يبدو أنها جاءت من عائدات بيع رمز غير قابل للاستبدال "NFT".
تحذير من الاحتيال
لكن مجموعة "Elliptic" حذّرت من أنها حدّدت عمليات احتيالية لجمع الأموال المشفّرة، مشيرة إلى أن بعض القراصنة والمحتالين ربما يستغلون الموقف و"يخدعون الأشخاص الراغبين في التبرع لأوكرانيا".
لكن هذا لم يمنع الأموال من التدفق. وأفادت وزارة التحول الرقمي بأن التبرعات بالعملات المشفرة ساهمت في دعم برامج المساعدات الإنسانية والقوات المسلحة الأوكرانية.
وسيظل جزء من التبرعات رقميًا، بينما يتم تحويل البعض الآخر إلى أموال تقليدية، وتحويلها إلى البنك الوطني الأوكراني.
ومن المرجح أن يرحب الأوكرانيون الذين كانوا يبحثون عن أنظمة مصرفية بديلة، خاصة أثناء الحرب، بإضفاء الشرعية على النقود الرقمية.
وقال عبد الرحمن بابير، مؤسس شركة "كوردكوين"، وهي بورصة عملات مشفرة في إقليم كردستان العراق للصحيفة البريطانية: "خلال الحروب، سوف تتعطّل خدمات البنوك، ولن تعمل كالمعتاد. وبالتالي، لن يثق عدد كبير من الناس بالبنوك، وسيفضلون العملات المشرفة، نظرًا إلى سهولة تخزينها في هواتفهم الخاصة، مما يجعلها وسيلة موثوق بها للحفاظ على القيمة المادية بشكل أفضل مما لو وضعته في حساب مصرفي لا تتحكم فيه".
ومع ذلك، طمأن محافظ البنك المركزي الأوكراني كيريلو شيفتشينكو، مواطني بلاده في وقت سابق من هذا الشهر، بأن النظامين المصرفي والمالي في البلاد لا يزالان يعملان.
وقال إن البنك المركزي: "يفعل كل ما هو ضروري لضمان استمرارية المدفوعات النقدية وغير النقدية والتشغيل السلس للنظام المصرفي للدولة بموجب الأحكام العرفية".
واعتبرت الصحيفة أنه بالنسبة إلى مجتمع العملة المشفّرة في أوكرانيا، فإن أفضل طريقة للمضي قدمًا بالاقتصاد هي التشفير، وإذا تم تنفيذها بشكل صحيح فسوف تستمر لفترة طويلة بعد انتهاء الحرب مع روسيا.
وفي هذا الصدد، قال مؤسس بورصة "كونا" الأوكرانية للتشفير مايكل تشوبانيان، لوكالة "فرانس برس": "عندما نفوز في الحرب سنعيد بناء أوكرانيا باستخدام تقنية بلوك تشين، فلقد ساعدنا التشفير جميعًا".