الأربعاء 21 مايو / مايو 2025
Close

القوة الصامتة.. كيف رسمت الدبلوماسية العلاقات الدولية في خدمة السلام؟

القوة الصامتة.. كيف رسمت الدبلوماسية العلاقات الدولية في خدمة السلام؟ محدث 24 نيسان 2025

شارك القصة

تضع اتفاقيات فيينا أسس التعامل الدبلوماسي بين الدول- غيتي
تضع اتفاقيات فيينا أسس التعامل الدبلوماسي بين الدول - غيتي
الخط
مرّت الدبلوماسية بمراحل عدة وصولًا إلى الدبلوماسية الحديثة التي أرستها اتفاقيات فيينا منذ عام 1961 وشكلت المعاهدات عبر التاريخ سبيلًا لإنهاء النزاعات.

في خضم عالم يضج بالصراعات والتوترات، تبقى الدبلوماسية طوق النجاة الأخير، والسبيل لبناء الجسور بين وجهات النظر المختلفة. ويمثل 24 أبريل/ نيسان اليوم العالمي للتعددية والدبلوماسية من أجل السلام. وقد اعتمدته منظمة الأمم المتحدة في 12 ديسمبر/ كانون الأول 2018. 

ويشكّل هذا اليوم مناسبة للتأكيد على دور الدبلوماسية في إنهاء النزاعات ورسم العلاقات بين الدول، إذ تقرّ الأمم المتحدة أنّ "منع نشوب النزاعات لا يزال جانبًا من عمل المنظمة لا يحظى بالاهتمام الكافي". وتؤكد على أهمية الدبلوماسية الوقائية في تسوية النزاعات سلميًا ومنع تحول الخلافات إلى نزاعات أو حروب. 

مصطلح الدبلوماسية

يعود مصطلح الدبلوماسية إلى العصر اليوناني، حيث اشتُقت الكلمة من الفعل اليوناني "ديبلون"، الذي يعني "طَوَّى". وكانت الوثائق الرسمية مثل وثائق السفر، تُكتب على ألواح معدنية وتطوى على بعضها البعض. وكانت هذه الوثائق تُعرف باسم "دِبلُوما". ثم أصبحت وثيقة رسمية تُشير إلى الاتفاقيات الدولية، وتطورت في نهاية المطاف إلى ممارسة العلاقات الدولية.

يأتي الدليل على الدبلوماسية المبكرة من الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط والصين والهند، إذ تعود سجلات المعاهدات بين دول المدن في بلاد ما بين النهرين إلى حوالي عام 2850 قبل الميلاد.

بعد ذلك، أصبحت اللغة الأكادية (البابلية) أول لغة دبلوماسية، وكانت اللغة الدولية للشرق الأوسط حتى حلت محلها الآرامية. وُجدت مراسلات دبلوماسية من القرن الرابع عشر قبل الميلاد بين البلاط المصري وملك حثّي على ألواح مسمارية باللغة الأكادية - وهي لغة أيٍّ منهما.

وكانت أقدم المعاهدات التي بقيت نصوصها الكاملة، والتي تعود إلى حوالي عام 1280 قبل الميلاد، بين رمسيس الثاني ملك مصر وقادة حثيين. وهناك أدلة مهمة على الدبلوماسية الآشورية في القرن السابع، وخاصة في الكتاب المقدس، على علاقات القبائل اليهودية مع بعضها البعض ومع الشعوب الأخرى.

في القرن الثامن، ونتيجةً لتدويل الأرشيفات والأهمية الممنوحة لها، تحولت إدارة الأرشيف من إدارة الوثائق إلى إدارة العلاقات الدولية. ومع ذلك، لم تظهر الدبلوماسية كإدارة للعلاقات الدولية إلا عام 1792 عندما ابتكر الفيلسوف الإنكليزي جيريمي بنثام مصطلح "الدولي".

تُعدّ ألواح تل العمارنة، التي اكتُشفت في مصر عام 1887، أقدم السجلات المعروفة للنظام الدولي القديم، وفقًا للمعهد الدبلوماسي العالمي. وتضمنت هذه السجلات رسائل الاتصالات الدبلوماسية بين الفراعنة وملوك سوريا وفلسطين وبابل وآشور وكنعان وحطّي وميتاني وممالك صغيرة أخرى في الشرق الأدنى، حوالي القرن الرابع عشر قبل الميلاد. 

وبعد معركة قادش عام 1274 قبل الميلاد، وقّع الفرعون وحاكم الإمبراطورية الحيثية معاهدة سلام على لوح حجري، تُعتبر أجزاء منه دليلاً على أقدم اتفاقية سلام دولية معروفة. 

التقليد الدبلوماسي الأوروبي

وتطور التقليد الدبلوماسي الأوروبي، الذي أصبح في نهاية المطاف دبلوماسية حديثة من التقاليد الدبلوماسية للدول المدن اليونانية، والدول المدن الإيطالية، والرومان، والفرنسيين. فقبل ظهور النظام اليوناني، كان التواصل بين الممالك يعتمد على الرسل والقوافل التجارية. 

كما أدخل النظام الإيطالي بعثات مقيمة داخل المدن الإيطالية وفي جميع أنحاء أوروبا في العصور الوسطى.  أما الفرنسيون، فقد حوّلوا الدبلوماسية إلى مهنة، على الرغم من معاناتها من السرية المفرطة، والتعيينات الوراثية، والتعصب المحلي.

وبحسب موسوعة "بريتانيكا"، أُسست أول وزارة خارجية حديثة عام 1626 في فرنسا على يد الكاردينال ريشيليو الذي رأى أن الدبلوماسية عملية تفاوض مستمرة، مجادلاً بأن الدبلوماسي يجب أن يكون له سيد واحد وسياسة واحدة. أنشأ وزارة الشؤون الخارجية لمركزية السياسة وضمان سيطرته على المبعوثين بينما يسعى إلى تحقيق مصلحة الدولة. 

رفض ريشيليو الرأي القائل بأن السياسة يجب أن تستند إلى الاهتمامات الأسرية أو رغبات الحاكم، معتبرًا أن الدولة تتجاوز التاج والأرض والأمير والشعب، ولها مصالح واحتياجات مستقلة عن جميع هذه العناصر. وأكد أن فن الحكم يكمن في الاعتراف بهذه المصالح والعمل وفقاً لها، بغض النظر عن الاعتبارات الأخلاقية أو الدينية. وبذلك أعلن ريشيليو مبادئ يقبلها القادة في جميع أنحاء العالم الآن كمسلمات في فن الحكم.

وعبر التاريخ، شكّلت المعاهدات أداةً أساسيةً في فن الحكم والدبلوماسية. ولأن المعاهدات هي اتفاقيات بين دول مختلفة، تُبرم غالبًا في نهاية نزاع، فإنها تُعيد صياغة الحدود والاقتصادات والتحالفات والعلاقات الدولية بشكل جذري. 

معاهدة "توردسيلاس"

ففي عام 1494 وُقعت معاهدة "توردسيلاس" التي قُسِّمت بموجبها الأراضي المكتشفة خارج أوروبا بين البرتغال وإسبانسا على طول خط طول يمر بما يُعرف الآن بشرق البرازيل.

تعد معاهدات صلح وستفاليا نقطة تحول حاسمة في تاريخ أوروبا والعلاقات الدولية- موسوعة بريتانيكا
تعد معاهدات صلح وستفاليا نقطة تحول حاسمة في تاريخ أوروبا والعلاقات الدولية- موسوعة بريتانيكا

وفي البداية، كانت المعاهدة لصالح البرتغال، حيث اغتنت بفضل طريق التجارة بين أوروبا وآسيا. ومع ذلك، على المدى البعيد، تفوقت إنجلترا وهولندا على البرتغال في هذه التجارة. واستحوذت إسبانيا على إمبراطورية ضخمة ومكتظة بالسكان في أمريكا اللاتينية، واكتشفت لاحقًا ثروات معدنية هائلة هناك.

وفي نهاية المطاف، جرى تجاهل المعاهدة من قبل الدول الأخرى التي  لم تكن طرفًا بما في ذلك إنكلترا وهولندا وفرنسا.

صلح وستفاليا 

وتعد معاهدات صلح وستفاليا نقطة تحول حاسمة في تاريخ أوروبا والعلاقات الدولية. وصلح وستفاليا هو اسم معاهدتي سلام جري توقيعهما  في أكتوبر/تشرين الأول عام 1648 في مدينتي أوسنابروك ومونستر في منطقة وستفاليا بألمانيا. أنهت  المعاهدتان حرب الثلاثين عامًا  في الإمبراطورية الرومانية والتي امتدت بين عامي 1618 و1648، وحرب الثمانين عامًا بين إسبانيا والجمهورية الهولندية، بحسب الموسوعة السياسية.

وُقّعت المعاهدة الأولى بين الامبراطور الروماني وملك فرنسا في مونستر،  والثانية في أوسنابروك بين الامبراطور وملك السويد. وقد شارك في صلح وستفاليا مجموعة من الأطراف: الإمبراطورية الرومانية (الإمبراطور الروماني فرديناند الثالث)، مملكة إسبانيا، فرنسا، الإمبراطورية السويدية، ملوك الإمبراطورية الحرّة في معاهدة وستفاليا.   وتضمنت المعاهدة إقرار المذهب البروتستانتي كعقيدة معترف بها إلى جانب الكاثوليكية، الأمر الذي أنهى الصراع الديني ولو تدريجيًا. 

كما اعترفت المعاهدة بالمذهب الكلفيني وتمتع ااتباعه بالحرية الدينية، وأعطت رجال الدين البروتستانت ما تم انتزاعه منهم من أملاك قبل عام 1624. كما تركت الحرية للأفراد باختيار الدين الذين يريدونه. 

ومثّلت إعلانًا رسميًا عن استقلال هولندا وسويسرا ورسكت جغرافيا جديدة لكل من السويد وفرنسا. وقد أضعفت تلك المعاهدة الإمبراطورية الرومانية المقدّسة، إذ قٌلص دولر البابا وتراجعت مكانة الكنيسة كثيراً خاصة بعد تنازلها عن الكثير من أملاكها.

وبوجب المعاهدة، ظهر التمثيل الدبلوماسي، وتبادل السفراء الذي أصبح عرفًا شائعًا حيث أصبح تعامل الدول مع بعضها قائمًا على أساس المساواة والسيادة. 

كما أرسى صلح وستفاليا بعضًا من أهم مبادئ النظام الدولي ولاسيما مفهوم السيادة الإقليمية، حيث أن كل دولة مسؤولة وحدها عن القانون والنظام، والضرائب والسكان في أراضيها. كذلك مثل المعاهدتان اعترافًا بحق كل دولة في تنظيم شؤونها الدينية والسياسية الداخلية الخاصة بها. 

دبلوماسية القرن الثامن عشر

وخلال الحروب ومؤتمرات السلام العديدة في القرن الثامن عشر، سعت الدبلوماسية الأوروبية جاهدةً للحفاظ على التوازن بين خمس قوى عظمى: بريطانيا، وفرنسا، والنمسا، وروسيا، وبروسيا. 

ومثل القرن الثامن عشر عصر التنوير والذي تميّز بحركة فكرية وثقافية أكدت على العقلانية والفردية وحقوق الإنسان. وقد أثر مفكرون مثل لوك وروسو ومونتسكيو بعمق في الفكر السياسي وألهموا الثورات. 

تأسست عصبة الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الأولى- أرشيف الأمم المتحدة
تأسست عصبة الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الأولى- أرشيف الأمم المتحدة

وكانت الثورة الأميركية التي جرت بين (1775-1783) قد استُلهمت من مُثل عصر التنوير، حيث أعلنت المستعمرات البريطانية الثلاث عشرة في أميركا الشمالية استقلالها وشكلت الولايات المتحدة الأميركية، مؤسسة جمهورية قائمة على مبادئ الحكم الذاتي.  وقد أنهت معاهدة باريس  التي وُقعت في عام 1783، وهي أقدم معاهدة وقّعتها الولايات المتحدة ولا تزال سارية المفعول، الثورة الأميركية وأسست الولايات المتحدة. 

فلم ترغب فرنسا وإسبانيا، حليفتا أميركا، في أن تُبرم الولايات المتحدة سلامًا منفردًا. كان الفرنسيون يأملون أن تكون أميركا دولة صغيرة وضعيفة بين المحيط الأطلسي وجبال الأبلاش، مع احتفاظ البريطانيين بالأراضي شمال نهر أوهايو، وسيطرة الإسبان على دولة عازلة جنوبًا.

وفي المقابل، رأى البريطانيون أن وجود أميركا قوية وناجحة اقتصاديًا يصب في مصلحتهم ويتعارض مع المصالح الفرنسية، فأقنعوا بمنح الولاية الجديدة جميع الأراضي حتى نهر المسيسيبي، بالإضافة إلى حقوق الصيد في كندا. وقد مكّن هذا الولايات المتحدة لاحقًا من التوسع غربًا لتصبح قوة قارية عظمى.

كذلك مثّلت الثورة الفرنسية (1789-1799) فترة من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية الجذرية في فرنسا أطاحت بالملكية، وأسست لجمهورية، وأدت في النهاية إلى الحروب النابليونية التي قامت بين عامي 1803 و1815 وقادها نابليون بونابرت. وقد ساهمت تلك الحروب بإعادة. تشكيل الخريطة السياسية لأوروبا وكان لها تداعيات عالمية.

