الجمعة 19 أبريل / أبريل 2024

القمة العربية الصينية بالرياض.. هل بدّلت دول الخليج حليفها الإستراتيجي؟

القمة العربية الصينية بالرياض.. هل بدّلت دول الخليج حليفها الإستراتيجي؟

Changed

برنامج "للخبر بقية" يبحث في مآلات التقارب الصيني العربي وخلفياته في الرياض (الصورة: غيتي)
سجلت العلاقات الصينية العربية اختراقًا في الرياض، وسط سعيٍ صيني لمدّ الاستثمارات عبر حزام بكين الاقتصادي، في ظل موقف أميركي مُنتقد.

ذهب اللقاء الصيني العربي بحسب البيانات المتتابعة للقمم الثلاث نحو بوابة الاقتصاد، التي ترى فيها بكين اليوم "قوة ناعمة" كفيلةً بمدّ استثماراتها بدل بارجاتها وسفنها الحربية، وكل هذا ينبثق من رؤية المبادرة الصينية "حزامٌ واحد طريقٌ واحد". 

فقد برز في قمم الصين والعرب بالرياض، حضورٌ قويّ للتنمية ومشاريع الطاقة، في اختراق بمستويات العلاقة بين الجانبين وسط سعيٍ صيني لمدّ الاستثمارات عبر حزام بكين الاقتصادي.

ولم يأت في هذه القمم ما من شأنه "إزعاج" واشنطن، رغم تحوّل هذه الأخيرة نحو التحلّل من ارتباطها الأمني بمنطقة الشرق الأوسط، ووضع ثقلها في مواجهة تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، فضلًا عن تدني مستوى العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية عقب زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الأخيرة.

ازدهار العلاقات الصينية الخليجية

هذا وتزداد العلاقات الاقتصادية الصينية – العربية وخاصةً الخليجية نموًا عامًا بعد الآخر، وفقًا لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، الذي يؤكد أن الصين تعدّ الآن أكبر شريكٍ تجاري للسعودية.

وهذا ما أكّده وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله بأن الشراكة الإستراتيجية مع الصين "مهمّة للغاية وتسعى المملكة إلى تعزيزها".

في الوقت نفسه، أكّد الوزير أن السعودية يجب أن تكون منفتحةً على التعاون مع الجميع. فلا يختلف اثنان أن القمة الصينية – العربية والأولى من نوعها، تكتسب أهمية كبرى خاصةً وأنها تأتي في زخم أحداثٍ عالميةٍ ساخنة وبالغة التعقيد.

وفي مقدمة هذه الأحداث، الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا وآثاره على الاقتصاد العالمي خاصةً سلاسل التوريد، لا سيما في المنطقة العربية التي تحتاج دولها أكثر من أي وقتٍ مضى إلى تعزيز شراكاتها في العالم، في وقتٍ يتحوّل الكوكب نحو العسكرة والتحشيد مع تنامي التهديدات باندلاع مواجهات عسكرية أشدّ وطأةً من التي تشتعل في قلب أوروبا.

التوجّه العربي شرقًا

ومتابعةً لهذا الملف، يلفت سليمان العقيلي الباحث في الشؤون السياسية إلى أن البيانات العربية الصادرة من قمم الرياض اليوم تحرص جميعها على أن الشراكة العربية الصينية هي قديمة وليست ردّ فعل أو تبديل حليف بآخر.

فيرى العقيلي أن التقدير العربي للعلاقات مع الصين، هو استمرارية للشراكة التي انطلقت مع بداية الألفية، مستبعدًا في هذا الإطار أن تكون قمة الرياض رسالة سياسية لواشنطن أو غيرها.

في المقابل، يتطرق الباحث السعودي إلى البيان الختامي للمؤتمر العربي الصيني، الذي توافق فيه العرب والصينيون على التعاون السياسي والتنسيق في المحافل الدولية، فيقول: "وكأن الدول العربية وجدت نصيرًا لها بمجلس الأمن، يمكن أن يحميها من أي غائلة من غوائل الغرب". 

ويردف العقيلي لـ"العربي": "لا أعتقد أن الولايات المتحدة خفّفت من التزاماتها الأمنية في الخليج، بل قالت لشركائها في المنطقة بشكل واضح: احموا أنفسكم وإمكاناتكم".

أهمية التقارب مع الصين للمنطقة العربية

ومن بكين، يتطرق جاو تشيكاي رئيس الجمعية الصينية للدراسات الدولية إلى رسالة الرئيس الصيني شي جين بينغ التي نشرت في الصحف المحلية الصينية، والتي ذكر فيها أن التعاون العربي الصيني يعود إلى نحو 2000 عام.

ويلحظ تشيكاي، أنه على مدار القرون الماضية كان التعاون بين الصين والعالم العربي حاضرًا، واليوم تتعامل الصين مع كل الدول العربية "كشريك متساوٍ".

ويضيف في حديثه مع "العربي": "وحتى إذا كان هناك نفوذٌ متزايد للاقتصاد الصيني، فإن بكين في وضعٍ يسمح لها بأن تتعامل مع كل الدول العربية، وكل منها على حدة، بأسلوبٍ شاملٍ وتعاوني. وهذا ينطبق على مختلف القطاعات من الطاقة إلى البنية التحتية والميدان المالي والتكنولوجي وحتى في القطاع العسكري والدفاعي".

كما، ينوّه رئيس الجمعية الصينية للدراسات الدولية إلى أن الصن "تدعم بلا قيود" الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، فضلًا عن كونها حليف داعم وقوي لكل الدول العربية في حقوقها المشروعة.

وعن أهمية هذا الدعم، يقول تشيكاي: إن الصين هي دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وثاني أكبر اقتصاد في العالم، "وكل ذلك يصب في مصلحة المنافع المتبادلة للصين مع الدول العربية".    

أهداف المشروع الصيني  

أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت عبدلله الشايجي، فيضع العلاقات الخليجية العربية الصينية بسياق أن بكين تقدم نفسها على أنها دولة يمكن أن تعامل مع القضايا العربية، ولديها مشروع الحزام الضخم الذي يشمل 138 دولة التي تأمل من خلاله في أن تكون نموذجًا للدولة المتطورة.

ومن هذا المنطلق ينظر الشايجي إلى اهتمام الصين بالمنطقة العربية وإقامة المؤتمرات الثلاثة، ويعتبر أنها تعطي دول الخليج والسعودية بالتحديد قيادة النظام العربي.

فيقول أستاذ العلوم السياسية: "الصين ليست مهتمة في أن تكون قوة عسكرية، أو قوة رديفة، بل تريد بالقوة الناعمة من خلال الاستثمارات والتكنولوجيا وشراكاتها الاقتصادية، بأن يكون نموذجها الاشتراكي الشمولي ناجحًا ويشكّل للدول الأخرى مثالًا ناجحًا".

كذلك، تأتي المبادرة الصينية كجزء من التحالف مع روسيا لتشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب، بحسب الشايجي.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة