السبت 26 نيسان / أبريل 2025
Close

العنف الطائفي في سوريا.. تاريخ دموي حافل قبل أحداث الساحل

العنف الطائفي في سوريا.. تاريخ دموي حافل قبل أحداث الساحل محدث 22 آذار 2025

شارك القصة

بدأت مجازر الأسد الطائفية تُرتكب منذ عام 2011 لتقتل آلاف الضحايا طعنًا وذبحًا وحرقًا ورميًا بالرصاص  - غيتي
بدأت مجازر الأسد الطائفية تُرتكب منذ عام 2011 لتقتل آلاف الضحايا طعنًا وذبحًا وحرقًا ورميًا بالرصاص - غيتي
الخط
لم تبدأ الطائفية في سوريا مع أحداث الساحل، ولا بعد سقوط نظام الأسد، ولا عند انطلاق الثورة السورية عام 2011، بل منذ استولى حافظ الأسد عل السلطة في البلاد.

رغم أنّها أعادت إلى الأذهان مشاهد من العنف الطائفي في سوريا، إلا أنّ أحداث الساحل لم تكن سوى قنبلة موقوتة تأجل انفجارها نحو ثلاثة أشهر بعد سقوط نظام الأسد، فما حدث خلال نحو 14 عامًا كان من المُستبعد أن ينتهي وتطوى صفحته بين ليلةٍ وضحاها.

ففي 8 ديسمبر/ كانون الأول عام 2024 سقط نظام بشار الأسد، بعد معركةٍ خاضتها فصائل المعارضة المسلحة تحت اسم "ردع العدوان"، لتنهي عقب 11 يومًا من بدئها حكم حافظ وبشار الأسد الممتد منذ 53 عامًا، وتعلن انتصار الثورة بعد تعرّض الشعب السوري لأشنع طرق القتل وأعنفها على يد نظام الأسد منذ انطلاقته في مارس/ آذار عام 2011.

ولكن أين اختفت قوات نظام الأسد بعد سقوطه؟ سؤال كبير بقيت إجابته غير واضحة نحو ثلاثة أشهر، حيث كانت الوقائع تشير إلى أنهم بين قتيل وأسير وهارب خارج البلاد ومطارد داخلها، وأن معظم المطاردين خضعوا لعملية تسوية أطلقتها إدارة الأمن العام بعد سقوط النظام، وعليه فإن المتبقين منهم داخل البلاد ليسوا سوى مجرد فلول، بأعداد محدودة، متفرقين هنا وهناك.

هذا الاستنتاج نُسف بعد 6 مارس/ آذار عام 2025، حين أطلق عناصر موالون لنظام الأسد عملية عسكرية تسلَّلوا خلالها إلى مناطق عديدة ومراكز مدن رئيسة في الساحل السوري، حيث تم رصد انتشار أعداد كبيرة منهم تفوق 4 آلاف مسلّح في محافظتي طرطوس واللاذقية، لتصبح إجابة ذلك السؤال أكثر وضوحًا، وتنفجر تلك القنبلة الموقوتة بهذه العملية التي تبعها إعلان وزارة الدفاع السورية حملةً عسكريةً لبسط السيطرة على الساحل، تزامنًا مع دعوات أهلية وعشائرية للنفير العام من كل حدبٍ وصوب.

اندلعت المعارك، لكنّها أخذت سريعًا منحى طائفيًا، قد تتفاوت أسبابه المباشرة، بين احتضان الساحل لآلاف الخارجين عن القانون، أو استنفار القوى الأمنية، أو حالة الانفعال والحماسة الزائدة لدى البعض، لكنّها تعكس في مكانٍ ما حالة من التجييش لم تبدأ الآن، وإنما منذ عام 2011 مع ارتكاب الأسد مجازر طائفية قتلت آلاف الضحايا طعنًا وذبحًا وحرقًا ورميًا بالرصاص.

المجازر الطائفية في سوريا.. نهج الأسد لتثبيت حكمه

لم تبدأ الطائفية في سوريا مع أحداث الساحل، ولا بعد سقوط نظام الأسد، ولا عند انطلاق الثورة السورية عام 2011، بل سبقت ذلك بكثير، وتحديدًا بعد عام 1970، حين استولى حافظ الأسد على السلطة في سوريا، وأعطى أبناء الطائفة العلوية امتيازات واسعة، وبنى جيشًا وأجهزة أمنية على أساس طائفي، معززًا النفوذ العلوي وصولًا إلى السيطرة على مفاصل الدولة.