مؤتمر فيينا 

انعقد مؤتمر فيينا في نهاية الحروب النابليونية، وأحدث تغييرًا جذريًا في أوروبا. وُقّعت خلاله عدة معاهدات، أهمها معاهدة أخرى تحمل اسم معاهدة باريس عام 1814. 

اكتسب مؤتمر فيينا شهرةً خاصة نظرًا لنجاحه. فبينما انتقده بعض المؤرخين اللاحقين ووصفوه بأنه "رجعي"، إلا أنه حال دون اندلاع حرب أوروبية كبرى لمئة عام، بحسب موقع "ناشونال انترست".

وخلال القرن التاسع عشر، شهد العالم سلسلة من التحولات السياسية، وتغيرت معها الدبلوماسية. ففي أوروبا، انتقلت السلطة من البلاط الملكي إلى الحكومات. واستُبدل الملوك بالوزراء في الاجتماعات الدولية، وأصبحت السياسة الخارجية مسألةً سياسيةً متزايدة الديمقراطية. هذا، بالإضافة إلى محو الأمية الجماهيرية وظهور الصحف الرخيصة، جعل من السياسة الخارجية والدبلوماسية محور اهتمام الرأي العام. وهكذا، اكتسبت السياسة الداخلية تأثيرًا متزايدًا على صنع السياسة الخارجية الأوروبية.

الحرب العالمية الأولى وعصبة الأمم 

وقد سرّعت الحرب العالمية الأولى العديد من التغييرات في الدبلوماسية. أشعلت الحرب العالمية شرارة الثورة الروسية عام ١٩١٧، وأسفرت عن نظام قويّ يرفض آراء العالم الغربي، ويستخدم لغةً سياسيةً - بما في ذلك مصطلحات الديمقراطية والدعاية والتخريب - بطرقٍ جديدة. ألغت الحكومة الشيوعية للاتحاد السوفيتي الجديد الرتب الدبلوماسية ونشرت المعاهدات السرية التي وجدتها في أرشيفات القيصر.

وبعد الهدنة التي أنهت الحرب، انعقد مؤتمر باريس للسلام وسط دعاية واسعة، أعلن الرئيس الأميركي وودرو ويلسون برنامجه للسلام في يناير/ كانون الثاني 1918، بما في ذلك "مواثيق سلام علنية" كهدف رئيسي للدبلوماسية في فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى. 

وفي عام 1919، بعد الحرب العالمية الأولى،  تأسست عصبة الأمم المتحدة كمنظمة دولية وذلك بموجب معاهدة فرساي "لتعزيز التعاون الدولي وتحقيق السلام والأمن".

ميثاق الأمم المتحدة

فشلت عصبة الأمم في في التحكيم في النزاعات التي أدت إلى الحرب العالمية الثانية، ما مهدّ لوضع ميثاق الأمم المتحدة كوسيلة لإنقاذ "الأجيال القادمة من ويلات الحرب". قدّم الحلفاء اقتراحًا في وقت مبكر من عام 1941 لإنشاء هيئة دولية جديدة للحفاظ على السلام في عالم ما بعد الحرب.

وبدأت فكرة الأمم المتحدة تتبلور في أغسطس/ آب 1941، عندما وقّع الرئيس الأميركي فرانكلين د. روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل ميثاق الأطلسي، الذي اقترح مجموعة من المبادئ للتعاون الدولي في الحفاظ على السلام والأمن.

استُخدم المصطلح رسميًا لأول مرة في الأول من يناير/كانون الثاني عام 1942، عندما اجتمع ممثلو 26 دولة من دول الحلفاء في واشنطن العاصمة، ووقعوا إعلان الأمم المتحدة، الذي أقرّ ميثاق الأطلسي وعرض أهداف الحرب الموحدة للحلفاء. وفي 25 أبريل/ نيسان عام 1945، انعقد مؤتمر الأمم المتحدة حول التنظيم الدولي في سان فرانسيسكو بحضور 50 دولة ممثلة. 

في 26 يونيو/ حزيران، وُقّع ميثاق الأمم المتحدة، الذي تكوّن من ديباجة وتسعة عشر فصلاً موزعة على 111 مادة، ودعا الأمم المتحدة إلى صون السلام والأمن الدوليين، وتعزيز التقدم الاجتماعي ورفع مستوى المعيشة، وترسيخ القانون الدولي، وتعزيز حقوق الإنسان. الأجهزة الرئيسية للأمم المتحدة، كما هو محدد في الميثاق، هي: الأمانة العامة، والجمعية العامة، ومجلس الأمن، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ومحكمة العدل الدولية، ومجلس الوصاية. وأصبح ميثاق الأمم المتحدة نافذًا في 24 أكتوبر/ تشرين الأول 1945.