هذا النهج بدأه حافظ الأسد في السبعينيات، وحافظ عليه وريثه بشار من بعده، ليستخدمه على نطاق واسع بعد اندلاع الثورة السورية، وليربط زوال الطائفة العلوية بأكملها بزواله، ويخوّف أبناءها من الاحتجاجات الشعبية، ويوهمهم عبر وسائل إعلامه ومسؤوليه بأن هدفها إبادة العلويين، ليؤدي هذا الخطاب إلى ترسيخ الطائفية في النفوس والعقول، وليستخدمها بعد ذلك في تثبيت أركان حكمه.

وقد أدّى هذا الضخ الإعلامي وغيره من أنواع التجييش إلى ارتكاب 50 مجزرة طائفية على يد قوات نظام الأسد المدعومة بالميليشيات المحلية والأجنبية، التابعة لها، حيث استُخدمت فيها أشنع طرق القتل، من الذبح بالسكاكين إلى الطعن بحراب البنادق والسواطير، مرورًا بقطع الرؤوس، وليس انتهاءً بالإعدام الميداني بالرصاص، ثم حرق الضحايا بعد ذلك، لتقتل النيران من بقي في جسده بقايا روح، ولتشمل عمليات القتل الأطفال والنساء والمسنين، وليذهب ضحيتها نحو 3 آلاف مدني، تبعها عمليات حرق وتنكيل بالجثث، ورافقها عمليات اغتصاب للنساء، ونهب وسرقة وتخريب للمنازل، حسب توثيق الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

وكان لمدينة حمص النصيب الأكبر من المجازر، حيث ارتُكبت فيها 22 مجزرة، راح ضحيتها 1030 مدنيًّا، بينهم 209 أطفال و200 سيدة، تلتها محافظتا حلب وحماة بواقع 8 مجازر في كل منهما، إذ قُتل في حلب 411 مدنيًّا، بينهم 63 طفلًا و34 سيدة، بينما قُتل في حماة 197 مدنيًّا، بينهم 21 طفلًا و20 سيدة، فيما جاءت محافظة ريف دمشق بعدهم بـ5 مجازر، قُتل فيها 631 مدنيًّا، بينهم 120 طفلًا و113 سيدة.

أما محافظات طرطوس وإدلب ودرعا، فشهدت كلٌ منها مجزرتين، حيث قُتل في طرطوس 473 مدنيًّا، بينهم 98 طفلًا و75 سيدة، بينما قُتل في إدلب 35 مدنيًّا، بينهم 7 أطفال و8 سيدات، وقُتل في درعا 59 مدنيًّا، بينهم 6 أطفال و10 سيدات، فيما شهدت محافظة دير الزور مجزرة واحدة قُتل فيها 192 مدنيًّا.

رغم مسؤولية نظام الأسد عن النسبة الساحقة من المجازر الطائفية في سوريا، إلا أن أطراف النزاع الأخرى ارتكبت عددًا محدودًا من المجازر الطائفية والعرقية، ثلاثة منها على يد تنظيم الدولة، وأربعة اشترك بها طرف أو أكثر من فصائل المعارضة المسلحة، وثلاثة على يد قوات الإدارة الذاتية الكردية وحملت صبغة عرقية

وإذا جئنا إلى المجزرة الأكثر دموية، فكانت على أرض الساحل السوري، وتحديدًا في مدينة بانياس، حيث شهدت منطقتا البيضا ورأس النبع، في مايو/ أيار عام 2013، عمليات قتل بالرصاص وذبح بالسكاكين والسواطير وضرب بالحجارة لعوائل بأكملها، تبعها حرق وتقطيع وتشويه للجثث، حيث عثر الأهالي على أقدام أطفال صغار تم قطعها بالسكاكين، ليذهب ضحية ذلك 459 مدنيًّا، بينهم 92 طفلًا و71 امرأة، إضافةً إلى عشرات المفقودين والمخطوفين.

كما شهدت محافظة حمص أربع مجازر ضخمة من أصل 22 وقعت فيها، حيث قُتل في هذه المجازر الأربع ما يزيد عن 600 مدنيّ، أي أكثر من نصف عدد الضحايا الإجمالي البالغ 1030 مدنيًّا.

المجزرة الأولى وقعت في أحياء الرفاعي والعدوية وكرم الزيتون بمدينة حمص، في مارس/ آذار عام 2012، وقُتل فيها 224 شخصًا بينهم 44 طفلًا و48 سيدة، إضافةً إلى تسجيل عمليات اغتصاب للنساء، وحرق وتشويه للجثث.

وشهد حي دير بعلبة مجزرة كبيرة، في أبريل/ نيسان عام 2012، راح ضحيتها 200 مدني، بينهم 21 طفلًا و20 سيدة، ورافقها عمليات اغتصاب واسعة للنساء.

أما المجزرة الثالثة، فتعرضت لها قرى الحولة، في مايو/ أيار عام 2012، حيث تم تكبيل أيدي الأطفال وتجميع الرجال والنساء، ثم ذبحهم بحراب البنادق والسكاكين، ثم رميهم بالرصاص، ليُقتل فيها 107 أشخاص، بينهم 49 طفلًا و32 سيدة.

كما شهدت قرية الحصوية مجزرة ضخمة، في يناير/ كانون الثاني عام 2013، قُتل فيها 108 مدنيين، بينهم 25 طفلًا و17 سيدة، منهم عائلات بأكملها، حيث ارتكبت عمليات القتل فيها رميًا بالرصاص وذبحًا بالحراب والسواطير، كما تبعها إحراق وتمثيل وتشويه للجثث، وكان من مشاهدها الصادمة أن عُلّقت بعض الجثث على أشجار في الطرقات وأسياخ تستخدم لذبح الحيوانات، كما عُثر على جثث مقطوعة الرأس، وجثة طفل مقلوعة العينين، وجثة رضيع داخل مدفأة، واغتُصبت سيدة أمام أطفالها.

أما أضخم مجزرة في محافظة حلب، فشهدتها قرية رسم النفل، في يونيو/ حزيران عام 2013، حيث نُفّذت فيها عشرات عمليات القتل الجماعي للنساء والأطفال والرجال والعجائز، ليبلغ مجموع القتلى نحو 192 مدنيًّا، بينهم 27 طفلًا و21 سيدة، فيما تعرّضت بلدة جديدة الفضل بمحافظة ريف دمشق في أبريل/ نيسان عام 2013، لعمليات إبادة جماعية طالت عوائل بأكملها، استُخدم فيها إلى جانب الرمي بالرصاص، طرق قتل بدائية كالرمي بالحجارة والذبح بالسكاكين، مما أدى إلى مقتل 191 شخصًا، بينهم 9 أطفال و8 سيدات، إضافة إلى عشرات المفقودين والمختفين قسريًّا.

هذا وشهد حيّا الجورة والقصور في مدينة دير الزور مجزرة، بين 27 سبتمبر/ أيلول و3 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2012، قُتل فيها 192 مدنيًّا، بينهم 12 سيدة و7 أطفال.

هذه المجازر كانت جزءًا من 50 مجزرة ارتكبتها قوات الأسد والميليشيات التابعة لها على أساس طائفي، فيما كانت الـ50 مجزرة جزءًا من منظومة القتل التي انتهجها نظام الأسد لسحق الانتفاضة الشعبية على مدار 14 عامًا، مستخدمًا أشنع طرق القتل وأعنفها، كالرصاص الحي، والبراميل المتفجرة، والأسلحة الكيماوية والحارقة، والقنابل العنقودية، والمسيّرات الانتحارية، وزرع الألغام،  والتجويع، والاعتقال ثم الإخفاء القسري ثم القتل تحت التعذيب، والمفخخات وغير ذلك، لتترك هذه المأساة جراحًا عميقةً لم تلتئم حتى بعد سقوطه.