اتفاقيات فيينا لتنظيم العلاقات الدبلوماسية

ثم جاءت اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية في عام 1961 لتنظم العلاقات الدبلوماسية بين الدول. وتعتبر هذه الاتفاقية إحدى الركائز الأساسية التي يقوم عليها القانون الدبلوماسي الدولي. تهدف الاتفاقية إلى تعزيز العلاقات بين الدول، وتضع أسس التعامل الدبلوماسي وتؤكد أن البعثات الدبلوماسية الدائمة تنشأ بالرضا بين دولتين. وأوردت المادة الثالة من الاتفاقية وظائف البعثة الدبلوماسية. 

أقرت اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية في عام 1961- مكتبة منظمة الأمم المتحدة
أقرت اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية في عام 1961- مكتبة منظمة الأمم المتحدة

وبحسب ورقة نشرتها مكتبة الأمم المتحدة للقانون الدولي، توفر اتفاقية فيينا إطارًا كاملًا لإقامة علاقات دبلوماسية والحفاظ عليها وإنهائها على أساس الاتفاق بين دول مستقلة ذات سيادة. وتحدد مهام البعثات الدبلوماسية والقواعد الرسمية المنظمة للتعيينات والإعلان عن الشخص غير المرغوب فيه لدبلوماسي قام بجريمة بطريقة ما والأسبقية بين رؤساء البعثات.

وتقدم الاتفاقية امتيازات وحصانات تمكّن البعثات الدبلوماسية من العمل دون خوف من الإكراه أو المضايقات عن طريق إنفاذ القوانيين المحلية ومن الاتصال بأمان بحكوماتها الموفدة. وتنص الاتفاقية على سحب بعثة ما وعلى الإخلال بالعلاقات الدبلوماسية الذي قد يقع ردًا على انتهاك الحصانة أو التدهور الشديد في العلاقات بين الدول الموفدة والمضيفة.

بدأ تنفيذ الاتفاقية بعد تصديق 22 دولة عليها عقب ثلاث سنوات من اعتمادها، وفي يومنا هذا أصبحت جميع دول العالم أطراف فيها. وتعد الاتفاقية مرجعًا لتحديد كيفية التعامل مع المحفوظات والمباني وكبار المسؤولين في عدد كبير من المنظمات الدولية.

وقد شكلت الاتفاقية نقطة أساس للمعاهدات اللاحقة التي تنظم الحصانات والامتيازات. وقد استعين بأحكام هذه الاتفاقية كنقطة انطلاق في صياغة اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية 1963 واتفاقية نيويورك للبعثات الخاصة لسنة 1969. 

وتتضمن اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية 79 مادة وبروتوكول اختياري متعلق بالتسوية الإلزامية للمنازعات. ولا يزال باب الانضمام لهذه الاتفاقية مفتوحًا لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أو في أي من الوكالات المتخصصة أو الدول الأطراف في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية 

وجاءت اتفاقية البعثات الخاصة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 ديسمبر 1969، استجابةً للحاجة إلى تنظيم العلاقات بين الدول التي تتم من خلال بعثات مؤقتة لأغراض محددة، تختلف عن البعثات الدبلوماسية الدائمة المنظمة بموجب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961.

وشملت أحكام الاتفاقية بند يتناول الموافقة المتبادلة بين الدول على إرسال بعثات دبلوماسية خاصة كما فندت وظائف هذه البعثة ورئيسها وأعضائها والامتيازات والحصانات التي تتمتع بها، لضمان سير العمل الدبلوماسي بكفاءة وفعالية.

لكن اتفاقية البعثات الخاصة لم تحظ بنفس القدر من التصديق والقبول العالمي الذي حظيت به اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، رغم أنها شكلت إطارًا قانونيًا هامًا لتنظيم جانب مهم من العلاقات الدولية. 

وفي الختام.. 

على الرغم ممّا قدمته الدبلوماسية، تبقى عاجزة عن منع النزاعات والحروب، فهي ليست عصا سحرية، بل يعتمد نجاحها على على تفاعل معقد من العوامل المتعلقة بطبيعة النزاع، وديناميكيات القوة، وجودة العملية الدبلوماسية، والظروف الداخلية للأطراف المعنية. يُضاف إلى ذلك تضارب المصالح بين الدول وتباين أولويات القوى الكبرى.

تابع القراءة

المصادر

خاص موقع التلفزيون العربي

الدلالات