أسفرت مجزرة الحولة عن مقتل أكثر من 107 أشخاص، بينهم 49 طفلًا و32 سيدة - غيتي
أسفرت مجزرة الحولة عن مقتل أكثر من 107 أشخاص، بينهم 49 طفلًا و32 سيدة - غيتي

مجازر طائفية وعرقية أفرزتها الحرب

رغم مسؤولية نظام الأسد عن النسبة الساحقة من المجازر الطائفية في سوريا، إلا أن أطراف النزاع الأخرى ارتكبت عددًا محدودًا من المجازر الطائفية والعرقية، ثلاثة منها على يد تنظيم الدولة، وأربعة اشترك بها طرف أو أكثر من فصائل المعارضة المسلحة وجبهة النصرة وتنظيم الدولة، وثلاثة على يد قوات الإدارة الذاتية الكردية وحملت صبغة عرقية، ليكون محصلة المجازر الطائفية والعرقية في سوريا 60 مجزرة، 50 منها على يد قوات نظام الأسد، و10 على يد جميع الأطراف الأخرى، وفقًا لتقرير الشبكة السورية الصادر في 14 يونيو/ حزيران 2015.

فقد قُتل 14 مدنيًّا رميًا بالرصاص في قرية حطلة ذات الغالبية الشيعية شرق مدينة دير الزور في 12 يونيو/ حزيران عام 2013، على يد فصائل من المعارضة المسلحة وجبهة النصرة.

كما قُتل 10 مدنيين رميًا بالرصاص في بلدة صدد ذات الغالبية المسيحية جنوب محافظة حمص في 21 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2013، على يد فصائل من المعارضة المسلحة وجبهة النصرة وتنظيم الدولة.

وقُتل 22 مدنيًّا في قرية مكسر حصان ذات الغالبية العلوية شرق محافظة حمص في 14 سبتمبر/ أيلول عام 2013، على يد جبهة النصرة.

كما قُتل 132 مدنيًّا في عدة قرى ذات غالبية علوية بريف محافظة اللاذقية في 4 أغسطس/ آب عام 2013، على يد فصائل من المعارضة المسلحة وجبهة النصرة وتنظيم الدولة.

أما تنظيم الدولة، فمجازره الثلاث ارتكبها في عامي 2014-2015، وكانت في قرية التليلية ذات الخليط الإيزيدي السني بمحافظة الحسكة وقريتي المزيرعة والمبعوجة ذات الغالبية الإسماعيلية بمحافظة حماة، متسببةً جميعها بمقتل 58 شخصًا.

وفيما يخص المجازر الثلاث المرتكبة من قبل قوات الإدارة الذاتية الكردية على أساس عرقي، فقد وقعت خلال عامي 2013 و2014 في مناطق الأغيبش والحاجية وتل خليل وتل براك ذات الوجود العربي الكثيف بمحافظة الحسكة، وذلك بعد اقتحامها وتنفيذ عمليات إعدام بالرصاص الحي، حيث قُتل فيها جميعًا نحو 91 شخصًا.

أحداث الساحل.. ماذا حصل؟

مما لا شك فيه أن قوات الأمن السوري استطاعت حماية المواطنين المنتمين للطائفتين العلوية والشيعية في مدن حماة وحمص واللاذقية وطرطوس من عمليات قتل واسعة على أساس طائفي، وذلك منذ سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول عام 2024 حتى 5 مارس/ آذار عام 2025، أي نحو ثلاثة أشهر.

لكنَّ ما بعد 6 مارس/ آذار ليس كما قبله، حيث تعرّضت قوات الأمن السوري في اللاذقية وطرطوس لسلسلة من الهجمات والكمائن المتزامنة من قبل عناصر موالين لنظام الأسد، وقع إثرها عشرات القتلى والجرحى والأسرى الذين نُفّذت بحقهم إعدامات ميدانية فيما بعد، إضافةً إلى انتشار العناصر على امتداد مساحات واسعة في الساحل السوري.

هذا الحدث الأضخم من نوعه منذ سقوط نظام الأسد، أعاد إلى أذهان السوريين زمن حكم الأسد، وسجن صيدنايا، والبراميل المتفجرة، والاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، والقتل تحت التعذيب، فخرج آلاف المتظاهرين في مختلف المدن السورية، مطالبين بالنفير العام والقضاء على الميليشيات الموالية للأسد والثأر لدماء ضحايا قوات الأمن العام.

وصارت حالة استنفارٍ عامةٍ تحركت معها الأرتال نحو الساحل السوري، قادمةً من عدة مدن وبلدات، واندلعت اشتباكات عنيفة ومعارك في عدة مناطق، خاضتها قوات الأمن رفقة فصائل عسكرية وجماعات مدنيّة مسلحة ضد فلول الأسد، مما عقّد مهمة ضبط تصرّفات جميع العناصر التابعة وغير التابعة للأمن العام، لتُرتكب خلال ذلك عمليات قتل على أساس طائفي وعمليات إعدام لأسرى من الفلول مجرّدين من سلاحهم.

كانت الحصيلة على خلفية هذه الأحداث، مقتل نحو 639 شخصًا، بينهم مدنيون وعناصر من فلول الأسد منزوعي السلاح، حسب توثيق الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

أعادت أحداث الساحل السوري إلى الأذهان زمن حكم الأسد، وسجن صيدنايا، والبراميل المتفجرة وغيرها - رويترز
أعادت أحداث الساحل السوري إلى الأذهان زمن حكم الأسد، وسجن صيدنايا، والبراميل المتفجرة وغيرها - رويترز

رغم وقوع عمليات قتل على أساس طائفي، إلا أن عمليات إعدام واسعة ارتُكبت على أساس المشاركة بالمعارك أو العثور على أسلحة داخل المنازل أو وجود محادثات وصور على الهواتف تُثبت تورّط أصحابها، وحينها لا تندرج التصفية ضمن التطهير الطائفي وإن كانت تُعد انتهاكًا للقانون.

ولعلَّ صعوبة الفصل بين الحالتين خلال التوثيق، تكمن في عدم ارتداء العناصر الموالين للأسد زيًّا عسكريًّا إذ يرتدون ملابس مدنيّة في حالات عديدة. كما رافقت أحداث الساحل حملة تضليل واسعة، شملت استخدام مقاطع قديمة، بعضها لمجازر نظام الأسد، وبعضها في بلدان أخرى، مع نعي عائلات وأشخاص كذّبوا لاحقًا خبر مقتلهم، حيث كشفت منصتا مسبار وتأكد عشرات الأخبار المُضللة، لكنهما في الوقت نفسه أثبتتا صحة عدة فيديوهات توثّق عمليات قتل في الساحل السوري.

ورجّح آخرون أن تكون بعض عمليات القتل المنسوبة للدولة السورية من صنيعة فلول نظام الأسد، لزرع الفتنة والانقسام في المجتمع السوري، خاصةً أن بعض ضحايا هذه العمليات كانوا من المعارضين السابقين لنظام الأسد، كما أن بعض الفلول يرتدون زي الأمن العام، مما يثير تساؤلات حول هدفهم من ذلك.

يضاف إلى هذه القرائن أن قائد ميليشيا درع الساحل مقداد فتيحة سبق وأن هدد أبناء طائفته المعارضين لتصرفاته بـ"الحساب العسير"، مؤكدًا بأنه على دراية بأسمائهم وحساباتهم على منصات التواصل الاجتماعي وأماكن وجودهم وجميع المعلومات المتعلقة بهم، علمًا أن فلول الأسد ارتكبوا عمليات قتل واسعة على أساس طائفي، مستهدفين السيارات التي تحمل نمرة إدلب والنساء المحجبات، حيث قتلوا 231 مدنيًّا و213 عنصرًا من قوات الأمن العام.

لجميع ما سبق من تعقيدات وتعدد أطراف، كان من الضروري أن يكون هناك تثبّت وتحقق في كل حالة من حالات القتل والانتهاكات، لذلك أعلنت رئاسة الجمهورية العربية السورية تشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري، ثم قررت تشكيل لجنة عليا للحفاظ على السلم الأهلي، تبعهما إلقاء القبض على 6 عناصر ثبت ارتكابهم انتهاكات بحق المدنيين.

ومنعت قوات الأمن السوري من تكرار أحداث الساحل في الأحياء ذات الغالبية العلوية بمدينة حمص، ومما ساعدها على ذلك قدرتها على التحرّك والسيطرة دون تعرضها إلى كمائن وهجمات كما حدث في الساحل، لتشكّل حائطًا بشريًّا في حي الحضارة وتحمي العلويين من أي هجمات انتقامية، خاصةً وأن محافظة حمص كانت صاحبة العدد الأكبر من المجازر الطائفية على يد نظام الأسد وميليشياته.

تابع القراءة

المصادر

خاص موقع التلفزيون العربي
تغطية خاصة